عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-06-2022, 08:52 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,958
إفتراضي

ومن ذلك قول من يقول مخاطبا لابن عجيل :
هات لي منك يابن موسى إغاثة عاجلا في سيرها حثاثة
فهذا محض الاستغاثه التي لاتصلح لغير الله لميت من الأموات قد صار تحت أطباق الثرى من مئات السنين
وقد وقع في البردة والهمزية شيء كثير من هذا الجنس ووقع أيضا لمن تصدى لمدح نبينا محمد (ص)ولمدح الصالحين والأئمة الهادين ما لا يأتي عليه الحصر ولا يتعلق بالاستكثار منه فائدة فليس المراد إلا التنبيه والتحذير لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) "
ونجد نفس التكرار في بيت اللياذة وإن زاد الشوكانى بيتا أخر يشبهه في المعنى
ثم ذكر الجامع قول أبا بطين في البردة فقال :
"قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين في كتابه الرد على البردة :
قوله :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل : يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
مقتضى هذه الأبيات إثبات علم الغيب للنبي (ص)وأن الدنيا والآخرة من جوده وتضمنت الاستغاثة به (ص)من أعظم الشدائد ورجاءه لكشفها وهو الأخذ بيده في الآخرة وإنقاذه من عذاب الله وهذه الأمور من خصائص الربوبية والألوهية التي ادعتها النصارى في المسيح عليه السلام وإن لم يقل هؤلاء إن محمدا هو الله أو ابن الله ولكن حصلت المشابهة للنصارى في الغلو الذي نهى عنه (ص)بقوله : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله " والإطراء هو المبالغة في المدح حتى يؤول " الأمر إلى " أن يجعل المدح شيء من خصائص الربوبية والألوهية
وهذه الألفاظ صريحة في الاستغاثة بالنبي (ص)كقوله :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك أي وإلا فأنا هالك والنبي
أي وإلا فأنا هالك والنبي (ص)يقول في دعائه : " لا ملجأ منك إلا إليك "
وقوله :
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ومنقذي من عذاب الله والألم
أو شافعا لي إلخ [ أي ] وإلا هلكت وأي لفظ في الاستغاثة أبلغ من هذه الألفاظ وعطف الشفاعة على ما قبلها بحرف أو في قوله : " أو شافعا لي " صريح في مغايرة ما بعد أو لما قبلها وأن المراد مما قبلها طلب الإغاثة بالفعل والقوة فإن لم يكن فبالشفاعة
والناظم آل به المبالغة في الإطراء الذي نهى عنه الرسول (ص)إلى هذا الغلو والوقوع في هذه الزلقة العظيمة ونحو ذلك قوله في خطابه للنبي (ص):
الأمان الأمان إن فؤادي من ذنوب أتيتهن هراء
هذه علتي وأنت طبيبي ليس يخفى عليك في القلب داء
فطلب الأمان من النبي (ص)وشكا إليه علة قلبه ومرضه من الذنوب فتضمن كلامه سؤاله من النبي (ص)مغفرة ذنبه وصلاح قلبه ثم أنه صرح بأنه لا يخفى عليه في القلب داء فهو يعلم ما احتوت عليه القلوب وقد قال سبحانه : { وممن حولكن من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم (وقال : { وآخرون من دونهم لا تعلمونهم الله يلعمهم } وخفى عليه (ص)أمر الذين أنزل الله فيهم : { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم }الآيات حتى جاء الوحي وخفى عليه (ص)أمر أهل الإفك حتى أنزل الله القرآن ببراءة أم المؤمنين رضي الله عنها وهذا في حياته فكيف بعد موته وهذا يقول : " وليس يخفى عليه في القلب داء " يعني أنه يعلم ما في القلوب والله سبحانه يقول : { والله عليم بذات الصدور } وقال النبي (ص): " إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه فلا يأخذه فإنما اقطع له قطعة من النار " "
ونجد المقال تكرار لنفس الأبيات الثلاثة الذين ذكرهم الكل مع زيادة بيتين أخرين سبق أن ذكرهم بعضهم ثم قال :
"كلام العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين في البردة من كتابه كتاب تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس
قول الناظم : إن من جودك الدنيا وضرتها : أ ي من عطائك وإنعامك وإفضالك الدنيا والآخرة وهذا كلام لا يحتمل تأويله بغير ذلك ووازن بين قول الناظم من جودك الدنيا وضرتها وبين قوله تعالى : ( قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا) وقوله ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب )
قال ابن كثير : " قل لا أقول لكم عندي خزائم الله " أي خزائن رزقه فأعطيكم ما تريدون ( ولا أعلم الغيب ) فأخبركم بما غاب مما مضى وما سيكون ( ولا أقول لكم إني ملك ) ؛ لأن الملك يقدر على ما لا يقدر عليه الآدمي ويشاهد ما لا يشاهده الآدمي
وقوله تعالى : ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) ـ
وازن بين قول يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك وبين قول الذي له النبي (ص): " أجعلتني لله ندا حيث قال له ما شاء الله وشئت " فهذا لو قال ما لي من ألوذ به إلا الله وأنت لكان أقبح من قول القائل ما شاء الله وشئت ؛ لأن الله أثبت للعبد مشيئة لقوله : لمن شاء منكم أن يستقيم [ التكوير 28 ] فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا فكيف إذا أفرد الرسول باللياذ والالتجاء من عذاب ذلك اليوم لا تكلم فيه نفس إلا بإذنه ! ص / 45
قول صاحب البردة
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ومنقذي من عذاب الله والألم
هو استغاثة بل من أبلغ ألفاظ الاستغاثة كقول الأبوين ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) وقول نوح : (وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين [ هود : 47 ] وقول بني إسرائيل : لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين ) أترى أن الأبوين وجميع المذكورين يخبرون الله بأنه إن لم يغفر لهم ويرحمهم فهم خاسرون وأن هذا منهم مجرد إخبار بل كل أحد يعرف أن هؤلاء الذين أخبر الله عنهم بهذا الكلام يسألون الله ويرغبون إليه في أن يغفر لهم ويرحمهم ومعترفون بأنه إن لم يغفر لهم ويرحمهم فهم خاسرون
وأما قول صاحب البردة وقول المشطر :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي**** ومنقذي من عذاب الله والألم
فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
أي وإن لم تأخذ بيدي وتنقذني من عذاب الله فقل يا زلة القدم أي فأنا خاسر أو هالك فهو كقول الأبوين ( وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) وقول نوح : ( وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ) وقول بني إسرائيل ( لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين) ص / 58 / 59"
والمقالة تكرار لسابقاتها وكأنهم ينقلون عن بعضهم البعض مع اختلاف الألفاظ
ثم نقل مقال أخر لابن عثيمين فقال:
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين في كتابه "القول المفيد على كتاب التوحيد " (1/218) :
"وقد ضل من زعم أن لله شركاء كمن عبد الأصنام أوعيسى بن مريم عليه السلام وكذلك بعض الشعراء الذين جعلوا المخلوق بمنزلة الخالق ؛ كقول بعضهم يخاطب ممدوحا له :
فكن كمن شئت يا من لا شبيه له وكيف شئت فما خلق يدانيك
وكقول البوصيري في قصيدته في مدح الرسول (ص):
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
قال الشيخ ابن عثيمين
: وهذا من أعظم الشرك لأنه جعل الدنيا والآخرة من جود الرسول صلى الله عليه وسلم ومقتضاه أن الله جل ذكره ليس له فيهما شيء
وقال -أي: البوصيري - [ومن علومك علم اللوح والقلم] يعني : وليس ذلك كل علومك ؛ فما بقي لله علم ولا تدبير ـ والعياذ بالله "
والكلام تكرار لسابقه ثم نقل مقالة الفوزان في الموضوع فقال :
"قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان في كتابه إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد :
قوله تعالى ; ولا شفيع ; أي : واسطة يتوسط له عند الله ما أحد يشفع له يوم القيامة إلا بإذن الله سبحانه وتعالى
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس