عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 23-09-2009, 08:09 AM   #33
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

العوامل المؤثرة في سلوك الزبون

لكل حاجة أو حركة أو مطلب إنساني عدة مستويات تجعل الإنسان يذهب طوعا لتلبيتها حسب تسلسلها، فالحاجة (الحدية) غير (الرمزية) غير (الأستاطيقية)، ولو أردنا الوقوف بشكل موجز عند تلك المستويات لعمل بعض المقتربات لموضوع العوامل المؤثرة في سلوك الزبون، لاضطررنا لإسقاط تلك المستويات على بعض المسائل اليومية المحسوسة.

فالبناء بحاجته الحدية يكون المطلوب منه حماية من يقطنه من العوامل الجوية والأخطار الأخرى كاللصوص والوحوش والمتطفلين، وهذا ممكن أن يتأتى من كهف أو أربعة جدران وعليها سقف ويغلق بابها بإحكام. والطعام في مستواه الحدي هو إمداد الجسم بعوامل البقاء وتزويده بما يلزمه من طاقة، وهذا يمكن أن يتأتى من بعض الحبوب غير المطبوخة مثلا. ويمكن سحب تلك المسألة وإسقاطها على الملبس والنقل وغيرها.

أما الحاجة الرمزية فهي أن يلتزم المواطن نمطية معينة في مسكنه وملبسه وطعامه، تتماشى مع محيطه والمتأثر بالظروف الطبيعية والثقافية، فالبيوت في المناطق الاسكندينافية غيرها في منطقة الشرق الأوسط أو شرق آسيا، وكذلك الطعام واللباس وغيرها.

في الأساس الأستاطيقي (الجمالي ـ الكمالي)، بعد أن يتم إشباع المستويين الحدي والرمزي يتم البحث عن التفرد الجمالي، فلا يعود المسكن بفخامته وانسجامه مع الطرز المعمارية الشائعة مطلبا نهائيا لدى المقتدرين، فيتم التلاعب بأشكال (دق) الحجر وإضافة القرميد والأصباغ المميزة التي تضفي على البناء جمالية يتفرد بها المالك. وكذلك يمكن القول على الطعام عندما يحتوي الطعام على كامل عناصره الغذائية من (بروتينات ونشويات وفيتامينات وغيرها) يبحث المبدعون في ابتكار أصناف الطعام عن إضافات جمالية متفردة كشكل الطعام ورشه بصنوبر أو إضافة نكهات وبهارات معينة، وهذا يحدث مع الملابس والسيارات وغيرها.

عودة الى الزبائن ومستويات المؤثرات لسلوكهم

1ـ توفر المادة ..

في حالة شح المواد وندرتها، لا يتوقف المشتري (الزبون) عند أخلاق البائع، ولا عند قرب المتجر أو بعده عن مكان سكناه ولا عند سعره (في كثير من الأحيان)، ولا عند نوعية السلعة وجودة تغليفها أو مناولتها، حيث تكون مسألة الحصول على المادة أو الخدمة بحد ذاتها تشكل سقفا لمطالب الزبون.

هذه المظاهر، نراها في حالات شح الخبز في أيام العطل أو الأزمات، فإن الزبون سيرضى بخبز غير ناضج، ويسكت عن صراخ الخباز أو البائع الذي يطلب من الزبائن الاصطفاف بانتظام ودفع أثمان خبزهم سلفا. ونراها في حالات أزمات النقل لدى طلبة الجامعات أو الموظفين الذين يقبلوا الصعود في سيارات غير مريحة لا بمقاعدها ولا بتكييفها، وأحيانا يقبلوا الوقوف طيلة مدة الرحلة.

كما تغيب مسألة التدقيق في مواسم الاضطرار للمادة، كموسم الاستعداد لزراعة بعض المحاصيل، عندما يبحث الزبائن عن (قمح) لزراعته في موسمهم، فعندما تقل المواد، لا يدقق المشتري فيما لو كان (السوس) قد نخر الحبوب أو إن كان التراب والأوساخ قد طغت على المادة.

وتنخفض حالة التهاون في قبول السلعة أو الخدمة عندما تتوفر بدائلها القريبة، فيمكن أن يكون (البصل الأخضر أو الفول الأخضر) يصل سعره الى عشرة أضعاف سعره المعتاد في رمضان، ولكن لا يكون هذا عاما لكل الزبائن، كما يحدث مع غياب صنف من أصناف الخضراوات مثل الباذنجان، فكثير من الزبائن يلغي حاجته لشراء مثل ذلك الصنف متوجها الى صنف آخر قريب منه.

2 ـ سعر السلعة أو الخدمة

في حالات توفر المادة أو الخدمة، فإن السعر يكون عاملاً مهماً في إقبال الزبائن على بائع دون آخر. وهذا ما يجعل الباعة في الأسواق الشعبية العامة يعلنون عن أسعارهم بأصوات عالية لجلب الزبائن. وهذا يتم في أسواق الخضار والفواكه واللحوم والأسماك. ولكنه لا يتم في مكاتب المحامين والمهندسين ولا في عيادات أطباء الاختصاص.

وقد تقوم بعض شركات الطيران في محاولة الوصول للزبائن من خلال الإعلان في الصحف أو وسائل الإعلام الأخرى (راديو، تلفزيون، مجلات، إنترنت الخ). وهذه المسألة تقوم بها شركات المخازن الكبرى (المولات)، وشركات العقارات والبنوك الخ.

3ـ نوعية السلعة أو الخدمة..

لا يكفي أن تكون السلعة أو الخدمة متوفرة وسعرها مناسباً أو منخفضاً، بل تكون نوعية المادة وجودتها واضحة للعيان، وقد تتم معاينة المادة أو السلعة بواسطة الزبون مباشرة في الأسواق، فيرى بأم عينيه وضعية الخضار أو الفواكه أو اللحوم أو الملابس أو الطعام، فلا تشفع عمليات تخفيض السعر في تزكية المادة أو الخدمة.

أما السلع والخدمات التي لا يمكن الحكم عليها من النظرة الأولى فتحتاج شهادات زبائن ثقة جربوا تلك السلعة أو الخدمة، فنجد علبة فول بها 400غم من المادة المطبوخة سعرها يعادل ثلاثة أضعاف سعر مثيلتها من مصنع آخر، وقد أوجد تلك الخاصية لها شهادات المستهلكين وثبات جودة ذلك الصنف لمدة طويلة، وهذا يحدث مع أصناف من (الحلويات، والنقانق، وملابس الأطفال وحاجاتهم الخ).

في خدمات أخرى، كالخدمات الصحية أو المحاماة أو شركات العمرة والحج والسفريات الخ، فإن شهادات الزبائن بسوء نتائج المعالجة أو الخدمة داخل المستشفيات أو الطائرات الخ سيكون لها أثرٌ واضح في إقبال الزبائن.

4ـ تسهيلات الدفع

قد تتفوق تلك الخاصية على غيرها وتحدد حجم الزبائن، فالتقسيط والتسجيل (على الدفتر) تجعل الزبائن يتوجهون لجهة دون أخرى، فدكاكين الأحياء والجمعيات الاستهلاكية يزداد زبائنها، وقد ساهمت الأزمات وضعف القدرة الشرائية في انتشار مثل تلك الحالات.

5ـ المعاملة

عندما تتساوى كل العوامل السابقة، فإن للمعاملة والأخلاق والوجه البشوش من البائع أو مقدم الخدمة سيكون لها دورٌ كبير في انجذاب الزبون.

في بعض الأسواق التي تنتشر فيها دكاكين بيع البهارات والمواد التموينية، كأسواق دمشق (البزورية، الحريقة، سوق الحميدية) أو في (الشورجة في بغداد) أو (سقف السيل في عمان) أو في (خان الخليلي في القاهرة) وغيرها من الأسواق التي يكون عشرات بل مئات المحال تبيع أصنافاً متشابهة، يمر الزبون من أمام تلك المحلات المتجاورة ويقرر أنه كره ذلك البائع أو انجذب الى آخر دون سابق معرفة، وكأن شحنات الحب والكراهية تنبعث من سطح وجه البائع وعيونه لتجذب أو تنفر الزبون.

وأحياناً يصبح الزبون أسيرا للبائع، فيطلب الزبون نصيحة البائع فيما سيشتري منه، وتكون تلك فرصة لبعض الباعة (قليلي الذمة) أن يصرفوا بعض بضائعهم الكاسدة.

كما أن شكل النطق بالسعر أو المطالبة بالثمن أو تسديد الدين، يكون لنبرتها أثرٌ كبير في تنفير الزبون أو التزامه بالبقاء.

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس