عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 14-01-2021, 07:59 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,907
إفتراضي قراءة فى رسالة فيما ضبط أهل النقل في خبر الفضل في حق الطاعون والوباء

قراءة فى رسالة فيما ضبط أهل النقل في خبر الفضل في حق الطاعون والوباء
الرسالة من تأليف زيد الدين بن إبراهيم بن محمد المصري الحنفى المعروف بابن نجيم وهو يدور حول مسائل فى الطاعون جمعها المؤلف فى الرسالة وفى هذا قال فى المقدمة:

"الحمد لله مقدر الأرزاق والآجال، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، والصحب والآل، فهذه جملة من الفوائد المتعلقة بالطعن والطاعون، جمعتها مما جمع الشيخ الجلال السيوطي، ومن شرح مسلم للإمام مجد الدين النووي، حين وقع بمصر سنة...وخمسين وتسعمائة"
واستهل الرسالة بتعريف الطعن فقال:
"الأولى حقيقة الطعن: القتل بالرمح، وأما الوخز فهو طعن بلا نفاذ "
ثم بين ما سماه حقيقة الطاعون فقال :
الثانية حقيقته: قروح تخرج في الجسد، فتكون في المراق والآباط، والأيدي وسائر البدن، ويكون معه ورم، وألم شديد، وتخرج تلك القروح معه لهيبه "
وبالقطع هذه هى مظاهر المرض المسمى الطاعون
ومع أنه قال حقيقته فى المسالة الثانية إلا أنه عاد وتراجع عن ذلك فى المسألة الثالثة:
"الثالثة: اختلفوا في حقيقة الوباء: والصحيح الذي عليه المحققون أنه مرض لكثير من الناس، في جهة من الأرض، دون سائر الجهات، ويكون مخالفا للمعتاد من الأمراض الكثيرة، ويكون مرضهم نوعا واحدا، بخلاف سائر الأوقات، فإن أمراضهم فيها مختلفة، قالوا: وكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونا "
فى الفقرة السابقة بين الرجل معنى الوباء وهو مرض واحد يصيب الكثير من الناس فى منطقة ما من الأرض فى وقت متقارب جدا وفى المسألة الرابعة ذكر الروايات فى الموضوع فقال:
"الرابعة في الأخبار الواردة فيه: روى مسلم في صحيحه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون: إنه رجز أرسل على بني إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه"
الرواية معناها صحيح إلا الشك فيمن وقع لهم الطاعون فالمفترض أنه وقع فى كثير من الأمم وليس بنو إسرائيل وحدهم ثم قال :
"وفي رواية عن المدائني أنه قال: ما وقع الطاعون والوباء ببلدة فخرج منه أحد خوفا إلا هلك ودليله قوله تعالى: [ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم] الآية، فأماتهم الله بأجمعهم ودوابهم "
رواية المدائتى خاطئة فى إماتة الله دوابهم معهم فالاية لم تذكر سوى وفاة الفارين وفى هذا قال تعالى :
"ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون"
وأما موت الدواب فهى نتيجة موت أصحابها ولكن قد يعيش بعضها إذا لم تكن مربوطة لأنها ستنطلق فى أرض الله لللأكل والرواية التالية خاطئة وهى :
"قال ابن مسعود رضي الله عنه: فضله على المقيم وعلى الفار، أما الفار، فيقول: فررت فنجوت، وأما المقيم فيقول: أقمت فهلكت، وإنما فر فسلم من تأخر أجله، وأقام فهلك من حضر أجله "
الخطأ ان المفيم قد حضر أجله والفار لم يحضر أجله وهو كلام ليس صحيحا فقد يقيم البعض وينجون وقد يفر البعض ويموتون لأنه وصل لهم قبل فرارهم
وبين ابن نجيم المتعلم من الرواية فقال :
"فالنهي عن الدخول تأديب وتعليم، والأمر بالمقام تفويض وتسليم، فعليك باتباع الأخبار النبوية والإعراض عن آثار الجاهلية، فنسأل الله السلامة من بلائه، والتسليم لقضائه، والقبول لما أنزل على أنبيائه"
وذكر الرجل رواية أخرى صحيحة المعنى وهى :
"وفي رواية: إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم ثم بقى بعد بالأرض فيذهب المرة ويأتى الأخرى فمن سمع به بأرض فلا يقدمن عليه ومن وقع بأرض وهو بها فلا يخرجنه الفرار منه "
والمتعلم من الرواية هو :
1-من كان فى القرية المصابة لا يخرج منها
2-الموجود خارج القرية المصابة لا يدخل القرية المصابة
3- أن المرض يتكرر حدوثه فى أوقات مختلفة وفى مناطق مختلفة
وذكر الرواية التالية وهى خاطئة فقال :
"وفي الصحيحين أن الطاعون كان عذابا يبعثه الله على من يشاء فجعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد
وفي حديث آخر: الطاعون شهادة لكل مسلم "

فالطاعون ليس شهادة أى موت فى سبيل الله وإنما الشهادة تكون فى الجهاد وهو عمل لا يساويه أى عمل اخر كما قال تعالى :
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
ثم قال :
"وأخرج الإمام أحمد في مسنده ، وعبد الرزاق في مصنفه، وابن أبي شيبة، والحاكم، وأبو يعلى، والبزار وابن خزيمة في صحيحه، وابن أبي الدنيا من طرق كثيرة، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فناء أمتي بالطعن والطاعون قال يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون قال وخز أعدائكم من الجن وفي كل شهداء
وأخرج أبو يعلى عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وخزة أعدائهم من الجن: غدة كغدة الإبل من أقام عليه كان مرابطا، ومن أصيب به كان شهيدا، ومن فر منه كالفار من الزحف

"
وهذه الروايات تكرر بها خطأ كون الميت بالطاعون شهيدا والخطأ الأخر كون الطاعون وخز أعداء الناس من الجن فأسباب المرض ليست أعداء وإنما مخلوقات مأمورة بأن تصيب الإنسان بالمرض وبالقطع هى ليست من الجن الذين والدهم الجان وإنما هى أسباب حفية من الممكن تسميتهم الجن لأن من ثغرها لا يراها أحد بالعين المجردة كما لا يرى أحد الجن وهو النوع المستور عن أعيننا
ثم قال فى المسألة الخامسة:
" الخامسة في سبب وقوعه بالمسلمين ـخرج ابن ماجة ، والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون
وأخرج مالك في الموطأ عن ابن عباس رضي الله عنه موقوفا، والطبراني عنه مرفوعا: ما فشا الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت
وأخرج الطبراني عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالفناء "

غذا كان الطاعون بمعنى المرض وليس المرض المسمى الطاعون الأسود فهذا كلام صحيح فكثرة الزنى تجلب جملة من الأمراض يسمونها الأمراض الجنسية كالسيلان والهيربز والإيدز
وبين الرجل سبب انتشار الوباء فى الزناة فى ظنه فقال:

"ولعل حكمته أن الزنا لما كان في السر، سلط الله عليهم عدوا في السر، يقتلهم من حيث لا يرونه، وقاعدة العدل أنه إذا نزل بهم البلاء يعم المستحق وغيره، ثم يبعثون على نياتهم "

ولو عاش فيما بعد وفى عصرنا لوجد للزنى قرى تسمى قرى العراة يمارسون فيها الزنى علنا
ثم بين المسالة السادسة فقال:
"السادس في ثواب من مات به، ومن أقام صابرا:
قد تقدم بعضه، وأخرج أحمد بسند حسن عن عتبة بن عبد السلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يأتي الشهداء والمتوفون بالطاعون فيقول أصحاب الطاعون نحن شهداء فيقال انظروا فإن كانت جراحهم كجراح الشهداء تسيل دما ريح المسك فهم شهداء فيجدونهم كذلك
وروى البخاري والنسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، فأخبرني أنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء من خلقه وجعله رحمة للمؤمنين، فليس من رجل يقع الطاعون فيمكث في بلاده صابرا محتسبا يعلم أنه ما يصيبه إلا ما كتبه الله له إلا كان له مثل أجر شهيد
قال الحافظ بن حجر: مقتضى هذا الجواب أن أجر الشهيد لمن يخرج من البلد الذي يقع به الطاعون، وأن يكون في حال إقامته قاصدا بذلك ثواب الله تعالى، راجيا صدق موعده، وأن يكون عارفا أنه ما وقع له فهو بقدر الله تعالى، وأن ما صرفه عنه فهو بقدر الله تعالى، وأن يكون غير متضجر به لو وقع، وأن يعتمد على ربه في حالتي صحته ومرضه، فمن اتصف بهذه الصفات فمات في غير الطاعون فإن ظاهر الحديث أن يحل له أجر الشهيد، وأن يكون كمن خرج من بيته على نية الجهاد في سبيل الله تعالى بشرطه، فمات بسبب آخر غير القتل فإن له أجر الشهيد، كما ورد في الحديث، ويؤيده هنا: ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ولم يقل بالطاعون، قال: وكذا لو وجدت هذه الصفات، ثم مات بعد انقضاء زمن الطاعون، فإن ظاهر الحديث أيضا أنه شهيد، ونية المؤمن أبلغ من عمله، قال: وأما من لم يتصف بالصفات المذكورة فإن مفهوم الحديث أنه لا يكون شهيدا، وإن مات بالطاعون
قال: ومما يستفاد من هذا الحديث أيضا أن الصابر في الطاعون، المتصف بالصفات المذكورة يأمن فتنة القبر؛ لأنه نظير المرابط في سبيل الله، لما كانت الشهادة الكبرى، التي هي القتل في سبيل الله تعالى تتفاوت مراتبها في الأجر والثواب بحسب أحوال المجاهدين ونياتهم، فكذلك هذه الشهادة الصغرى، التي هي الطاعون، ونحوه كالحرق والغرق، متفاوت أيضا مراتبها، بحسب أحوال المصابين في الصبر والجزع، والثبات والفرار، والتفويض والتسليم، والرضا، فالصابر الراضي المحتسب المفوض هو الذي يكون شهيدا، وأما الجازع الفار المتسخط فلا يكون شهيدا، ولا سالما من الإثم والوزر، ويدل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها: المقيم فيه كالشهيد، والفار منه كالفار من الزحف
وفي ذلك مناسبة لطيفة، فإنه جعل الصبر في الجهاد للكفار، وإخلاص النية للواحد القهار شهادة، يستوجب بها منازل الأبرار، وجعل الصبر في الطاعون، والاستسلام والرضا بقضاء الملك العلام، شهادة يستوجب بها دخول دار السلام، ولما جعل الفرار من الزحف عند قتال الكفار من الكبائر الموبقات والأوزار، جعل الفرار من الطاعون الدال على عدم الرضا بالأقدار من الكبائر الموجبة للهلاك والبوار
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس