عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-06-2022, 07:37 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,962
إفتراضي

وتحدث جعفرى عن وجود كمال ظاهرى وباطنى فقال :
"ملاك الكمال الإنساني:
إن للإنسان أو المجتمع نوعين من الكمال (الرشد): أحدهما ظاهر للجميع، والثاني لا يتصف به إلا المؤمنون كما أشرنا إلى ذلك في الفصل السابق. ويتمثل الكمال الأول (الظاهري) في "صفة الجمال" و"صفة القدرة". من الواضح أن الجمال والقدرة هنا هما الجمال المادي والقدرة المادية، فكل من اتصف - فردا كان أو جماعة - بالجمال والقدرة ينال الكمال والرشد المسانخ لهاتين الصفتين.
لكن هذين الوصفين: "الجمال" و"القدرة" ترفضهما الرؤية القرآنية رفضا باتا، يقول القرآن الكريم: (قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون) المائدة/ 100، ويقول أيضا : (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم) المنافقون/4، و قال تعالى: (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) التوبة/55، ويقول أيضا: (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى) طه/131.
الخلاصة:
إن ملاك الكمال والرشد الإنساني (الفردي والاجتماعي) لا يتمثل في الجمال والقوة الماديين، بل يتمثل في "الإيمان" بالكمال المطلق وما يتصل بالكمال المطلق من شؤوناته وتجلياته، وبفضل هذا النور الإلهي يصل الإنسان إلى رشده وكماله المطلوب - القرب الإلهي-، سواء كان في جامعة إنسانية أو في عزلة عن غيره."
ومما سبق يتمثل كمال الإنسان عند الرجل في الإيمان
وتعرض جعفرى للقسم الثانى وهو المجتمع الإنسانى فقال :
"القسم الثاني:
المجتمع الإنساني في الرؤية القرآنية
1 - السنن الكونية:
إذا تأملنا في مفاهيم القرآن فيما يتصل بالتكامل الاجتماعي، نجد أن هذا التكامل تحكمه قوانين لا يحيد عنها بحال من الأحوال. و تتمثل هذه القوانين في سنن كونية حاكمة على كل مفردة من مفردات الوجود، سواء كانت مفردة بمعزل عن الأخريات أو في إطار جماعة و في تماس مع باقي المفردات. نلمح هذه الحقيقة في قوله تعالى: (إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا، لقد أحصاهم وعدهم عدا) مريم/ 93 - 94، وفي قوله تعالى: (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين) يس/ 12، وفي قوله تعالى: (وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) الحجر/21.
فيظهر من الآيات التي سقناها أن كل ظاهرة وجودية ــ فردية أو جماعية ــ تخضع لقانون وسنة كونية، وكل اعتلاء وسقوط يتم وفق قانون حاكم لا يختلف ولا يتخلف، وثمة آيات تبين الحقيقة السابقة نفسها فيما يتصل بالحضارات والأمم والمجتمعات، من قبيل قوله تعالى: (ما تسبق من أمة أجلها وما يستاخرون) الحجر/5، والمؤمنون/ 43، و قوله تعالى: (وتلك الأيام نداولها بين الناس) آل عمران/140.
2ـ علل اعتلاء المجتمعات وسقوطها:
بينا في ما سبق أن الظواهر الإنسانية في بعديها: الفردي والاجتماعي تخضع لقوانين وسنن حاكمة ومسيطرة لا يمكن التخلص منها، وهي حقيقة ثبتتها الرؤية القرآنية نفسها. والآن نأتي لنرى في الرؤية نفسها ما هي العلل الأساس التي تقع وراء قيام الحضارات و سقوطها.
يظهر حين التأمل و النظر في بعض الآيات الكريمة أن علل سقوط المجتمعات و نهوضها ترجع في النهاية إلى الناس في حد ذاتهم، يقول الله تعالى: (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الأنفال/ 53، ويقول أيضا: (إن الله لا يغير ما
بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد/11، وفي آية أخرى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ... ) الأعراف/96.
ويظهر من طائفة من الآيات أن علل سقوط واعتلاء الأمم ترجع إلى المجتمعات نفسها، يقول تعالى: (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم) البقرة / 134و141.
ومن هنا، يمكن لنا استخلاص النتائج التالية:
أ- إن علل التغيرات والتحولات الاجتماعية تكمن في حقيقة الإنسان.
ب- إن العامل المحرك والمغير للتاريخ هو نفس الإنسان.
ج- إن المجتمعات تشبه كثيرا الفرد الإنساني كما يظهر من قوله تعالى: (كل نفس بما كسبت رهينة) المدثر/37، وقوله تعالى: (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم) البقرة / 134و141."
ومما سبق نجد أن الرجل يقول أن الناس هو سبب نهوضهم وهم سبب سقوطهم
وطرح تقى جعفرى إشكالية ناتجة من تقاسيمه وكلامه الغير مبنى على الوحى فقال :
"تبصرة:
يمكن أن يأتي في الذهن هذا السؤال:
إن الظواهر الكونية والاجتماعية على قسمين:
أ ــ ظاهرة تخضع لاختيار الإنسان، وظاهرة ضرورية لا دخل للإنسان في تحققها ووجودها. وعلى هذا، لمن ننسب السقوط والنهوض، للقسم الأول أو القسم الثاني؟
من الواضح أن عوامل السقوط والارتفاع مرتبطة بالأفعال الاختيارية، ولا علاقة لها بالظواهر الحتمية الاضطرارية، لكن الإشكالية تكمن في جهة أخرى، وهي أنه من الصعب تصور حركة اختيارية لمجتمع ما، فهل هي "فعالية اختيارية" لجميع الأفراد أو لبعض منهم؟ وغير خفي: إننا لم نر إلى الآن تحركا اختياريا لمجتمع ما بحيث يشمل جميع أفراده شريطة أن يكون تحركا واعيا قادرا بغية الوصول إلى حل للإشكالية السابقة، نحتاج إلى التأمل قليلا في مكونات الفرد الإنساني، حيث نجده متشكلا من جزئيات متعددة: رجل، رأس، ظفر، لون، ضحك، بكاء ... ، والأمر الذي يشكل حقيقة الفرد الإنساني هو مكونات تخضع لها هذه الجزئيات، ويمكن إرجاع هذه المكونات إلى ركنين أساسيين:
إحداهما: العقلانية.
ثانيهما: الوجدان (العاطفة).
فالعقلانية (التعقل) والوجدان (العاطفة) في تفاعلهما وتعاونهما على مستوى حقيقة الإنسان، يحددان عوامل الاعتلاء والسقوط. وهنا يثار السؤال الأساسي: من يضع المكونات لحقيقة الإنسان على الصراط المستقيم والمسلك الصحيح؟
للإجابة على السؤال الأساس، نرى أن الرؤية القرآنية تطرح حقيقة في غاية الأهمية والخطورة، وهي أن الأمة أو الجماعة لا يمكن لها التحرك اختياريا نحو التغيير إلا إذا حرك أفراد خارقيين للعادة عقلانيتها ووجدانها نحو هدف خاص، ونلمح هذه الحقيقة في قوله تعالى: (إن إبراهيم كان أمة قانتا ) النحل/120."
وهذا الكلام به خطأ ظاهر وهو اعتبار العاطفة وهى الوجدان مضاد العقل بينما مضادها في القرآن هو الشهوات وهو ما سماه في أول الكتاب عبادة الإنسان لنفسه فالعواطف كالفرح والسرور والحنان والسخط هى نواتج لعمل العقل أو لعمل الشهوات عندما يسيطر أحدهما على الفرد
وكلمتى العاطفة والوجدان لا وجود لهما في كتاب الله
وانتهى تقى جعفرى إلى التالى :
"فالخلاصة، أن المجتمع له بعدان:
الأول: ثبات المجتمع: وهذا يرجع إلى الشخصيات التي تمثل أئمة لأفراد الأمة الواعية العاقلة، فهي التي تحرك المجتمع نحو الاعتلاء أو السقوط.
والثاني: تغير المجتمع: وهذا يرجع إلى أفراد الأمة، بوعيها وفعاليتها وإعمال اختيارها في حركتها نحو الكمال والازدهار."
والمعروف فى القرآن كإجابة على سؤال النهزض والسقوط هو :
أن السقوط سببه اتباع المجتمع لمن يسميهم السادة والأكابر بدلا من طاعة الله وفى هذا قال تعالى في سبب دخولهم النار :
" نصيرا يوم تقلب وجوههم فى النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب وإلعنهم لعنا كبيرا"
فسبب السقوط طاعة الكبار وسبب النهوض طاعة الله والرسل
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس