زينب
أخواتي و أخواني..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..
قصّتي اليوم ليست عن شئ حدث لي إنما عن حدث عايشتُهُ. و فيها الكثير من الدموع و الحقد الطائفي الأعمى الذي ألم بالعراق فأحرق الأخضر و اليابس.
قصتي اليوم عن إمرأةٍ أسمها "زينب". زينب كانت متزوجةً من رجلٍ يعمل حارساً في مدرسةٍ تقبع في أحد الأحياء ذات الأغلبية الساحقة لأحد المذهبين المتصارعين على السلطة في العراق. و كانت زينب و زوجها من المذهب الآخر.
قتلُ مسلحون مجهولون زوجها دون سببٍ واضحٍ في وقتٍ عصفت فيه ريح الطائفية المقيتة في العراق و قُتل بين رحاها الكثيرون. و بما أن لزينب ثلاثة أطفالٍ صاروا أياماً أكبرهم بنتُ في الرابعة عشرة و أصغرهم ذكرٌ لم يتجاوز العام و نصف العام، أصرت زينب على البقاء للقيام بعمل زوجها في المدرسة ليتسنى لها أن تُطعم أطفالها من حلال رزقها.
خرجت في يوم زينب لقضاء حاجةٍ في المنطقة القريبة على المدرسة، و تأخرت في العودة لأطفالها. بعد عدة ساعاتٍ خرجت بنتها الكبرى مصاحبةً لأخويها الصغيرين بحثاً عن أمهم. و سأروي لكم باقي القصة بكلمات بنتها الكُبرى:
"في شارعٍ قريب من المدرسة وجدتُ أمي مرميةً قريب الرصيف مضرّجةً بدماءها. هرعنا إليها و الدموع تتساقط منا دون شعور. وجدناها و قد فارقت الحياة و على جسدها آثارٌ لعدد كبير من الإطلاقات النارية. أخذ أخوتي بالبكاء و رحتُ أطوف الشارع أسأل عما حدث. أخبرني صاحب محل قريبٍ أن سيارة فيها ثلاث رجالٍ مسلحون اوقفوها و رموها بالرصاص حتى فارقت الحياة قبل عدة ساعات. و لم يتجرأ أحد من المارة أن يقترب منها أو حتى يغطيها بشئ ما ليستر جثتها.
عدتُ إلى أخويّ و أنا لا زلت لا أصدق أن الشخص الوحيد الذي تبقى لنا بعد أبي قد رحل أيضاً. ماذا سأفعل الآن؟؟ كيف سأطعم أخوتي..؟؟!!
وسط بكائنا و دموعنا، إستمر أخي الصغير بالقول: لا تتركيني يا أمي ..أريدك أن تعودي الآن..!!
ثم أخرج ثديها من ردائها و أخذ يرضع منه و يقول: إني جائعٌ يا أمي..متى ستحضرين الغداء؟؟"
عفواً اخواتي و أخوتي..لا أستطيع إكمال القصة الآن..و أعتقد أن ما قيل يكفي..