عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-05-2023, 07:24 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,967
إفتراضي

يضاف إلى ذلك أن الجمهور يرون أن تنفيذ الوعد وإن كان غير لازم لكن يستحب لمن وعد أن ينفذ ما وعد وهذا يشمل كل وعد سواء كان وعدا بالتبرع أو وعدا بعقد معاوضة، فإذا كان من المستحب الإيفاء بالوعد فكيف يكون مجرد إلزام الواعد نفسه أو الواعدين نفسيهما بأن ينفذا ما تواعدا عليه يجعل العقد غير صحيح مع أنه تأكيد لفعل أمر مستحب.
رابعا: إن هذا التأويل لا يتحقق فيه علة بيع ما لا يملك الموجبة لعدم صحة العقد. ويتبين هذا من طريقة تنفيذ هذا الاتفاق بالوعد الملزم، فالواعد يصدر وعدا ملزما بالشراء إذا ابتاع الموعود له السلعة، ثم يقوم الموعود له بشراء السلعة من السوق فيصبح مالكا لها، ثم بعد ذلك يبيع السلعة إلى الواعد بعقد جديد وهو في هذه الحال يبيع ما يملك.
إذا صح ما سبق فإن تأويل "إلزام النفس" بالوعد الملزم هو تأويل غير صحيح، وليس هو المعنى الذي قصده الشافعي من إلزام الطرفين نفسهما بالتبايع.
التأويل الثاني: إلزام النفس بالتعاقد
مقتضى هذا التأويل أن إلزام الطرفين أنفسهما بالتبايع يكون عن طريق التعاقد وليس الوعد أو التواعد.
وتتحقق هذه الصورة بالمثال التالي: وهو أن يقول الطرف الأول للطرف الثاني: "إذا ابتعت السلعة الفلانية فإني اشتريها منك بربح وقدره كذا" فيقول الطرف الثاني: "قبلت بذلك".
وبمقتضى هذه الصيغة فإن الاتفاق ببيع السلعة يصير لازما للطرف الثاني بمجرد أن يقوم الطرف الأول بشراء السلعة دون أن يبرما بعد ذلك عقدا جديدا لاحق على العقد الأول.
وفي هذه الصورة تتحقق العلتان اللتان بهما يفسد التعاقد:
فمن حيث العلة الأولى فإن البائع باع من وقت التعاقد سلعة لم يملكها بعد.
ومن حيث العلة الثانية فإن العقد معلق على أمر قد يقع أو لا يقع في المستقبل وهو حدوث الشراء من البائع.
وحيث توافر هذان الوجهان فإن هذا التأويل هو التأويل الصحيح لعبارة إلزام النفس بالتبايع
حكم صدور عقد لاحق بعد أن ألزم المتبايعان أنفسهما بالعقد
وهنا نطرح مسألة قد ترد لدى البعض، وهي ما الحكم في مذهب الشافعية فيما لو قام البائع بعد شراء السلعة - التي ألزم الطرفان أنفسهما بشرائها - ببيعها إلى الطرف الأول بعقد جديد فهل العقد الجديد اللاحق على العقد الأول هو عقد غير صحيح.
وحكم هذه المسألة في فقه الشافعية يعلم من الإجابة على السؤال التالي وهو هل يتوافر في هذه المسألة أحد العلتين المذكورتين أعلاه، فإذا توافرت كلا العلتين أو أحدهما كان العقد غير صحيح وإن انتفت العلتين حكمنا بالصحة. وبيان ذلك في التالي:
أولا: شراء البائع للسلعة بعد أن تم التعاقد المعلق على الشرط هو شراء صحيح لازم له وبه يتحقق تملكه للسلعة.
ثانيا: إن العقد الجديد اللاحق على العقد الأول المعلق على الشرط هو عقد توافر فيه التالي:
1 - أن هذا العقد اللاحق صدر عن عقد ناجز ولم يعلق فيه الإيجاب والقبول على شرط.
2 - أن هذا العقد صدر بعد أن تملك البائع السلعة وبذلك يكون قد باع ما يملك.
وبذلك فإن البيع الأول هو بيع غير صحيح والبيع الثاني الذي صدر هو بيع صحيح متوافر الأركان، والله أعلم.
هل الصورة الثانية من البيوع الربوية
يعلم من صورة المسألة وعلة عدم صحتها أن السبب في فسخ العقد لا يتعلق بكون العقد باطلا من جهة الربا فعدم الصحة علله الإمام الشافعي بالمخاطرة التي تمثلت في تعليق العقد على شرط حدوث أمر وهذا لا يجعل العقد من العقود الربوية.
والعلة الأخرى وهي تمثلت في بيع ما لا يملك وهو في فقه الشافعية ليس له علاقة بالبيوع الربوية فلو فرضنا أن الاتفاق كان على أن يشتري بمائة ويبيعه عليه بمائة حالة أو مؤجلة فإن البيع مفسوخ لأنه بيع لما لا يملك، وفي هذه الصورة لا يوجد أي شبه بالربا. وعليه ففي فقه الشافعية فإن بيع ما لا يملك ليس له صلة بالبيوع الربوية، وهي علة مستقلة عنه."
هذا الشرح نستنتج منه التالى:
البيع باطل لأنه الكلام على عدم الوفاء بالوعد يتناقض مع أن المسلمين يوفون بعهودهم وهى وعودهم كما قال تعالى :
" والذين هم لآماناتهم وعهدهم راعون"

البيع يتضمن بيعتين فى بيعة
البيع هو شراء لشىء غير محدد المواصفات وهو ما يسمونه غائب
وتحدث محمد هم حكم البيوع المنهى عنها عند الشافعى فقال :
"المبحث الثاني
حكم البيوع المنهي عنها في الفقه الشافعي
يقسم الشافعية البيوع المنهي عنها إلى قسمين (انظر مغني المحتاج 2/ 42)
القسم الأول: فاسد لاختلال ركن أو شرط
مثاله النهي عن بيع الملامسة وله تفسيران:
الأول: أن يلمس ثوبا مطويا ثم يشتريه على أن لا خيار له إذا رآه وهذا العقد باطل لعدم رؤية المبيع الذي هو شرط في صحة البيع.
الثاني: إن يقول البائع إذا لمست الثوب فقد بعتك وهذا العقد باطل لعدم الصيغة وهي ركن في صحة البيع. (مغني المحتاج 2/ 43)
والقسم الثاني: بيع منهي عنه غير فاسد لأن النهي لم يتعلق بخصوصية البيع أي لذاته ولكن لأمر آخر خارج عن العقد.
مثاله النهي عن بيع حاضر لباد وفسر هذا البيع "بأن يقدم غريب بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعر يومه فيقول بلدي (إي من المقيمين في البلد الذي وفد إليه الغريب) اتركه عندي لأبيعه على التدرج بأغلى". (مغني المحتاج 2/ 50)
وحرم هذا البيع لا لخلل في ذات عقد البيع الذي سيقوم به المقيم في البلد نيابة عن الغريب ولكن حرم لما فيه من التضييق على الناس في سلعة تعم حاجتهم إليها.
ومن هذه القاعدة يعلم أن الشافعية يعتبرون في صحة أي عقد أو عدم صحته بتوافر أركان هذا العقد وشروط الصحة فإذا توافرت الأركان والشروط كان العقد صحيحا وإذا لم تتوافر كان العقد غير صحيح، والله أعلم."
والمبحث الثانى قصر فيه محمد فلم يذكر البيوع المنهى عنها كله ولو بالعناوين وفى المبحث الثالث قام بتحريج الكم حسب المذهب فقال :
"المبحث الثالث
تخريج حكم بيع المرابحة للآمر بالشراء
وفقا لقواعد مذهب الإمام الشافعي
ذكرنا في أول البحث صورة بيع المرابحة بالوعد الملزم والذي ينفذ من البنوك الإسلامية بالصورة التالية:
- يتقدم العميل إلى البنك بالأمر بشراء سلعة معينة مرابحة ويحدد له مقدار هذا الربح المضاف إلى سعر التكلفة.
- في حال الموافقة على طلب العميل يوقع الأخير على وعد بشراء السلعة في حال شراء البنك لها، ويقر بأن هذا الوعد ملزم له ولا يحق له الرجوع عن هذا الوعد ويتنازل عن أي حق له في الرجوع عن تنفيذ وعده.
- يقوم البنك بشراء السلعة إما بنفسه أو عن طريق توكيل العميل بشراء هذه السلعة لصالح البنك.
- بعد أن يشتري البنك السلعة وتدخل في حيازته يبيع البنك السلعة إلى العميل وذلك بتوقيع عقد مرابحة مستقل يوقع بين الطرفين.
فما حكم هذه النوع من الاتفاق في مذهب الإمام الشافعي في ضوء الأحكام والقواعد التي قررت أعلاه؟ إن حكم هذا الاتفاق يتمثل في التالي:
- أن الترتيب السابق قبل توقيع عقد المرابحة لا يخرج عن أن يكون تواعدا من الطرفين أو وعدا من طرف واحد (بحسب صيغة الاتفاق) على إبرام عقد في المستقبل معلق على حدوث أمر معين وهو شراء البنك للسلعة.
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس