عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 14-02-2010, 12:19 PM   #1
أبو خضر
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2007
المشاركات: 28
إفتراضي شراكة الحركات الاسلامية المعتدلة مع الانظمة الى اين ؟

السبت, 13 فبراير 2010 08:20 </SPAN></SPAN></SPAN>

علاء أبو صالح/عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين

يبدو المشهد السياسي في العالم الإسلامي في ظل حكم الأنظمة الجاثمة على صدر الأمة والموالية لأعدائها مشهداً قاتماً، ويزيد من قتامته تحالف بعض التيارات الإسلامية مع هذه الأنظمة بصورة أو بأخرى.

فقد سعت بعض التيارات إلى مشاركة هذه الأنظمة عملها السياسي التآمري، بلعب دور المعارضة وفق الرؤية الغربية تارة، أو بولوج هذه الأنظمة لتصبح مكوناً رئيسياً منها. لكنها –وللأسف- كانت من حيث أدركت ذلك أم جهلت دعامة لهذه الأنظمة التي لن يكون للأمة منفذ لسبيل عزتها وعودتها خير أمة أخرجت للناس سوى بإزالتها.

فتجارب الحركات الإسلامية في بلدان عدّة في الانخراط في العملية السياسية أسفرت عن نتائج كارثيّة، بل إن المتابع لتلك التجارب يدرك أن هناك أصابع خفية ساقت تلك التيارات للانخراط في اللعبة التي تتحكم القوى الغربية بخيوطها، ويدرك كذلك أن تلك التيارات كانت بمثابة حقل تجارب لمراكز الأبحاث الغربية التي عكفت على دراسة ظاهرة المد الإسلامي المتنامي وكيفية التصدي له، وخلصت أن لا سبيل أمام الساسة الغربيين سوى استخدام ورقة ما بات يعرف بالإسلام "المعتدل" حتى يتم عرقلة مشروع الإسلام النهضوي الذي يقضي بالإنعتاق من التبعية السياسية والفكرية للغرب بل ويدعو إلى حمل الإسلام رسالة هدىً للعالمين.

ونحن إذ نتناول هذا الموضوع نقف عليه من زوايا ثلاث، الأولى ما هو موقف الغرب من شراكة الأنظمة مع التيارات الإسلامية "المعتدلة"، والثانية ما مدى النجاح الذي حققته هذه التيارات، ومن ثم نعرج على آثار هذه التجارب على مشروع الأمة النهضوي وما مدى إسهام هذه التجارب في خدمة أو عرقلة هذا المشروع.

أما موقف الغرب من شراكة الأنظمة مع التيارات الإسلامية "المعتدلة" فقد شهد تقلبات متعددة، أولها اعتماد سياسة ركوب الموجة في التعامل مع التيارات الإسلامية في سبعينات القرن الفائت وهي مما أوصى به الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون واستمرت تلك السياسة لعقود،

وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تبنت أمريكا سياسة الحرب على الإسلام تحت شعار الحرب على الإرهاب دون أن تفرق بين التيارات الإسلامية التي تصنفها "بالمعتدلة" أو "الأصولية"، فوضعت جميع التيارات الإسلامية في سلة واحدة،

لكن فشل سياستها وعدم قدرتها على تحقيق إنجازات تذكر على صعيد الأزمات التي فجرتها تحت مسمى الحرب على الإرهاب دفعها لإعادة التفكير في تلك السياسة مما دعاها إلى العدول عن حربها الشعواء الارتجالية الشمولية، فعمدت إلى التفريق مرة أخرى بين تيار حرصت عليه من قبل وغذته بأسباب الحياة في سبيل وقوفه في وجه تيارات "الأصولية" التي تعادي الحكومات الغربية ولا تسير ضمن مشاريعها،

وللدلالة على ذلك فلقد أصدرت مؤسسة رند -وهي إحدى مؤسسات Think Tanks ذات التأثير الكبير على توجه الطبقة السياسية الحاكمة في أمريكا- تقريراً عام 2008 يدعو إلى بناء شبكات إسلامية معتدلة لتقف في وجه من صنفتهم بالأصوليين والذين وصفهم الباحثون بأنهم قويو الحجة والبرهان، ودعا التقرير إلى " أن يكون بناء شبكات إسلامية معتدلة هدفا معلنا وصريحا في برنامج الحكومة الأميركية" واعتبر "أن بناء شبكات الاعتدال الإسلامي يمكن أن يجري على ثلاثة وجوه رئيسية:

• أولا: دعم مؤسسات هي أصلا موجودة.
• ثانيا: ضبط شبكات معينة ذات أولوية والعمل على بعثها ورعايتها.
• ثالثا: المشاركة في إشاعة ثقافة التعدد والتسامح، التي تعد شرطا لازما لتطور مثل هذه المؤسسات.
• وللتأكيد على هذا التوجه وأهميته رأى التقرير "أن الخطوة الأولى التي يجب قطعها تتمثل في اتخاذ قرار حاسم من طرف الإدارة الأميركية وحلفائها ببناء شبكة الاعتدال في العالم الإسلامي، وربط تحقيق هذا الهدف الكبير بصورة واضحة وصريحة بالإستراتيجية، ومجمل البرامج الأميركية"، كما نص التقرير كذلك على "أن التنفيذ الجاد والناجع لمثل هذه الإستراتجية يتطلب وجود بنية هيكلية داخل الحكومة تسهر على توجيه ودعم ثم مراقبة ورصد الجهود المبذولة على هذا الصعيد، وهذا الأمر يتطلب بدوره صناعة الخبرات والقدرات اللازمة. ولتحقيق هذه الأهداف العامة فإننا نقترح ما يلي:

o وضع ميزان تقييمي تتم بموجبه غربلة المعتدلين الحقيقيين من الانتهازيين والمتطرفين الذين يتخفون خلف غلاف الاعتدال، فضلا عن تمييز العلمانيين الليبراليين عن العلمانيين التسلطيين.

o بناء قاعدة معلومات دولية تضم الشركاء المحتملين (تحتوي الأفراد والمجموعات والمنظمات، والمؤسسات والأحزاب).
o وضع آليات واضحة تسمح بمراقبة وتوجيه، ثم تطوير البرامج والمشاريع وتقييم القرارات المتخذة في هذا المضمار.
ومن هنا تتأتى أهمية إيجاد عدسة رصد تسمح بدعم وتحسين أداء الشركاء الذين هم محل ثقة لدينا." انتهى الاقتباس
وتأكيداً على أهمية هذه السياسة وإعطائها الأولوية اللازمة نص التقرير على "إن مشروعنا البنائي والمؤسسي يجب أن يعطي الأولوية المطلقة لتلك المجموعات ذات التوجهات الأيديولوجية المقبولة لدينا، أي تلك التي تلتزم فعلا بما تعلنه من أطروحات الاعتدال. فهذه المجموعات هي التي يمكن التعويل عليها دون غيرها، باعتبارها شريكا جادا. من هنا يتوجب تمحيص التوجهات الأيديولوجية بشكل جيد، وعند الاطمئنان إلى سلامة التوجه يمكن أن تتاح للمجموعات العاملة دائرة أوسع من الاستقلالية والتسيير الذاتي، وهذا الأمر يستوجب بدوره مراجعة الإستراتيجية العامة المتبعة إلى حد الآن مع العالم الإسلامي."

ومن الشواهد على هذه السياسة تصريحات بعض السياسيين الغربيين. فقد كشفت وزيرةَ خارجيةِ أمريكا السابقة "كونداليزا رايس" عن "اقتناع الولايات المتحدة بأهميةِ التحاورِ مع الإسلاميين في المنطقة العربية، وأنها لا تخشى من وصول تياراتٍ إسلاميةٍ إلى السلطة"، واعتبر ريتشارد هاس مدير إدارة التخطيط السياسي بوزارة الخارجية الأمريكية "إن الولاياتِ المتحدة لا تخشى وصولَ تياراتٍ إسلاميةٍ إلى السلطة لتحلَ محلَ الأنظمةِ القمعيةِ العربية التي تتسبب بتكميمها الأفواهَ في اندلاعِ أعمالِ الإرهاب، شريطةَ أن تصلَ عن طريقٍ ديمقراطي وأن تتبنى الديمقراطيةَ كوسيلةٍ للحكم".

من ذلك كله يتبين أن موقف الغرب ممثلاً بموقف أمريكا وكذا دول الإتحاد الأوروبي كان واضح اللهجة في قبول هذه الشراكة بل داعماً لها في كثير من الأحيان، وهو إن تبنى خطاباً مغايراً لذلك مع تيارات "الإسلام المعتدل" في بعض الأحيان فقد كان يرمي من ذلك إلى جر تلك التيارات لمزيد من الاندماج السياسي مع هذه الأنظمة، فهو يعتمد على نهج من يهن يسهل الهوان عليه، وهو يدرك أن قبول تلك التيارات بالديمقراطية وبقواعده التي يخطها لهذه اللعبة من شأنه أن يهوي بها في واد سحيق.


يتبع
أبو خضر غير متصل   الرد مع إقتباس