عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-04-2012, 08:51 AM   #180
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

3- النَّعْتُ المُفْرَدُ والجُمْلَةُ وشِبْهُ الجُمْلَة

ينقسم النّعتُ أيضاً إلى ثلاثةِ أقسامٍ: مُفرَدٍ وجملةٍ وشِبهِ جُملة.

فالمفردُ: ما كانَ غيرَ جملةٍ ولا شِبهَها، وإن كان مُثنًى أو جمعاً، نحو: (جاءَ الرجلُ العاقلُ، والرجلان العاقلانِ، والرجالُ العُقلاءُ).

والنّعتُ الجملةُ: أن تقعَ الجملةُ الفعليّةُ أو الاسميّة منعوتاً بها، نحو: (جاءَ رجلٌ يَحملُ كتاباً) و (جاءَ رجلٌ أبوهُ كريمٌ).

ولا تقعُ الجملةُ نعتاً للمعرفة، وإنما تقعُ نعتاً للنكرةِ كما رأيتَ. فإن وقعت بعد المعرفة كانت في موضع الحال منها، نحو: (جاءَ عليٌّ يحملُ كتاباً). إلاّ إذا وقعت بعد المعرَّفِ بأل الجنسيّةِ، فيصح أن تُجعَلَ نعتاً له، باعتبار المعنى، لأنهُ في المعنى نكرةٌ، وأن تُجعل حالاً منهُ، باعتبار اللفظ، لأنهُ مُعرَّفٌ لفظاً بألْ، نحو: (لا تُخالطِ الرجلَ يَعملُ عملَ السُّفهاءِ)، ومنه قولُ الشاعر:

وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئيمِ يَسُبُّني
فَمَضَيْتُ ثُمَّتَ قُلْتُ: لا يَعنيني

وقولِ الآخر:

وَإني لَتَعروني لِذِكْراكِ هَزَّةٌ
كمَا انْتَفَضَ العُصفورُ بَلَّلَهُ القَطْرُ

(فليس القصد رجلاً مخصوصاً، ولا لئيماً مخصوصاً، ولا عصفوراً، مخصوصاً، لأنك ان قلت: (لا تخالط رجلاً يعمل عمل السفهاء. لقد أمرّ على لئيم يسبني. كما انتفض عصفورٌ بلله القطر) صح).
ومثلُ المعرَّفِ بألِ الجنسيّةِ ما أُضيفَ إلى المُعرَّف بِها، كقولِ الشاعر:

وَتُضِيءُ في وَجْهِ الظَّلاَمِ مُنيرَةً
كَجُمانَةِ الْبَحْرِيِّ سُلَّ نِظامُها

أي: كجُمانة بحرِيٍّ سُل نظامها.وشرطُ الجملةِ النعتيّة (كالجملة الحاليّة والجملة الواقعةِ خبراً) أن تكونَ جملةً خبريَّةً (أي: غيرَ طلبيّة)، وان تشتملَ على ضمير يَربِطُها بالمنعوت، سواءُ أكان الضميرُ مذكوراً نحو: (جاءَني رجلٌ يَحملُهُ غلامُهُ)، أم مستتراً، نحو: "جاءَ رجلٌ يحملُ عَصاً، أو مُقدَّراً، كقولهِ تعالى:
{واتَّقوا يوماً لا تُجزَى نفسٌ عن نفسٍ شيئاً}، والتقديرُ: (لا تُجزَى فيه).

(ولا يقال: (جاءَ رجل أكرمهُ) على أن جملة (أكرمْه) نعت لرجل. ولا يقال: (جاء رجلٌ هل رأيت مثله، أو ليته كريم) لأن الجملة هنا طلبية. وما ورد من ذلك فهو على حذف النعت؛ كقوله: (جاءوا بمذقٍ هل رأيت الذئب قط). والتقدير: (جاءوا بمذقٍ مقولٍ فيه: هل رأيت الذئب).
[والمذق بفتح الميم وسكون الذال: اللبن المخلوط بالماء فيشابه لونُه لونَ الذئب].

والنعتُ الشبيهُ بالجملة أن يقعَ الظرفُ أو الجارُّ والمجرورُ في موضع النعت، كما يَقَعانِ في موضع الخبر والحال، على ما تَقدَّمَ، نحو: (في الدار رجلٌ أمامَ الكُرسيّ)، (ورأيتُ رجلاً على حصانهِ). والنعتُ في الحقيقة إنما هو مُتعلِّقُ الظرفِ أو حرفِ الجرّ المحذوفُ.

(والأصل: في الدار رجل كائن، أو موجود، أمام الكرسي. رأيت رجلاً كائناً، أو موجوداً، على حصانه).

واعلم أنه إذا نُعتَ بمفردٍ وظرفٍ ومجرور وجملةٍ، فالغالب تَأخيرُ الجملة، كقولهِ تعالى: {وقالَ رجلٌ من آلِ فرعون يَكتُمُ إيمانَهُ} وقد تُقدَّمُ الجملة، كقولهِ سبحانهُ: {فسوفَ يأتي اللهُ بقومٍ يُحبّهم ويُحبُّونهُ، أذلَّةٍ على المؤمنينَ، أعزَّةٍ على الكافرين}.

4- النَّعْتُ الْمَقْطوع

قد يُقطعُ النعت، عن كونهِ تابعاً لِما قبلهُ في الإعراب، إلى كونه خبراً لمبتدأ محذوف، أو مفعولاً به لفعل محذوف. والغالبُ أن يُفعلَ ذلك بالنعت الذي يُؤتى به لمجرَّدِ المدح، أو الذَّمِّ، أو التَّرحُّمِ، نحو: (الحمدُ للهِ العظيمُ، أو العظيمَ).
[الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: هو العظيم. والنصب على أنه مفعول به لفعل محذوف، والتقدير: أمدح العظيم]

ومنهُ قولهُ تعالى: {وامرَأتُهُ حَمّالةَ الحطب}.
[حمّالة: مفعول لفعل محذوف، والتقدير: أذم حمالة الحطب]

وتقولُ: (أحسنتُ إلى فلانٍ المِسكينُ، أو المسكينَ).

وقد يُقطَعُ غيرُهُ مما لم يُؤتَ بهِ لذلك، نحو: (مررتُ بخالد النجارُ أو النجارَ).

وتقديرُ الفعل، إن نصبتَ، وأَمدَحُ، فيما أريدَ به المدحُ، (وأَذمُّ)، فيما أُريدَ به الذمُّ، و (أَرحَمُ)، فيما أُريدَ به التُّرحُّمُ، و (أَعني) فيما لم يُرَد به مدحٌ ولا ذمٌّ ولا ترحُّمٌ.

وحذفُ المبتدأ والفعل، في المقطوع المراد به المدحُ أو الذمُّ أو الترحم، واجبٌ، فلا يجوزُ إظهارُهما.

ولا يُقطَعُ النعتُ عن المنعوت إلا بشرط أن لا يكونَ مُتمّماً لمعناهُ، بحيثُ يستقلُّ الموصوف عن الصفة. فإن كانت الصفة مُتمّمةً معنى الموصوف، بحيثُ لا يَتَّضِحُ إلاّ بها، لم يَجُز قطعُهُ عنها، نحو: (مررتُ بسليمٍ التاجرِ)، إذا كان سليم لا يُعرَفُ إلا بذكر صفته.

وإذا تكرّرتِ الصفاتُ، فإن كان الموصوفُ لا يتعيَّنُ إلاّ بها كلّها، وجبَ إتباعها كلّها له، نحو: (مررتُ بخالدٍ الكاتب الشاعرِ الخطيبِ)، إذا كان هذا الموصوف (وهو خالدٌ) يُشاركهُ في اسمه ثلاثةٌ: أحدهم كاتبٌ شاعر، وثانيهم كاتبٌ خطيب. وثالثهم شاعر خطيب. وإن تعيّنَ ببعضها دونَ بعضٍ وجبَ إتباعُ ما يَتعَيَّن بهِ، وجاز فيما عداهُ الإتباعُ والقطعُ.

وإن تكرَّرَ النّعتُ، الذي لمجرَّد المدح أو الذمِّ أو الترحُّم، فالأوْلى إما قطعُ الصفاِت كلّها، وإما إتباعها كلّها. وكذا إن تكرَّرَ ولم يكن للمدح أو الَّم. غيرَ أن الاتباع في هذا أولى على كل حال، سواءٌ أتكرَّرت الصفةُ أم لم تكرَّر.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس