عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 30-03-2012, 10:51 AM   #174
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

( الإضافة )


الإضافةُ: نِسبةٌ بينَ اسمين، على تقديرِ حرفِ الجر، توجِبُ جرَّ الثاني أبداً، نحو: (هذا كتابُ التلميذِ. لَبِستُ خاتمَ فِضَّة. لا يُقبلُ صِيامُ النهارِ ولا قيامُ اللَّيلِ إلا من المُخلِصينَ).


ويُسمّى الأوَّلُ مضافاً، والثاني مضافاً إليهِ. فالمضافُ والمضافُ إليه: اسمانِ بينهما حرفُ جَرّ مُقدَّرٌ.


وعاملُ الجرِّ في المضاف إليه هو المضافُ، لا حرفُ الجرّ المقدَّرُ بينهما على الصحيح.


وفي هذا المبحث سبعةُ مَباحثَ:


1- أَنواعُ الإِضافةِ


الإضافةُ أَربعةُ أنواع: لاميّةٌ وبَيانيّةٌ وظرفيةٌ وتَشبيهيَةٌ.


فاللاميّةُ: ما كانت على تقدير (اللام). وتُفيدُ المِلكَ أَو الاختصاصَ. فالأولُ نحو: (هذا حصان عليٍّ). والثاني نحو: (أخذتُ بلِجامِ الفرس).

والبَيانيّة: ما كانت على تقدير (مِن). وضابطُها أَن يكون المضاف إليه جنساً للمضاف، بحيثُ يكونُ المضافُ بعضاً من المضافِ إليه، نحو: (هذا بابُ خشبٍ. ذاك سِوارُ ذَهبٍ. هذه أثوابُ صوفٍ).

(فجنس الباب هو الخشب., وجنس السوار هو الذهب. وجنس الأثواب هو الصوف. والباب بعض من الخشب. والسوار بعض من الذهب. والأثواب بعض من الصوف. والخشبُ بيَّن جنس الباب. والذهب بَيَّن جنسِ السوار. والصوف بَيَّن جنس الأثواب.والإضافة البيانية يصح فيها الإخبار بالمضاف إليه عن المضاف. ألا ترى أنك إن قلت: (هذا البابُ خشبٌ، وهذا السوارُ ذهبٌ، وهذه الأثوابُ صوفٌ) صحّ).


والظَّرفيةُ: ما كانت على تقدير (في). وضابطُها أن يكون المضاف إليه ظرفاً للمضاف. وتفيدُ زمانَ المضافِ أَو مكانَهُ، نحو: (سَهَرُ الليلِ مُضنٍ: وقُعودُ الدارِ مُخْمِلٌ). ومن ذلك أَن تقول: (كان فلانٌ رفيقَ المدرسةِ، وإلفَ الصّبا، وصديقَ الأيام الغابرة). قال تعالى: {يا صاحبَي السّجنِ}.


والتشبيهيّةُ: ما كانت على تقدير (كاف التَّشبيهِ). وضابطُها أن يَضافَ المُشبَّهُ بهِ إلى المشبَّه، نحو: (انتثرَ لُؤْلؤُ الدمعِ على وَردِ الْخدودِ) ومنه قول الشاعر:


وَالرِّيحُ تَعبَثُ بِالْغُصُونِ، وقَدْ جَرَى

ذَهَبُ الأَصيلِ عَلى لُجَيْنِ الْمَاءِ

2- الإِضافةُ الْمَعنَويَّةُ وَالإِضافةُ اللَّفْظيَّة

تنقسمُ الإضافة أَيضاً إلى معنويَّةٍ ولفظيّة.


فالمعنويّةُ: ما تُفيدُ تَعريفَ المضافِ أَو تخصيصهُ. وضابطُها أَن يكون المضافُ غيرَ وَصفٍ مَضافٍ إلى معمولهِ. بأن يكون غيرَ وصف أَصلاً: كمفتاحِ الدَّارِ، أو يكونَ وصفاً مضافاً إلى غير معمولهِ: ككاتبِ القاضي، ومأكولِ الناس، ومشربهم وملبوسهم.

وتفيدُ تعريفَ المضافِ إن كان المضافُ إليهِ معرفةً، نحو: (هذا كتابُ سعيدٍ)، وتخصيصَهُ، إن كان نكرةً، نحو: (هذا كتابُ جلٍ). إلاّ إذا كان المضافُ مُتَوغِّلاً في الإبهام والتّنكير، فلا تُفيدُهُ إضافتُهُ إلى المعرفة تعريفاً، وذلك مثل صغيرٍ ومِثلٍ وشِبهٍ ونظيرٍ، نحو: (جاءَ رجلٌ غيرُك، أَو مثل سليمٍ، أو شبهُ خليلٍ، أَو نظيرُ سعيدٍ)، أَلا ترى أَنها وقعت صفةً لرجلٍ، وهو نكرةٌ، ولو عُرِّفت بالإضافة لَمَا جاز أَن تُوصفَ بها النكرةُ، وكذا المضافُ إلى ضمير يعودُ إلى نكرة، فلا يتعرَّف بالإضافة إليه، نحو: (جاءني رجلٌ وأخوه. رُبَّ رجلٍ وولدهِ. كم رجلٍ وأَولادهِ).
وتُسمّى الإضافةُ المعنويةُ أَيضاً (الإضافةَ الحقيقيّةَ) و (الإضافةَ المحضةَ). (وقد سُميت معنوية لأنَّ فائدتها راجعة إلى المعنى، من حيث أنها تفيد تعريف المضاف أو تخصيصه. وسميت حقيقية لأنّ الغرض منها نسبة المضاف إلى المضاف إليه. وهذا هو الغرض الحقيقي من الإضافة. وسميت محضة لأنها خالصة من تقدير انفصال نسبة المضاف من المضاف إليه. فهي على عكس الإضافة اللفظية، كما سترى).


والإضافةُ اللفظيّةُ: ما لا تُفيدُ تعريف المضاف ولا تخصيصَهُ وإنما الغرَضُ منها التّخفيفُ في اللفظ، بحذفِ التنوينِ أَو نوني التّثنيةِ والجمع.


وضابطُها أَن يكون المضاف اسمَ فاعلٍ أو مُبالغةَ اسمِ فاعلٍ، أو اسمَ مفعولٍ، أو صفةً مُشبّهةً، بشرط أن تضافَ هذهِ الصفاتُ إلى فاعلها أو مفعولها في المعنى، نحو: (هذا الرجلُ طالبُ علمٍ. رأَيتُ رجلاً نَصّارَ المظلومِ. أنصرْ رجلاً مهضومَ الحقِّ. عاشِرْ رجلاً حسَنَ الخُلُق).


والدليلُ على بقاءِ المضافِ فيها على تنكيرهِ أنهُ قد وُصفت به النكرةُ، كما رأَيت، وأنهُ يقعُ حالاً، والحالُ لا تكون إلا نكرةً، كقولك: (جاءَ خالدٌ باسمَ الثَّغرِ)، وقولِ الشاعر:


فَأتَتْ بِهِ حُوشُ الفُؤَادِ مُبَطَّناً

سُهُداً إذا ما نامَ لَيْلُ الهَوْجَلِ

[حوش الفؤاد وحشية، وذلك لحدته وتوقده. مبطناً: ضامر الخصر. والهوجل: الثقيل الكسلان]

وأنه تُباشرُهُ (رُبّ)، وهي لا تُباشرُ إلا النَّكراتِ، كقول بعضِ العرب، وقد انقضى رمضانُ: (يا رُبَّ صائمه لن يَصومَهُ، ويا رُبَّ قائمهِ لن يَقومَهُ).
وتُسمّى هذه الإضافةُ أيضاً (الإضافةَ المجازيَّةَ) و (الإضافةَ غيرَ المحضة).


(أما تسميتها باللفظية فلانّ فائدتها راجعة إلى اللفظ فقط، وهو التخفيف اللفظي، بحذف التنوين ونوني التثنية والجمع. وأما تسميتها بالمجازية فلأنها لغير الغرض الأصلي من الإضافة. وانما هي للتخفيف، كما علمت. وأما تسميتها بغير المحضة فلأنها ليست اضافة خالصة بالمعنى المراد من الإضافة: بل هي على تقدير الانفصال، ألا ترى أنك تقول فيما تقدَّم: (هذا الرجل طالبٌ علماً. رأيت رجلاً نصاراً للمظلوم. انصر رجلاً مهضوماً حقّه. عاشر رجلاً حسناً خلقُه)).


3- أَحكامُ المُضافِ


يجبُ فيما تُراد إضَافتهُ شيئانِ:


1- تجريدُهُ من التَّنوين ونونيِ التَّثنيةِ وجمعِ المذكرِ السّالم: ككتابٍ الأستاذٍ، وكتابَيِ الأستاذِ، وكاتِبي الدَّرسِ.


2- تجريدُهُ من (ألْ) إذا كانت الإضافةُ معنويَّة، فلا يُقالُ: (الكتابُ الأستاذِ). وأمّا في الإضافةِ اللفظيَّة. فيجوز دخولُ (أل) على المضافِ، بشرطِ أن يكونَ مُثنّى، (المُكرما سليمٍ)، أو جمعَ مذكرٍ سالماً، نحو: (المُكرمو عليٍّ)، أو مضافاً إلى ما فيه ( أل)، نحو: (الكاتبُ الدَّرسِ)، أو لاسمٍ مضافٍ إلى ما فيه (أل) نحو: (الكاتبُ درسِ النَّحوِ)، أو لاسمٍ مضافٍ إلى ضمير ما فيه (أل)، كقول الشاعر:


الوُدُّ، أَنتِ المُسْتَحِقَّةُ صَفْوِهِ

مِنّي وإنْ لَمْ أَرْجُ مِنْك نَوالا

(ولا يقال: (المكرم سليم، والمكرمات سليم، والكاتب درس)، لأن المضاف هنا ليس مثنى، ولا جمعَ مذكر سالماً، ولا مضافاً الى ما فيه (ألى) أو الى اسم مضاف الى ما فيه (أل). بل يقال: (مكرم سليم، ومكرمات سليم، وكاتب درس). بتجريد المضاف من (أل)).

وجوَّزَ الفَرّاءُ إضافةَ الوصفِ المقترنِ بأل إلى كل اسمِ معرفةٍ، بلا قيدٍ ولا شرطٍ. والذوقُ العربيُّ لا يأبى ذلك.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس