عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 16-01-2004, 02:37 PM   #26
النقيب
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2003
المشاركات: 1,176
إفتراضي

أولا: الموضوع شيق فعلا، ولذلك أحببت أن أعقب عليه مختصرا للأفكار التي تضمنها مع إعطاء الرأي به فأول ما يبتدر اليّ أنه من الرائع ما ابتدأ به يتيم الموضوع بقوله: [لا أظن اثنين يختلفان في فضل العثمانيين (خلافةً أو دولة) على الأمة الإسلامية]، ولكن في الوقت عينه أستغرب الحكم على قرون من الحكم بكلمات قليلة...
أما في الإجابة على سؤاله الأول ونصه كالتالي: [أكانت خلافةً أم احتلالاً؟] فالجواب –بلا شك- إنها لم تكن احتلالا بل كانت خلافة اسلامية ودولة اسلامية بلغت من العز والسؤدد والمجد مبلغا كبيرا ولعلنا نـجد هذا في مثل سيرة السلطان محمد الفاتح رحمه الله ما يدل اظهر الاستدلال على ما نقول، وبما ان السلطان محمد الفاتح اشهر من نار على علم نأخذ قسما موجزا من سيرة غيره من سلاطين العثمانيين لكي يشاركني القراء بالرأي وأذكر شيئا من سيرة السلطان الغازي ضياء الدين بايزيد خان الثاني ابن السلطان محمد الفاتح كما جاءت على لسان مفتي بيروت الاسبق سـماحة الشيخ عبدالباسط الفاخوري رحمه الله رحمة واسعة حيث يقول:


السلطان الغازي ضياء الدين بايزيد خان الثاني
ابن السلطان محمد خان الفاتح


[CELL=filter:;]
وهو من أعيان السلاطين العظماء وما كان همه إلا الجهاد وكان ذو هيبة شديدة, تفرع من شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تزينت باسمه رؤوس المنابر وتوشحت بذكره صدور المنائر وهو الذي بنى بمدينة أدرنة على شاطئ النهر جامعا ومدرسة وفتح قلعة (كلي) وقلعة (آق كرمان) وقلعة (ملوان) وقلعة (طرسوس) وقلعة (نفشة) وقلعة (كولك).
وفي سنة 893 أمر ببناء الجامع بقرب دار السعادة العتيقة بمدينة قسطنطينة.
وفي سنة 895 سار بعساكره فاستولى على قلعة (اينه بختي) وقلعة (متون) وقلعة (ترون).
كان رحمه الله ملكا ً جليلا ً جميلا ً كبيرا ً عالما ً ورعا ً مجاهدا ً مرابطا ً, بنى المساجد والمدارس والجسور وفتح الفتوحات.
عاش سعيدا ً ومات شهيدا ً, حكي عنه أنه كان يجمع في كل محل نزل فيه من غزواته ما على بدنه وثيابه من الغبار ويحفظه فلما دنا أجله المحتوم أمر بذلك الغبار فضرب لبنة صغيرة وأوصى بأن توضع معه تحت خده في القبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار) كما روى البخاري في صحيحه كتاب الجمعة وفي الجهاد.
[/CELL]


كل هذا ومثله، وفوقه الكثير، يجيب على سؤال يتيم الثاني لما قال: [أم أن زوالها كان انتكاسةً حقيقيةً وتاريخية للمسلمين؟] لذا أوافق الأخ مـحمد ب في قوله: [والإجابة عليه في الحقيقة تستلزم أبحاثاً طويلة عن السلطنة العثمانية] إلى هنا أوافقه فالاطلاع والتوسع في الاطلاع في مثل هذا المقام امر جليل إلا أن المساوئ تكاد لا تجد لها محلا مقارنة بالمحاسن، أما ما يعود لزمن التقهقر فالمسؤولية فيه لا تقع على فرد هو السلطان بل على المجتمع بعمومه والذي ابتعد عما اوصله الى تلك المكانة العظمى، ولعلي اذكر في هذا المقام بيت شعر تلاه بعضهم امام سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأعجب به وبيت الشعر يقول:

أبي الإسلام لا أب لي سواهُ ... وإن فخروا ببكر أو تميمِ


وبعد قراءتي لمداخلة محمد ب ارى ان اقول انه من المهم ان نحب ونظهر الحب لهذه الدولة التي رفعت راية لا اله الا الله بكل عنفوان وصلابة في وجوه الحاقدين الطامعين، لا سيما بوجه اولئك الذين خرجوا بفكرة القوميات التركية والعربية وغيرها من معاهد دراساتهم في أوروبا بغية ضرب لحمة المجتمعات الاسلامية.
وردا على اخي محمد ب فإني أرى ان المشروع الحضاري للدولة العثمانية تجلى في الاكتشافات العلمية التي بقيت رائدة لسنوات طويلة في الدولة العثمانية فكان مهندسوها –على سبيل المثال- شديدي الاهتمام بالمبادرة العلمية الهندسية كذلك في مجال الصناعة العسكرية في العصور الاولى من عهد الدولة لا سيما البحرية منها حتى ان السلاح البحري كان متفوقا بدرجة كبيرة في اكثر من عهد من تلك العهود وهو الامر الذي ساعد كثيرا في استتاب الامر للدولة في بلاد بعيدة عن اسطنبول في فترات معينة والامر يستحق البحث والتوثيق اكثر واكثر وفي راسي نثرات متفرقة من هذا أعد نفسي ان اعمل على جمعها في وقت لاحق باذن الله، بكل حال ان المشروع العسكري الناجح لم يكن لينجح يا اخي محمد ب لولا تضافر التفوق العلمي في المجالات الاخرى.


لذلك فان من الصحيح قولك: [وقد قاد الانهيار الحضاري الذي حصل في القرون الأخيرة إلى انهيار المشروع العسكري أيضاً مع النهضة الأوروبية الهائلة]، ولكن هذا أيضا لا نحمل مسؤوليته لسيدي السلطان عبدالحميد رحمه الله فقد تسلطن رحمه الله على جروح وتراجع كبير في أكثر من ميدان وفي زمن تكالبت فيه المكائد والمؤامرات ضد الدولة العلية.


أما الاخ الرمادي فقد أثار إعجابي في الكثير من كلامه ويكفي ان اشير الى قوله: [العثمانيون مساحة مباركة في زمن المسلمين] لأكشف مدى ثقافته العالية في هذا المجال فكلمته هذه دقيقة بشكل كبير جدا وخالية من شوائب تأثيرات المناهج التي وضعها الاستعمار بأيدي القومية المدعاة آنذاك، وأثمن بعض مداخلاته التي احتوت سردا تاريخيا موجزا من الممكن ان يستفيد به القارئ عنوانا لبحثه ليزداد اطلاعا فبارك الله فيه.
وليس يفوتنا ان نوه الى كلمته الذكية: [أما العالم الذي نقول عنه أنه عربي فهل بعد أن تركه العثمانيون صحا واستيقظ].
وأؤكد على أمور اخرى وردت في كلماته فنحن لا زلنا نعاني –كأمة- من آثار مخلفات ما أثر مذ ذاك سلبا على الدولة العلية ولا داعي لكثير من التكرار فالجهات التي نعنيها معروفة بل لا شيء غيرها معروف في السياسة اليوم.

كل هذا يجعلني استغرب ان يقدم يتيم على حصر ايجابيات مئات من السنين في أمور ثلاثة


1-) فتح القسطنطينية.
2-) حفاظهم على وحدة المسلمين وحمايتهم لدولة الإسلام.
3-) موقف عبدالحميد من إقطاع جزء من فلسطين لليهود.


فأين الفتوحات التي تـجاوزت القسطنطينية ولا تزال آثارها راسخة في تلك الأرض في البوسنة وبلاد أوروبا الشرقية وغيرها الكثير من الفتوحات الجليلة، وأين مشاريع الصلة بين الأقطار الإسلامية وأين توحيد البلاد الإسلامية تحت الراية الموحدة وأين السلطان القدوة وأذكر في هذا المقام جزءا من وصية السلطان الغازي عثمان خان الأول الأشعري بن الأمير أرطغول أصل هذه الشجرة الطيبة العثمانية لما قال فيها: [أولا ً تمسك في كل أمورك بالشريعة الغراء وشاور في المهمات أهل الرأي والدهاء, ثانيا: أعط كل ذي حق حقه من التكريم والإنعام من الخواص و العوام لا سيما العلماء الأعلام الذين هم دعائم دين الإسلام لتكون مظهرا لما قيل: (خير الناس من ينفع الناس), ثالثا: حيث أنك خليفتي من بعدي فتنبّه لما هو أعظم ركن من أركان هذا المقام وهو التعظيم لأوامر الله والشفقة على خلق الله, واطلب النتائج الخيرية من إعلاء كلمة الله والغزو لوجه الله انتهى]
وأين مثل السلطان أورخان الأول الذي فتح الكثير من الامصار وصيرها دار اسلام
وأين مثل السلطان مراد الاول الذي كان لا يلبس إلا ثوبا ً من الصوف الرقيق الذي يلبسه الفقراء, و كان كثير التقشّف وأين من يقمع البدع –ولا يشعل جذوتها-
وأين مثل السلطان مراد الثاني الذي ما كان همه الا الجهاد في سبيل الله واللائحة تطول وتطول..

ثم ما هي السلبيات التي نريد أن نجلدهم عليها ولا نجلد انفسنا!؟!؟
وهل التخلف العلمي الا بسبب تقصير المتعلمين! وهل قلت مسالك طلب العلم عما كانت عليه في عهد السلف الصالح رضوان الله عليهم!؟ إنما قلت الهمة حتى قيل ماتت الهمم فالمشكلة في المتعلمين ولو لم نخل المسؤولية من الحكم، وبكل حال هذا لم يكن طوال العهد ولعلي أسأل هل كان الحال أحسن في الظروف التي نشأت فيها الدولة العثمانية العلية! من يجيب!؟
أما ما حصل في الحرب العالمية! فقد انتهت وظهرت نتائجها ولنفترض مواقف اخرى لقادة الدولة فإلى أين كنا سنصل! من يجيب!؟ ألم تكن أطماع الانكليز والفرنسيين تحيك المؤامرات منذ عقود لتحتل بلادنا! هل كانت ستتخلى عن أطماعها تلك!
اما مسمى الانغلاق عن العالم الخارجي فلا أدري ما المقصود به مقارنة بالاساليب الاقتصادية التي كانت معروفة في ذلك الزمن!! أما ما حصل في شبه الجزيرة العربية فكان مرده إلى كثرة التمرد خارج الحجاز.
أما أن نحاسب السلطان عبدالحميد بمقياس ما استلمه من سلفه فليس عدلا، فقد تسلطن –كما قلنا- على وضع متدهور بقسوة نتيجة كل تلك الظروف التي حاطت بالسلطنة في ذلك العهد.


[align=JUSTIFY]ونفهم أنك مـحب لاجتماع الأمة، ونحن لا نقول أن حكام العثمانيين كانوا معصومين عن الخطأ ولكنهم كانوا عنوانا كبيرا ونهضوا بالامة لقرون بكل عزم وعنفوان.

ويا ليت الاخ رجب ما قال كلمته التي نصها: [كل الخلافات من بعد سيدنا عثمان بن عفان كانت وبالا على المسلمين والاسلام وسبب تأخر المسلمين باستثناء الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز]، لأنها على التقديرين خطأ، فلو كانت الخلافات جمع للخلافة فلم تكن كلها وبالا على المسلمين بل في الغالب حفظت او سعت في سبيل وحدة الصف وجمع القلوب وإلا فما هو زمن الفتوحات الاسلامية تلك التي امتدت من الصين شرقا الى الاندلس وجبال فرنسا غربا وفيينا عاصمة النمسا شمالا وبلاد الشيشان وداغستان وغيرها من جهة وبلاد افريقية من اخرى!!
كذلك لو كانت على تقدير جمع الخلاف فالعبارة غير سليمة لأن بعض الاختلاف كان فيه رحمة كما قال ابن رسلان الشافعي: [والاختلاف -أي في الفروع بين المجتهدين- رحمة].
النقيب غير متصل   الرد مع إقتباس