الموضوع: صور وتعليق
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-01-2006, 02:14 AM   #517
أحمد ياسين
ضيف
 
المشاركات: n/a
إفتراضي

إقتباس:
لسنا من المؤمنين بعجز الحركات الإسلامية عن إدارة الدولة في العالم العربي أو الإسلامي، فهؤلاء الذين يديرونها هنا وهناك ليسوا عباقرة زمانهم لكي لا يتوفر في الحركات الإسلامية مثلهم، كما أن الأطراف الأخرى ذات المصداقية والخبرة لن تقول للإسلاميين "لا" إذا ما عرضوا عليها المشاركة في الحكومة أو السلطة.

نقول ذلك ابتداء لأن هناك من سعى إلى الخلط بين فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية ومسألة الفشل المتوقع والطبيعي للحركات الإسلامية في إدارة الدول لو وصلت إلى السلطة.

ذلك أن زهد حماس في السلطة وعدم سعيها تبعا لذلك نحو تحقيق الغالبية التي تحققت لم يكن بسبب ما ذكر آنفا، وإنما لاعتبارات تخص الوضع الفلسطيني ولا تتوفر في سواه، مع أن حديث بعض قياداتها لا يعترف بعدم السعي إلى الفوز، وهو أمر طبيعي على أي حال.

"
في الحالة الفلسطينية لسنا أمام صراع عادي بين شعبين أو دولتين بل أمام صراع له امتداداته العربية والإقليمية والدولية، إذ إن المحتل هو الشعب الأكثر نفوذا في العالم هذه الأيام، من أجله يقف العالم على قدميه ويستنفر على نحو استثنائي
"
الوضع الفلسطيني يتمتع أو يعاني بتعبير أدق من فرادة تجعله أكثر صعوبة بكثير مما سواه، فنحن هنا لسنا إزاء دولة مستقلة ذات سيادة، حتى بمنطوق السيادة الناقص الذي تعاني منه الدولة القطرية العربية والإسلامية في ظل السيطرة الغربية على العالم.

السلطة الفلسطينية هي في واقع الحال وضع ملتبس بين الدولة المستقلة والدولة أو المنطقة الواقعة تحت الاحتلال، والنتيجة أنها حكم ذاتي تحت الاحتلال.

لكنه ليس حكما ذاتيا يقبل وضعه ويتعايش معه، بل يصارع من أجل الخروج إلى أفق الدولة والاستقلال ومن أجل تحرير ما تبقى من أرضه، وما تبقى للمفارقة هو 98.5% من أرضه التاريخية إذا اعتبرنا أن قطاع غزة قد تحرر، مع أنه لم يتحرر بالكامل، وربما أكثر من 90% إذا اعتبرنا أن ما تتدخل السلطة في إدارته (إدارته وليس سيادته أو شؤونه الأمنية) من الضفة الغربية هو ما يتركه الجدار الأمني الإسرائيلي منها.

في هذا السياق نحن أمام سلطة حكم ذاتي يتحكم الاحتلال بمداخلها ومخارجها، ويتحكم بمائها وكهربائها وحركة أفرادها، لكن ذلك ليس كل شيء، إذ إنه يتحكم بها من النواحي الأمنية ويدخل مناطقها وقتما يشاء ويعتقل ويقتل على النحو الذي يحب.

قدم شلومو غازيت، وهو قائد سابق للاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، في مقال نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية في 17/1/2006، وصفا لوضع السلطة يستحق الإشارة.

قال ما نصه "الحكم العسكري، رسميا، قد انتهى، ولكن الاحتلال العسكري الإسرائيلي بقي إلى الآن ولم ينته، وإسرائيل تواصل العمل والنشاط في المناطق المحتلة، وهي تفعل ذلك الآن دون حدود ودون أي رادع. إضافة إلى ذلك فقد حولت إسرائيل احتلالها للأراضي المحتلة خلال السنوات العشر الأخيرة إلى "احتلال ديلوكس" ليس من ناحية ما يحصل عليه المواطن الفلسطيني منها، ولكن من ناحية الطريقة المريحة التي تدير بها ذلك الاحتلال".

هذه هي السلطة التي يريد البعض امتحان حماس من خلالها إن كانت قادرة على تحقيق المعجزات أم لا؟

لكن ذلك ليس كل شيء، فنحن في الحالة الفلسطينية لسنا أمام صراع عادي بين شعبين أو دولتين بل أمام صراع له امتداداته العربية والإقليمية والدولية، إذ إن المحتل هو الشعب الأكثر نفوذا في العالم هذه الأيام، من أجله يقف العالم على قدميه ويستنفر على نحو استثنائي.

إنه صراع تاريخي معقد، هو الأكثر أهمية بالنسبة للإمبراطورية الكبرى في التاريخ ممثلة في الولايات المتحدة، ليس فقط تبعا لأهمية الدولة العبرية بالنسبة لمصالح تلك الإمبراطورية، وإنما أيضا بسبب هيمنة اليهود، بل الليكوديين من بينهم على القرار السياسي.

"
حماس ستكون أمام مشكلتين أساسيتين، تتعلق أولاهما بإصلاح أوضاع السلطة، أجهزة أمنية ومؤسسات، وتتعلق الثانية بالمقاومة والتفاوض
"
والذي لا يقل أهمية عن ذلك بالنسبة لحركة حماس هو أننا إزاء سلطة بنيت في ظروف استثنائية، لا كما تبنى الدول، فقد بنيت على أساس فصيل واحد يتحكم في كل شيء، وهو الذي يتحكم بالأجهزة الأمنية والمخابرات عموما، فضلا عن الوزارات والمؤسسات.

وعندما نتحدث عن سلطة أقيمت في ظل ظرف استثنائي ورفض عارم لمسار أوسلو الذي أنتجها، ومن قبل فصيل معين، فإننا نتحدث عن سلطة أقيمت على نحو فاسد من رأسها حتى أخمص قدميها، الأمر الذي يؤكد أننا إزاء وضع بالغ التعقيد.