عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-04-2014, 03:01 PM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الشباب واختيارهم لأصدقائهم


قبل الحديث عن الصداقة واختيارات الشاب لها، يتوجب علينا التذكير بالتمييز بين الصداقة والصحبة والزمالة وغيرها، فالصديق وهو بالمناسبة، يُقال للذكر والأنثى والجمع والمفرد، فقال جميل:
كأن لم نُقاتل يا بثينُ لو أنها ...... تُكشف غُماها، وأنتِ صديقُ
وقال آخر في جمع المذكر:
لَعمري لئن كنتم على الناي والنوى .... بكم مثل ما بي، إنكم لصديقُ
وقال جرير في جمع المؤنث السالم:
نصبن الهوى ثم ارتمين قلوبنا..... بأعينِ أعداءٍ، وهن صديقُ

أما الصحبة فهي المرافقة في سير أو مشوار، فلذلك يُقال: صاحبتك السلامة، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم من عاصروه وساروا معه في نشر الدعوة في حياته.

والزميل في لغة عصرنا، هو الذي يكون معنا في مهنة أو مدرسة أو كلية، وفي لغة العرب: هو من يتناوب على ركوب البعير مع آخر، فهما زميلان.*1

والخليل: الصديق الذي ينفذ الى القلب (أي يتخلله) ويكون فيه حب في الله دون شائبة، لذا قيل في الحديث، لو كان لي أتخذ خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، وقيل في الحديث أيضا المرء على دين خليله، فلينظر امرؤ من يخالل.

تأثر الشاب: سلبا أو إيجاباً بشخصية الوالد

إذا كان الوالد في الأسرة، شخصية متسلطة، أي صاحب القرار الأول والأخير، ويعبر عن مشاعره بقوة وحركة شديدة (سواء بالغضب أو الفرح) فإن الاحتمال الأقوى أن يأتي ابنه بشخصية ضعيفة.

وإذا كان الوالد شخصية ديمقراطية، عاطفي، يلبي رغبات أبنائه، فغالباً ما يكون ابنه شخصية إمعة تنجذب نحو الأغلبية حتى لو كانت تلك الأغلبية فاسدة.

إذا كان الوالد ذا شخصية انفعالية يفرض رأيه بعنف، وصوته عالي، ولكن بقلب طيب، فالأغلب أن يكون ابنه صاحب شخصية مهزوزة و عرضة للانحراف.

إذا كان الوالد صاحب شخصية متساهلة، يعيش من أجل غيره، وانبساطي في الحوار، وشعبي (كل شيء عنده عادي) سيكون ابنه في الغالب صاحب شخصية قوية ولكنها تبقى عرضة للانحراف.

إذا كان الوالد صاحب شخصية نظامية، أهدافه معروفة تتغير من وقت لآخر بمنطق، ويتحمل مسئوليته بدون حماس، ضحكه محدود، انفعالاته مقتضبة، سيكون ابنه شخصية ضعيفة اجتماعياً، قوية فكرياً، لكنه أقل الأبناء عرضة للانحراف.

إذا كان الوالد صاحب شخصية مُهملة، ليس له أهداف واضحة، كثير الأعذار (وقتي لا يسمح، عملي يأكل وقتي، كنت مريضا). فإن أولاده قد يخرج منهم قائد أو إمام ويخرج منهم مجرم حتى لو كان توأم الآخر.

إذا كان الوالد صاحب شخصية متقلبة، لا يحافظ على نمط في المهنة ولا على أصدقاء وصاحب قرارات سريعة، سيكون ابنه مثله في الغالب.

أما صاحب الشخصية المبدعة، وهو خليط من الأنماط السابقة، عقلاني في حواره، ويميل الى الشورى وتقسيم الأدوار في العمل وغيره، يسعى لتحقيق أهدافه ولا يتوانى في مساعدة غيره لتحقيق أهدافهم، فإن أولاده سيكونون أقرب الى شخصيته وأبعد عن الانحراف. *1

من هو الصديق؟

سُئل أعرابي عن الواجبات التي تقع على عاتق الصديق، والتي إن قام بها نحو صديقه كان من أكرم الناس عِشرة، فأجاب: (1) من إن قُرِب مَنَح (2) وإن بُعد مَدَح (3) وإن ظُلِم صفح (4) وإن ضويق سامح. فمن ظفر بهذا الصديق فقد أفلح ونجح.

وقال الإمام الغزالي رحمه الله عن الصديق: (1) أن يحفظ حرماته (2) وأن يحسن معاشرته (3) أن لا يبخل عليه بالنصيحة (4) أن يؤثره بماله (5) أن يبذل له العون في الدنيا والدين (6) أن يصبر على ما قد يصدر عنه من أفعال تنطوي على إيذاء له وذلك عملا بحديث رسول الله صلوات الله عليه((المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم))*

كيف ومتى تتم الصداقة وكيف تنتهي؟

عادة تتكون الصداقة، إما بين أتراب الحي، أو زملاء المدرسة والكلية والعمل، أو القرابة، وقد يكون هناك طرف ثالث، لاختيار الأصدقاء أو استبعادهم، وتحتل الأم الدرجة الأولى في هذا الجانب ثم يليها الأب وتليه الأخت*

وأهم أسباب الصداقة تكون التعزيز النفسي والوجداني للصديق، فإن تعرض هذا التعزيز الى خلل، فإنه من الممكن أن تنتهي الصداقة بين صديقين، ومعظم أسباب انتهاء الصداقة تندرج تحت (مفهوم الخيانة) أو الممازحة الخشنة سواء باللفظ أو الجسد، وإفشاء سر ائتمنه الصديق لصديقه. وعادة ما يرفض الصديق الذي يود إنهاء الصداقة تدخل الكبار أو حتى أي طرف ثالث في تسوية الخلاف بين الصديقين.

العدد المفضل للأصدقاء

يتفاخر البعض بأن لديه الكثير من الأصدقاء، ويظن أنها خصلة جيدة. وقد عبر عمر ابن الخطاب رضوان الله عليه حول تلك المسألة فقال (الصديق كالنار في قلته منفعة وكثرته مهلكة). وأكد على تلك الناحية المفكر أبو الحسن الماوردي في كتابه (أدب الدنيا والدين) فقال (إذا كان التجانس والتشاكل من قواعد الأخوة وأسباب المودة، كان وفور العقل أن نقلل من الأصدقاء) وقد علّل ابن مسكويه التوجه لتقليل الأصدقاء بقوله (من كثر أصدقاؤه عجز عن الإيفاء بحقوقهم، واضطر لغض النظر عن عيوبهم). *5


هوامش
*1ـ أنظر تاج العروس، ولسان العرب.
*2ـ أخذت تلك المقارنات من بحث من إعداد: صبحي سليمان بعنوان: الشخصية الجذابة والمؤثرة والمبدعة (موقع: www.kotobarabia.com)
*3ـ أحمد المجذوب/ الصداقة والشباب/ القاهرة: الدار المصرية اللبنانية 2001 صفحة 82.
*4ـ أسامة سعد أبو سريع/ الصداقة من منظور علم النفس/ عالم المعرفة 1993 صفحة 156.
*5ـ أحمد المجذوب مصدر سابق
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس