عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-10-2009, 12:33 PM   #653
فسحة أمل
مشرفة عدسة الأعضاء واللقطات
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2009
المشاركات: 1,583
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة النسري مشاهدة مشاركة
الباذنجانة والمرأة



قال الشيخ علي الطنطاوي في مذكراته:

في دمشق مسجد كبير اسمه جامع التوبة، وهو جامع مبارك فيه أنس وجمال،
سمي بجامع التوبة لأنه كان خاناً ترتكب فيه أنواع المعاصي، فاشتراه أحد الملوك في القرن السابع الهجري، وهدمه وبناه مسجداً.
وكان فيه منذ نحو سبعين سنة شيخ مربي عالم عامل اسمه الشيخ سليم السيوطي، وكان أهل الحي يثقون به ويرجعون إليه في أمور دينهم وأمور دنياهم،
وكان هناك تلميذ مضرب المثل في فقره وفي إبائه وعزة نفسه، وكان يسكن في غرفة المسجد.
مرّ عليه يومان لم يأكل شيئاً، وليس عنده ما يطعمه ولا مايشتري به طعاماً، فلما جاء اليوم الثالث أحس كأنه مشرف على الموت، وفكر ماذا يصنع،
فرأى أنه بلغ حدّ الاضطرار الذي يجوز له أكل الميتة أو السرقة بمقدار الحاجة، وآثر أن يسرق ما يقيم صلبه.
يقول الطنطاوي: وهذه القصة واقعة أعرف أشخاصها وأعرف تفاصيلها وأروي مافعل الرجل، ولا أحكم بفعله أنه خير أو شر أو أنه جائز أو ممنوع.
وكان المسجد في حيّ من الأحياء القديمة، والبيوت فيها متلاصقة والسطوح متصلة، يستطيع المرء أن ينتقل من أول الحي إلى آخره مشياً على السطوح،
فصعد إلى سطح المسجد وانتقل منه إلى الدار التي تليه فلمح بها نساء فغض من بصره وابتعد، ونظر فرأى إلى جانبها داراً خالية وشمّ رائحة الطبخ تصدر منها، فأحس من جوعه لما شمها كأنها مغناطيس تجذبه إليها، وكانت الدور من طبقة واحدة، فقفز قفزتين من السطح إلى الشرفة، فصار في الدار، وأسرع إلى المطبخ، فكشف غطاء القدر، فرأى بها باذنجاناً محشواً، فأخذ واحدة، ولم يبال من شدة الجوع بسخونتها، عض منها عضة، فما كاد يبتلعها حتى ارتد إليه عقله ودينه،
وقال لنفسه: أعوذ بالله، أنا طالب علم مقيم في المسجد، ثم أقتحم المنازل وأسرق ما فيها؟؟
وكبر عليه ما فعل، وندم واستغفر ورد الباذنجانة، وعاد من حيث جاء، فنزل إلى المسجد، وقعد في حلقة الشيخ وهو لا يكاد من شدة الجوع يفهم ما يسمع،
فلما انقضى الدرس وانصرف الناس، جاءت امرأة مستترة، ولم يكن في تلك الأيام امرأة غير مستترة، فكلمت الشيخ بكلام لم يسمعه،
فتلفت الشيخ حوله فلم ير غيره، فدعاه وقال له: هل أنت متزوج؟ قال: لا، قال: هل تريد الزواج؟ فسكت،
فقال له الشيخ: قل هل تريد الزواج ؟ قال: يا سيدي ما عندي ثمن رغيف والله فلماذا أتزوج؟
قال الشيخ: إن هذه المرأة خبرتني أن زوجها توفي وأنها غريبة عن هذا البلد، ليس لها فيه ولا في الدنيا إلا عم عجوز فقير، وقد جاءت به معها-وأشار إليه قاعداً في ركن الحلقة- وقد ورثت دار زوجها ومعاشه، وهي تحب أن تجد رجلاً يتزوجها على سنة الله ورسوله، لئلا تبقى منفردة، فيطمع فيها الأشرار وأولاد الحرام، فهل تريد أن تتزوج بها؟ قال: نعم.
وسألها الشيخ: هل تقبلين به زوجاً؟ قالت: نعم.
فدعا بعمها ودعا بشاهدين، وعقد العقد، ودفع المهر عن التلميذ، وقال له: خذ بيدها، وأخذت بيده، فقادته إلى بيته، فلما دخلته كشفت عن وجهها، فرأى شباباً وجمالاً، ورأى البيت هو البيت الذي نزله، وسألته: هل تأكل؟ قال: نعم، فكشفت غطاء القدر، فرأت الباذنجانة، فقالت: عجباً من دخل الدار فعضها؟؟

فبكى الرجل وقص عليها الخبر، فقالت له:هذه ثمرة الأمانة، عففت عن الباذنجانة الحرام،


فأعطاك الله الدار كلها وصاحبتها بالحلال.
سبحان الله قصة فيها من العبر ما يكفي ليتعظ الإنسان ويبتعد عن الحرام .
لقد روت لي امي قصة مماثلة تماما والفرق بينهما هو التفاحة عوض الباذنجانة
وايضا قصة التفاحة كانت من الزمن الغابر أيام الأمراء والوزراء والعزب المليئة بالخيرات.
ولقد كان طالب يبغي العلم فتوجه إلى أقاصي البلاد وبينما هو في الطريق أحس بالجوع
فرأى أمامه مزرعة ما شاء الله فيها من الخيرات ما تشتهيه الأنفس,فتغلبت عليه نفسه فقال كل هذه الخيرات وماذا سيحدث لو أكلت تفاحة واحدة من تلك الشجرة؟ ثم قطفها وعض منها عضة واحدة وإذا به يجهش بالبكاءقائلا لنفسه يا ويلتاه ماذا فعلت وأنا الذي اتيت طلبا للعلم في سبيل الله ,فقرر أن يستأن صاحب المزرعة ويطلب منه العفو , فبحث عنه ولما وجده بعد تعب ومشقة ,حكى له ما فعله وطلب منه المسامحة ,ولكن صاحب المزرعة رفض مسامحته واشترط عليه ان يتزوج ابنته الكفيفة الخرساء المقعدة
حتى يسامحه, فكر الطالب مليا ووافق أن يتزوج الفتاة فقال لصاحب المزرعة إذا كان زواجي منها يجعلني أنال رضى الله ومغفرته إذا فلأتزوجها وأحسن إليها أيضا,
وعندما دخل على عروسه وجدها غاية في الصحة والشباب والجمال.

شكرا جزيلا لك أخي النسري على القصص الرائعة والمعبرة , فكل واحدة تحمل مغزى معين من القيم والمبادئ الأخلاقية الحميدة.
وإنها بالفعل قصص مؤثرة
بارك الله فيك
__________________



فسحة أمل غير متصل   الرد مع إقتباس