عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-05-2022, 07:51 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,950
إفتراضي قراءة في كتاب الاستهزاء

قراءة في كتاب الاستهزاء
المؤلف أسامة العبد اللطيف والكتيب يدور حول الاستهزاء كعمل من الأعمال وكعادة القوم تحدث الرجل عن كونه خلق مذموم فقال في "المقدمة:
وبعد:
فإن مما شاع في هذه الأزمنة - لقلة الدين وجعل الناس - الاستهزاء والسخرية، وللرغبة في تنبيه الناس بخطورة هذا الأمر والحذر منه، سطرت هذه الورقات القليلة، التي أدعو الله - عز وجل - أن يبارك فيها وأن ينفع بها إنه سميع مجيب."
وبالقطع الاستهزاء وهو السخرية منه مباح ومنه محرم فمن استهزىء بنا ستم الاستهزاء به كما قال تعالى على لسان نوح(ص):
" إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون"
وقد استهل حديثه بتعريف الاستهزاء فقال :
"تعريف الاستهزاء
قال ابن منظور :
هزأ الشيئ يهزؤه هزءا: كسره ... وهزأ الرجل: مات.
قال الأخفش:
«سخرت منه، وسخرت به، وضحكت منه، وضحكت به، وهزئت منه، وهزئت به، كل يقال، والاسم: السخرية».
والاستهزاء كلمة تشمل: السخرية، والاستنقاص، والضحك، والاستخفاف.
والاستهزاء خلق ذميم، تخلق به أعداء هذا الدين من يهود ونصارى ومنافقين، فأصبح همهم الكيد للإسلام وأهله، والبحث عن الفرص لبث سمومهم ضد المؤمنين، فانتشر هذا الوباء الخطير انتشار النار في الهشيم، وتلقفه بعض المسلمين - هدانا الله وإياهم - متناسين حرمته، وآثاره المترتبة عليه في الدنيا والآخرة.
لذا .. لزم التنبيه والتحذير، ذلك أنها ظاهرة لا تبشر بخير أبدا، بل هي منذرة بعذاب عظيم لمن سار في هذا الطريق المشين"
وكما سبق القول الاستهزاء ليس كله مذموم وإنما أباحه الله للمسلمين كخلق محمود ردا على استهزاء الكفار حتى أن الله نفسه يستهزىء بالكفار كما قال :
" الله يستهزىء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون"
ولا يمكن وصف عمل الله هنا بالذم وإنما عدل منه
وحدثنا عن أنواع الاستهزاء فقال :
"أنواع الاستهزاء
1 - الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله: ومن وقع منه هذا النوع فهو كافر بنص الآية الكريمة التالية، سواء قصد ذلك أم لم يقصده، أكان مازحا أم جادا، قال الله تعالى: {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} وسبب نزول هذه الآية ما رواه ابن جرير الطبري - رحمه الله - في تفسيره، وابن أبي حاتم بإسناد لا بأس به، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رجل في غزوة تبوك، في مجلس: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عند اللقاء.
فقال رجل في المجلس: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ونزل القرآن: قال عبد الله بن عمر: فأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تنكبه الحجارة، وهو يقول: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}.
2 - الاستهزاء بصحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «ولقد تفنن البعض من المستهزئين في هذا المجال، وتطاولوا على الصحابة الكرام، وقدحوا في البعض منهم».
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين «وبهذا يعرف أن من يسب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كافر، لأن الطعن فيهم طعن في الله ورسوله وشريعته»
3 - الاستهزاء بعباد الله المؤمنين: لتمسكهم بأحكام الله تعالى وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ كإعفاء اللحية، ورفع الثوب فوق الكعبين.
قال الله تعالى: {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون * وإذا مروا بهم يتغامزون}
فالاستهزاء بالمسلم لإسلامه: كفر، ولا يتأتى هذا من مسلم أبدا ... ، ومن هذا الباب -أيضا- معاداته لأجل تدينه، وفتنه ليرجع عن دينه، وهذا كفر وصد عن سبيل الله تبارك وتعالى ... »
4 - الاستهزاء بعموم الناس: سواء المؤمن أو الفاسق، ونبزهم بالألقاب والسخرية بهم، ومحاكاة خلقتهم وأفعالهم.
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم}
وعنه أنه قال: «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم»
كما يخشى على المستهزئ أن تعود عليه تلك الخصلة التي سخر من غيره بها، فيتصف بها ويبتلى بفعلها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تظهر الشماته لأخيك فيرحمه الله ويبتليك»
وهذا الاستهزاء فيه نوع أذية، قال الله تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات ... }
فالاستهزاء أمره عظيم للغاية، ولا يعني المحافظة على الواجبات ترك العنان للسان ليقول ما شاء، ويقع فيمن شاء؟
فكثير من الناس يرى المحافظة على الصلاة سببا كافيا للنجاة من عذاب الله - عز وجل -، وهذا الأمر جد خطير يلزم تنبيه الناس إليه، فاللسان من أسباب دخول النار، وأكثر الجوارح جمعا للخطايا. قال - صلى الله عليه وسلم -: «أكثر خطايا ابن آدم في لسانه» ورأينا في آية التوبة السالفة الذكر كيف أثبت الله - عز وجل - للمستهزئين الإيمان قبل أن يطلق عليهم الكفر، وذلك لكلمة يظنها البعض عابرة وأن أمرها ليس بالأمر العظيم."
وهذه الأنواع مبنية على أساس تقسيم المستهزأ بهم وهناك تقسيمات أخرى لم يذكرها المؤلف مثل :
التقسيم على أساس الحل والحرمة فهناك استهزاء محرم وهناك استهزاء مباح
والتقسيم على أساس طريقة الاستهزاء وهو أسلوب الاستهزاء فهناك استهزاء كلامى وهناك استهزاء جسدى وهناك استهزاء بالرسم كما في الفن المسمى الكاريكاتير ...
وتحدث العبد عن اقوال الفقهاء في الاستهزاء فقال :
"أقوال العلماء في الاستهزاء
تصدى كثير من علماء المسلمين للمستهزئين، كما بينوا حكم الاستهزاء، ودرجاته وصوره، وحذروا من الوقوع فيه.
وهذه جملة من أقوالهم، نسوقها للقارئ الكريم ليقف على حكم هذه المصيبة، والتي ابتلى بها كثير من المسلمين:
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية إن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر، يكفر به صاحبه بعد إيمانه»
* جاء في كتاب (روضة الطالبين) للإمام النووي
«ولو قال وهو يتعاطى قدح الخمر، أو يقدم على الزنا: بسم الله تعالى، استخفافا بالله، كفر»
* قال ابن قدامة المقدسي: «من سب الله تعالى كفر، سواء كان مازحا أو جادا، وكذلك من استهزأ بالله تعالى أو بآياته أو برسله أو كتبه، قال الله تعالى: {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين} وينبغي أن لا يكتفى من الهازئ بذلك بمجرد الإسلام حتى يؤدب أدبا يزجره عن ذلك»
* وسئل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم الذي يبغض اللحية، ويقول: وساخة، هل هو مرتد؟
فأجاب: «إن كان يعلم أنه ثابت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهذا استهزاء بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فيحرى أن يحكم عليه بذلك»
* ويقول العلامة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في تفسيره: «إن الاستهزاء بالله ورسوله كفر يخرج عن الدين، لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسوله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل، ومناقض له أشد المناقضة»
* وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم الاستهزاء بأهل الخير والصلاح، فأجاب: «هؤلاء الذين يسخرون بالملتزمين بدين الله المنفذين لأوامر الله، فيهم نوع نفاق، لأن الله قال عن المنافقين: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم}
ثم إن كانوا يستهزئون بهم من أجل ما هم عليه من الشرع، فإن استهزاءهم بهم استهزاء بالشريعة، والاستهزاء بالشريعة كفر، أما إذا كان يستهزئون بهم يعنون أشخاصهم وزيهم بقطع النظر عما هم عليه من اتباع السنة فإنهم لا يكفرون بذلك، لأن الإنسان قد يستهزئ بالشخص نفسه بقطع النظر عن عمله وفعله، لكنهم على خطر عظيم، والواجب تشجيع من التزم بشريعة الله ومعاونته وتوجيهه إذا كان على نوع من الخطأ، حتى يستقيم على الأمر المطلوب "
كلام القوم في الاستهزاء كلام عام لا يفرق بين مسلم وذمى ومحارب وهو يركز على الاستهزاء بالله تعالى والرسول (ص) كما أنه لم يبين العقوبة قى كل حال من ا لأحوال
والاستهزاء هو نوه من أنواع السب فإن كان سب بباطل كانت عقوبته عقوبة جريمة السب للمسلم والسب كذب ومن ثم فهى شهادة زور وعلى من فعلها من المسلمين أن يتوب وإلا عرض نفسه للعقاب لكونه مرتد وأما استهزاء الذمى فهو مكذب بالدين ومن ثم لا يعاقب على استهزائه إلا إذا أعلنه في دولة المسلمين وأما المحاربين فهؤلاء معاقبون بالحرب فعليا ومن ثم لا يمكن تنفيذ عقوبة السب فيهم لكونهم على أرضهم
وحدقنا عن دوافع الاستهزاء فقال :
"دوافع الاستهزاء
هناك دوافع كثيرة تقود الإنسان إلى الوقوع في هذا الخلق المشين، نورد لك شيئا منها بإيجاز:
1 - ضعف الإيمان، وقلة الخوف من الله - عز وجل -، وهذا من أهم الأسباب وأقواها.
2 - كثرة المجالس التي لا نفع فيها، وهذا ظاهر في كثير من مجتمعات المسلمين في الوقت الحاضر، وكذلك الفراغ الكبير الذي يعيشه معظمهم.
3 - حب الثناء، وللأسف أصبح الثناء في وقتنا الحاضر لمن يسخر ويكذب وينقل الأخبار الباطلة على سبيل الإضحاك، وإن تطاول على شرع الله وعباده المؤمنين.
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس