عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-04-2008, 12:59 AM   #30
اليمامة
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية لـ اليمامة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
الإقامة: بعد الأذان
المشاركات: 11,171
إفتراضي

أفضل معاركنا

هناك حكمة صينية قديمة مفادها " أن أفضل معاركنا هي المعارك التي لم نَخُضها " ذلك أن تحقيق النصر دون مواجهات أو خسائر مادية أو معنوية هو أفضل الطرق للوصول إليه.

وهكذا فإننا لا نحتاج إلى الدخول في جميع المعارك الممكنة ، حيث ان هناك معارك يحسن الدخول فيها ، والتي تكون ضرورية لتحقيق النصر ، في حين ان هناك معارك يجب أن نتفادى الدخول فيها ، وهي المعارك التي تستغرق جزءاً كبيراً من طاقاتنا وتشغلنا عن معارك أخرى أكثر أهمية.

على مستوى الفرد والمؤسسة يمكن تمثيل المعارك بالمواجهات التكتيكية التي يمكن الدخول فيها ، كما يمكن تمثيل الحروب بعملية تحقيق الأهداف الإستراتيجية التي نطمح إلى الوصول إليها.

إن عدم وضع أهداف إستراتيجية عامة كأساس للمبادرات والمواجهات يجعل حياتنا سلسلة متصلة من المعارك التي تستنزف طاقاتنا وتزيد من عدد أعدائنا دون الوصول في النهاية إلى نتائج ذات قيمة . هذا في حين أن جعل الأهداف الإستراتيجية أساساً لمبادراتنا يمكننا من اختيار المعارك التي يجب أن نخوضها ويكفينا عناء الدخول في العديد من المعارك غير الضرورية .

ويجدر هنا التأكيد على أهمية الربط بين الأهداف الإستراتيجية والمبادرات التي نأخذها
حيث أن هناك الكثير ممن لهم أهداف إستراتيجية ، سواء كانت واعية أو ضمنيه. إلا أنهم
قد يقُحمون عليها معارك جانبية ليست ذات علاقة مباشرة بهذه الأهداف ، إما لأسباب شخصية أو لتحيزات مهنية أو لعدم وضوح في الرؤية ، أو لمجرد الرغبة في المواجهة.


وقد تدخل مؤسسة أو فرد في مواجهات ضارية لمجرد إرسال خطاب غير ضروري
أو تضمين خطاب ضروري بجملة اعتراضية ليست لها علاقة بالغرض من الخطاب بل بأسباب شخصية جانبية ، والتي قد تثير حفيظة الآخرين وتفتح جبها ت ومواجهات تكلف المؤسسة أو الفرد خسائر مادية ومعنوية هم في غنى عنها.


ولا يقتصر ذلك على الأفراد والمؤسسات ، حيث قد تدخل دولٌ وشعوبٌ في معارك غير محسوبة تتحول مع الزمن إلى حروب كبرى تستنزف مواردها وتسلب مقدَّراتها شعوبها وتعطي للآخرين حق تقسيمها وتقرير مصيرها . ونظراً لأن هذه الحروب لم تبدأ أصلا بناءً على أهداف سامية أو جوهرية ، فإنه عادة ما يتم تفصيل أهداف وشعارات تتناسب مع حجمها لتعليل الدخول فيها والحصول على دعم الآخرين.

إن وقتنا محسوبٌ علينا ومواردنا محدودةً، مهما كثرت ، والتزاماتنا عديدة نحو أنفسنا ومجتمعنا وديننا ، فلنحافظ على وقتنا ومجهوداتنا ومواردنا من الضياع في مواجهات ومعارك غير محسوبة أو ذات قيمة تفسد علينا حياتنا وتبعدنا عن تحقيق أهداف سامية بأساليب أكثر فعالية بعيداً عن العاطفة والغوغائية.
__________________
تحت الترميم
اليمامة غير متصل   الرد مع إقتباس