لقد استطاع الجزائري أن يخلق جوا فريدا من نوعه في عمله فقد يؤجل عمله على حساب الحديث عن ما أكله البارحة أو ما شاهده في التلفزيون ..
فيتحول مكان العمل إلى حظيرة دجاج مئة يتكلمون وواحد ينصت
حتى تطغى أصواتهم على أصوات السيارات في الخارج و صوت بائع البطاطا وهو يبشر" البطاطا خمسة كيلو بعشرينا" والمد في عشرين للحن، فالبائع يصوغ من هذه الجملة آلاف الأغاني في اليوم .
كما تطغى أصوات العاملين على أصوات الأولاد في الشارع الذين حولوا الأرصفة إلى ملاعب لكرة القدم، فلا ينتبه العامل لكل هذه الضجة التي تهز جدران الشارع إلا بعدما يسمع صوت التطام الكرة المصنوعة من كيس الحليب وكومة من الورق في احد نوافذ المبنى، فيهُم اشطر العمال وأكثرهم غيرة على أملاك المؤسسة ليمزق الكرة إربا إربا ويقذف بجملة من الشتائم في وجه طفل قد فر منذ ساعة رميه للكرة فلن يخسر إلا بضع دقائق لصناعة كرة أخرى ارخص بكثير من ثمن الزجاج المكسور...
يتسلل الجزائري قبل نهاية دوامه بربع ساعة أو بنصفها ويخرج من جو العمل المشحون بالتوتر والقلق إلى جو لا يقل أهمية عنه ولكنه يشعره بحرية أكبر في أحضان الشوارع الطرقات، هناك يتكرر المشهد الصباحي بروعته ويعود الجزائري إلى مقوده ليتسلى من جديد عائدا بذلك إلى منزله، غالبا ما يقصد الأسواق العامة لاقتناء بعض حاجيات عشاء دسم ينسيه (تعب) يومه ...
بعد العشاء يتحول الجو المكهرب الذي عاشه الجزائري طيلة اليوم إلى جو هادئ يقضيه المتزوج مع عائلته والأعزب مع الهاتف فيقضي ساعات على خط الهاتف يعبر لمحبوبته عن حبه بكلمات حب حصريا جزائرية وما أروع الحب الجزائري البعيد من كل نوع من أنواع التصنع وبتلقائية رائعة .... كتر خير موبيليس والنيميرو القراتوي ...
وهكذا وعلى كلمات الحب ينتهي اليوم الجزائري ...
عند قراءة العنوان " يوميات شعب متخلف.." تتوقع أن تفاصيل اليوم سوف تكون مملة أو على الأقل مزعجة ولكنك بعد أن تنهي قراءته تتمنى لو كنت جزائري وتحسده على يومه