عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 12-01-2008, 09:43 PM   #2
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[FRAME="13 70"]حيث تمايلت لزوميات المعري)
(ترنمت رباعيات الخيام)
( أين ترتعش أغاني البطولة و تتموج الشعلة النارية الملتهبة في قصائد المتنبي)
( التي نستنشق عبيرها من لوعة المجنون و أغانيه)
لذلك نقول إن التجديد الشكلي الذي سلكه الشابي في هذا النص على مستوى اللغة و على مستوى البناء العام قد عاضده منهج جديد في النظر إلى المواقف الوجودية و مستندا في كل ذلك على منجزات عصره في الكتابة العربية و مستفيدا كذلك من ترجمات الآداب العربية لكن كل ذلك لم يمنعه من التجذر في تراثه القديم.

و النص مازال قابلا للشرح و التمحيص لأنه ثري بالعناصر الموحية …

القصيد الثاني: الدمعة الهاوية

هو تأملات باطنية في الحياة و الموت و مقابلة بين معاني الأمل و الألم على مدى الزمن و يجعل الشابي من القلب و القبر جناسا على مستوى اللفظ و طباقا على مستوى المعنى و القصيد يضم أربع حركات تتخلل الفقرات الأربع حيث تبدأ الأولى :

(انظر يا قلب)

و تبدأ الفقرة الثانية كذلك : (انظر فهناك تلاشت تلك النغمة..)

أما الفقرة الثالثة فهي تبدأ بقوله :

(هنالك انطفأت شعلة الحب…)

فكأنها عود على بدء أو استئناف جديد لنفس الفقرة السابقة…

لكن الفقرة الرابعة و الأخيرة تبدأ كل منهما بقوله :

(هي الحياة التي تجرعك اليوم…)

فكأن الشابي بحركة هذه الفقرة أراد أن يصل بها إلى النهاية المقصودة في قوله :

فما أهون الحياة عند الموت

و ما أهون القلوب عند الحياة

إن صيغة النص قائمة على تقديم ممهد ثم تليه فقرات ثلاث تنتهي كل منها بالفاصلة الواصلة على هذا النحو:

بعد الفقرة الثانية نجد :

فما أجزعك يا قلبي

و ما اجلد القبر

و بعد الفقرة الثالثة نجد :

فما أتعسك يا قلبي

و ما أقسي القبر

و بعد الفقرة الرابعة تأتي الخاتمة

فما أهون الحياة عند الموت

و ما أهون القلوب عند الحياة

فقصيد (أغنية الألم) و قصيد (الدمعة الهاوية)يقومان على نفس المعمار الفني تقريبا و هو يتمثل خاصة في توالي الحركات المعنوية التي تبدأ بالافتتاح لتصل إلى الختام عبر تلاحق و ترابط و ترادف من خلال ترديد بعض الصيغ للفصل و للوصل أيضا ففي هذا المعمار الفني يحقق النص الانسياب و التركيز معا و قد تناول من خصائص النثر الانطلاق والتماهي و قد تناول من الشعر الإيقاع و الإيحاء.

إن ثنائية الشعر و النثر واضحة لدى الشابي فهو يقول في رسالة إلى بعض أصدقائه في نفس هذا المجلد من أعماله.( الجزء الثاني ص 270)

( و قد تناوبتني من ذلك العهد أفكار متنافرة في فترات مختلفة حببت إلى النثر أحيانا و بغضت إلى الشعر ، و قلبت لي ظهر المجن في فينات أخرى، فكرهت النثر وأحببت الشعر، أما الآن فهما خدناي في فجر الحياة و غروبها و بلبلاي في اِبتسامتها و قطوبها وإني وإن كنت إلي الشعر أتوق مني إلي النثر لكنني لا أضن على نثري بعبق من عواطفي و أفكاري).

إن القصائد النثرية التي توصلنا إليها في هذه المجموعة تضم النصوص التالية:

*أغنية الألم بتاريخ 16 رجب سنة 1345 ه

*الدمعة الهاوية بتاريخ 20 صفر سنة 1345 ه

*أيتها النفس بتاريخ 10 ربيع الثاني سنة 1345 ه

*الخريف بتاريخ 30 ربيع الثاني سنة 1345 ه

*الأحزان الثلاثة بتاريخ 8 جمادي الثانية سنة 1344 ه

*بقايا الشفق بتاريخ 19 محرم سنة 1344 ه

*أمام كهف الوادي بتاريخ 20 جمادي الثانية سنة 1344 ه

*كيف يا قلبي بتاريخ 5 ربيع الأول سنة 1345 ه

*الذكرى بدون تاريخ

*النفس التائهة بدون تاريخ

*الشاعر بتاريخ (18/1/48)

*الليل بتاريخ (في صفر سنة 1345)

لذلك تبدو الدعوة إلى نشر نصوص الشابي في الشعر المنثور ملحة حتى يتمكن قراءة الأدب عامة من الاطلاع عليها و حتى يتسنى درسها و اِستجلاء خصائصها الفنية و المعنوية فهذه النصوص المنشورة في (الأعمال) سنة 1984 و لئن كانت أكثر عددا من بقية ما نشر للشابي في نصوص شعره المنثور في بعض المراجع إلا أنها تحتاج إلى طبعة علمية شاملة ليصدر بعدئذ ديوان الشابي في قصيد النثر كاملا.

إن عملا تاريخيا توثيقا محققا بات متأكدا لتراث الشابي في قصيد النثر خاصة و في بقية كتاباته أيضا و لا يكون ذلك إلا ضمن هيئة أدبية علمية مسؤولة و ليس تحت ضغط الظروف و في المناسبات الآنية لأن الرجوع إلى منشورات تلك الفترة و الاطلاع على المخطوطات يصعب على شخص واحد بإمكانياته المحدودة الخاصة، و في اِنتظار صدور هذا المطمح يمكن أن تحوصل الملاحظات التالية التي نستخلصها من تجربة الشابي في الشعر المنثور ذلك الذي وصلنا إليه.

* أولا : تندرج كتابات الشابي في الشعر الجديد الخارج على المقاييس العروضية ضمن حركة تجديدية عارمة في الثقافة العربية في القرن العشرين حاولت أن تؤسس ركائزها في التراث العربي بالربط مع منجزاته البديعة و كذلك بالاستفادة من الآداب الأخرى في العالم الغربي خاصة و اِنطلاقا من تحولات الواقع الوطني و العربي خلال هذا القرن و تعبيرا عن الخلجات التائقة إلى التحرر و الانبثاق حينا و إلى إثبات الذات حينا آخر.

* ثانيا : يمكن أن نلمس بسهولة الصلة بين قصائده النثرية و بين قصائده الأخرى تلك التي حاول فيها التجديد على مستوى التفعيلات و القوافي بحيث أن زمن الكتابة عند الشابي واضح التأثير على نصوصه بما فيه من أحلام و من نكسات أيضا فقد بدأ الشابي منطلقا جامحا ووصل به المطاف إلى الانكسار و الخيبة.

* ثالتا : في القصائد النثرية للشابي خصائص تكاد تكون ثابتة في أغلب نصوصه تتمثل في المعاني الرومنطيقية من حيث الموضوع و تتجسم في القاموس من حيث الكلمات و تتشكل ضمن الترديد و التكرار في مستوى البنية النحوية و على مستوى الإيقاع الصوتي غير أن تشكيل النص على الورقة يجدر به أن يؤخذ بعين الاعتبار لان القصيدة النثرية ذات إيقاع بصري أيضا بحيث لابد لنا أن نتساءل عن إلى أيّ حدّ يمثل النص المنشور على الصحف و المجلات و في الكتب النص الأصلي كما اِقترحه الشابي؟.

إن القراءة هي أيضا يمكن أن تحدد إلى مقدار معين شكل النص و سماته.

المراجع

*الشعر التونسي المعاصر : محمد صالح الجابري – الشركة التونسية للنشر – تونس 1974
*رسائل الشابي : محمد الحليوي – دار المغرب العربي تونس 1966
*الأعمال الكاملة للشابي- وزارة الثقافة تونس 1984 – الجزء 2
*مجلة حوليات الجامعة التونسية 1965 مقال : مشاركة في دراسة أبي القاسم الشابي – توفيق بكار – 135.

.سوف عبيد

]

محطة::. عرض ونقد |
إرسال للأصدقاء | طباعة



يمكنك متابعة آخر التعليقات من خلال تستطيع كتابة تعليق أو تعقيب من خلال موقعك.


تقييم القراء : 1 2 3 4 5

يمكنك التقييم مرة واحدة


6 تعليقات على “الشعر الجديد في تونس ـ 2 ـ”
الهكواتي:

11 يناير 2008 في الساعة 8:27 ص
صباحك فل، وصباح قرّائك مثله وبعد،

شكرا لك يا سوف على هذا الجهد البحثي المتواصل. وإني لعلى رأيك إذ تقول :

“إن عملا تاريخيا توثيقا محققا بات متأكدا لتراث الشابي في قصيد النثر خاصة و في بقية كتاباته أيضا و لا يكون ذلك إلا ضمن هيئة أدبية علمية مسؤولة و ليس تحت ضغط الظروف و في المناسبات الآنية ”

ولكن مثل هذا العمل لا بد له، في رأيي، من مبادر يرفع المقترح ويعرض مشروع البحث والنشر على الدّوائر المختصة بوزارة الثقافة ويسعى إلى تكوين فريق متجانس لتنفيذه. وإني لأراك جديرا بقيادة مثل هذا الفريق. فلتكن لك الريادة. وليكن بحثك هذا مدخلا لتكوين ملفّ في الغرض.
وفقك الله إلى ما فيه الخير
مع أجمل تحياتي
أخوك
سالم

مصطفى ملح:

11 يناير 2008 في الساعة 5:39 م
المبدع سوف عبيد

لقد فعلت خيرا بأن أخرجت للوجود شعر أبي القاسم الشابي المنثور الذي فاجأتني شخصيا قدرته اللافتة على الإدهاش وخرقه للمعاني البسيطة للدوال اللغوية فهو شعر حر بكل حرارته وتوهجه ..
وهذا ليس بكثير على عبقرس اسمه أبو القاسم الشابي ..
نفس الأمر عند الكبير جبران خليل جبران الذي يعتبره أدونيس زعيما للحداثة الشعرية ..
وأحب أن أورد هذا المقطع البديع لأبي القاسم الشابي لأن فيه كل جماليات وكثافة الشعر الحر :
( لم يرتشف من جدول الجحيم
الأجنة النارية
أنشودة الأحزان المرة
الأشعة الساحرة التي تنبت حول جداول الأيام
الزهور النارية المقدسة )
………………………..
أخيرا أقول لك أخي عبيد دمت بهيا
مودتي

مصطفى ملح:

11 يناير 2008 في الساعة 5:46 م
المبدع سوف عبيد

لقد فعلت خيرا بإخراجك شعر أبي القاسم الشابي الذي فاجأني شخصيا بكثافته وعمقه وقدرته على الخرق الذكي للمعاني البسيطة للدوال اللغوية وهذا ليس بكثير على عبقري ة الشابي ..
ولعل الأمر نفسه يصح مع الكبير جبران خليل جبران الذي يعتبره أدونيس زعيما للحداثة في الشعر الحر ..
واسمح لي بهذا الاقتباس للشابي والذي تتوفر فيه كل جماليات الشعر الحر البديع :
يرتشف من جدول الجحيم
الأجنة النارية
أنشودة الأحزان المرة
الأشعة الساحرة التي تنبت حول جداول الأيام
الزهور النارية المقدسة….
…………..
ودمت أخي عبيد بهيا
مودتي

مصطفى ملح:

11 يناير 2008 في الساعة 6:12 م
المبدع سوف عبيد

فعلت خيرا
شعر أبي القاسم الشابي المنثور شعر حر يمتلك كل مقومات الجودة والإدهاش ..
ربما نفس الكلام يقال بخصوص الكبير جبران خليل جبران ..
رحم الله أبا القاسم
لقد كان شمعة تحترق لتضيء للآخرين ..
ودمت أنت بهيا
مودتي

سمير سُحيمي:

12 يناير 2008 في الساعة 12:25 ص
أنرت زاوية حقيقة بالتّأمل والبحث وكشفت وجها من وجوه شعرية الشابي
لا فضّ فوك ولاجفّ مداد ريشتك
تحياتي

حياة الرايس:

12 يناير 2008 في الساعة 8:54 م
الصديق العزيز الشاعر سوف عبيد
دراسة عميقة و جادة في حق الشابي
احييك على هذا المجهود الذي تبذله من اجل التعريف باعلام تونس
دمت بالف خير
و كل نص و انت بخير
حياة
[/FRAME]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس