عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 12-02-2010, 08:54 AM   #3
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
Cool ما رأيكم ؟

وإذا كانت أداة وفعل الاحتمال من جهة والفعل المضارع من جهة أخرى أحد أبرز محاور هذه القصيدة ، فمن جهة ثالثة نجد أن حرف السين المفيد للاستقبالية أدى دورًا واضحًا في التدليل على هذه الواقعية في الحلم والمنطقية في الشك.

فالأشعار التي ملأت ساحة الخمسينيات والستينيات كانت أشعار السوسوة إذا صح اللفظ أو التسويف ، كانت مقترنة بالأداة سوف ، أو السين المفيدة للاستقبال على نحو مزعج وغير مفيد كما نجد في الجملة المعتادة"سنحرق إسرائيل" ،"سوف نلقي بإسرائيل في البحر " وغيرها من الجمل التي عبر عنها شعراء هذه الحقبة الذين اتضح لهم فيما بعد خيالية هذه التصورات .

عبر هذه القصيدة التي بلغت ثلاثين بيتًا ، كل بيت منها بسنة، نجد أن هناك ثلاثة أفعال تفيد التسويف فقط "سينهمر،ستركض،سأزرع" وذلك في الأبيات:

سينهمر المسك يا صاحبي

فقل للينابيع إن الظـــــــــباء

ستركض حتى فناء الشهود

ونركض حتى شهود الفناء

ثم البيت الذي لم يتصل بما سبقه :

سأزرع في كل شبر عراقًا

يرحـــــب بالأهل والأصدقاء

إن الشاعر متمسك بالأمل ومؤمن بوجود المستقبل المشرق بإذن الله لذلك أضاف سين الاستقبال وهي التي تأتي للمضارع سأفعل كذا وكذا.

وهنا نجد هذه الأبيات بها توكيد على المستقبل القادم لكن الشاعر لم يسرف في استخدامها ليسوسو ويسوّف حتى يبدو كطفل يتوعد النمر بالقتل والتمزيق !!

هذه المحور الثالث يدل على التوازن في الرؤيا التي وإن كانت آملة إلا أنها ليست خيالية حالمة في عصر لم يعد فيه للأحلام المثالية ولا العبارات المثالية وجود.

والملاحظ على الأفعال ينهمر ،تركض،أزرع أنها أفعال تعبر عن الحيوية والنشاط ، فالمسك سينهمر وهو النصر الذي يستخرج من الظباء أي أن الشعوب هي تلكم الظباء التي سيأتي المسك\النصر منها وتعمد التسويف وذكر كلمة سينهمر لإيمانه بأن الوقت لم يحن بعد أو أن النضال لم يكن بالشكل الذي يمكن معه القول بأن المسك بدأ ينهمر وأن الظباء بدأت تركض. وهذه الظباء ستركض والركض هنا ليس ركضًا هروبيًا وإنما هو ركض هجومي ؛لأن تلكم الظباء لا تركض إلا لتغرر بالذئاب حتى تسقط في الفخاخ التي نصبتها لها بجمالها ومنظرها البراق لنرى فعل الظبي بالذئب مع الاعتذار للشاعر القائل(فعل الظبي بالأسد)

ونرى أن الشاعر ذكر الركض الذي يستمرحتى شهود الفناء فناء الاحتلال ولم يذكره صراحة لفجاجته . والدليل على طبيعة هذا الركض نجده في الجملة (تتبل بالسم هذا الشواء) مما يجعل الظباء حية أو ميتة أداة مقاومة إما بالتغرير بالعدو وإما بالاستشهاد.

لم نجد شاعرنا يقول إننا أمسينا على موائداللئام وإنما نجد الموائد مسمومة ليكون احتمال الهلاك للاحتلال متأكدًا في كل مرحلة من مراحل النضال والذي يصبح حقيقة عند البيت :

سأزرع في كل شبر عراقًا

يرحب بالأهل والأصدقاء

ليأتي الاستقلال باديًا في أروع أشكاله ،تلك النخلة التي هي رمز للعراق عبر امتداد الزمن والتي لم تشتهر بشيء اشتهارها بها ، وإن كان هذا لا يعفي من المساءلة للشاعر عن التقريرية في هذه الجملة وغيرها من العبارات التي وردت كأنها لإكمال النقص في الوزن أو القافية.

وبعد أيها القارئ ، فها أنت ذا تطلع على درة من فرائد الشعر العربي ،وقد سطعت براهينها على هذا المنحى السليم الذي ينحوه الشاعر إذ لا يقف في صف المتخاذلين المستسلمين ولا صف الحالمين المخدرين بحلم المد العربي ، وإنما هوشاعر يؤمن بدور الشعر في معركة النضال وسمو رسالته.
ومن هنا يمكنكم سماع القصيدة مكتملة

http://www.youtube.com/watch?v=vO7P9TMK2bM
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس