عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-12-2009, 06:41 PM   #1
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي تأمَّلات فيما في مظاهر الشتاء من الآيات

تأمَّلات فيما في مظاهر الشتاء من الآيات

كتبه/ عبد المعطي عبد الغني


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فالتفكر في آيات الله، وعجائب صنعه، من أجلِّ العبادات التي يغفل عنها الكثير من الناس، وقد دعانا الله -عز وجل- للتفكر فيما خلق فقال -تعالى-: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الألْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)(آل عمران: 190- 191)
ـ وفصل الشتاء وما يكون فيه من ظواهر طبيعية كالمطر والثلج والبرد والرعد والرياح وغيرها، يستدعي النظر والتأمَّل؛ لتدرك القلوب عظمة ربها وخالقها وقدرته ورحمته وحكمته وقيامه علي خلقه وإنعامه وفضله فتنطق: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(أل عمران: 191).
1ـ فتأمَّل المزن وقد حملت فأثقلت، ثم ألـَّف الله بينها، ثم ساقتها الرياح إلى حيث يصير ركاماً، فترى الودق يخرج من خلاله، قال الله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ . يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ)(النور: 45).
2ـ وتأمَّل حبات المطر وهي تهوي كاللؤلؤ المنضود، وقد سالت أودية بقدرها، وداعبت الأرضَ الميتةَ، فاهتزت، وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج، جناتٍ، وحبَ الحصيد، ونخلاً باسقات لها طلع نضيد: قال الله -تعالى-: (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ . وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ . رِزْقاً لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ)(قّ: 9- 11).
3ـ تأمَّل كيف يكون المطر رحمة، وقد يكون عذاباً، يكون رحمة ينشرها، وغيثاً يغيث الله به عباده، قال الله -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)(الشورى: 28).
وتأمَّل كيف جعله الله رجزاً على من كفر به، وكذَّب رسله، وجحد فضله، فقوم "عاد" رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم فقالوا: (هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا)، فكان مصيرهم المحتوم (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ)(الأحقاف: 24).
4ـ تأمَّل كيف حاول الإنسان أن يؤَلِّف بين السحاب، ويهيِّئ لها الأسباب، لينزل المطر، وكيف جاءت محاولاته خاسرة، فلم يفعل شيئاً سوى توفير الظروف المناسبة، فتكلف العَنَتَ، ونزل مطر قليل في بقعة محدودة لزمن محدود. تأمَّل هذا، وانظر كيف يُنزِل الله المطر فتجري به الأنهار، وتمتلئ به الأودية قال -تعالى-: (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً)(الرعد: 17).
5ـ تأمَّل كيف يبتلي الله عباده بالمطر، يُنزِله فتتحرك شفاه المؤمنين بنسبته إلى فضله ورحمته، ويكفر آخرون بنسبته للكواكب والأنواء، فعن زيد بن خالد الجهني قال: (صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب) متفق عليه.
6ـ تأمَّل حاجة العبد إلي ربه -سبحانه وتعالى- إذا غاب عنه المطر، حتى كاد الزرع يهلك، والضرع يجف، فيرشده ربه إلي دعائه، وطلب السقيا منه فيسقيه، فيوقِن القلب بأن له رباً سميعاً عليماً، يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف الضر، فيدعوه عند الحاجات، ويسأله تفريج الكربات، ولا يدعو من دونه نبياً ولا ولياً، ولا شجراً ولا حجراً، فأنى للمخلوق العاجز أن يفعل ما لا يفعله إلا الرب القادر، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، اللهم صيباً نافعاً.
7ـ تأمَّل كيف ينزل الله المطر بقدر، إذ عدله -سبحانه- في كل شيء، فلو قَلَّ المطر لهلك العباد، ولو طغى لصار طوفاناً مدمرًا (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ . وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)(القمر: 11-12).
يتبع
__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس