عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-06-2023, 07:03 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,992
إفتراضي

وأما عطاء بن السائب فإنه لم يكن من المتميزين لحفظ حديث طاوس الضابطين عنه كهذين الاثنين على أن رواية جرير والفضيل وموسى بن أعين عنه كانت في حال الاختلاط كما سبق فلم يبق حينئذ إلا رواية ابن عيينة عنه وهي محتملة أن تكون قبل الاختلاط لما ذكره الإمام أحمد وابن الكيال إلا أن عدم شهرة هذا الوجه عند الأئمة يجعل في الأمر ريبة!! ولذا قال ابن عدي في الكامل (5/ 364): ((لا أعلم روى هذا الحديث عن عطاء غير هؤلاء الذين ذكرتهم: موسى بن أعين وفضيل وجرير)) ونقل الحافظ عن البزار قوله: ((لا أعلم أحدا رواه عن النبي (ص)إلا ابن عباس ولا نعلم أسند عطاء بن السائب عن طاوس غير هذا يعني الثوري ورواه غير واحد عن عطاء موقوفا)) [التلخيص 1/ 130]
ومن المرجحات أيضا لتقديم رواية الوقف على رواية الرفع أن عبد الله بن طاوس كان يمانيا كأبيه بخلاف ابن ميسرة وعطاء فإنهما كانا مكيين. فعلى هذا يكون الراوي أعرف برواية بلديه من غيره لاسيما إذا كان أباه ويكون إبراهيم بن ميسرة وهو أوثق أصحاب طاوس هؤلاء قد تابعه على هذا الوجه والله أعلم.
وبالجملة؛ فإن الراجح في حديث طاوس هو رواية الوقف وقد رجحها جمع من الأئمة كالنسائي وابن الصلاح والمنذري [انظر التلخيص 1/ 129] وقال البيهقي في المعرفة (ح 2956): ((وروي موقوفا والموقوف أصح)) وقال النووي في المجموع (8/ 14): ((روي هذا الحديث عن ابن عباس مرفوعا بإسناد ضعيف. والصحيح أنه موقوف على ابن عباس كذا ذكره البيهقي وغيره من الحفاظ)) وقال أيضا في (21/ 274): ((يروى موقوفا ومرفوعا وأهل المعرفة بالحديث لا يصححونه إلا موقوفا ويجعلونه من كلام ابن عباس)). وممن رجح وقفه أيضا الحافظ ابن عبد الهادي في المحرر في الحديث (1/ 123).
وأشار الترمذي عقب الحديث إلى ترجيح وقفه كما هو المفهوم من سياقه حيث قال: ((وقد روي هذا الحديث عن ابن طاوس وغيره عن طاوس عن ابن عباس موقوفا ولا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن السائب)).
وأما الثاني: وهو سعيد بن جبير فقد جاء عنه من طريقين اثنين:
الطريق الأول: رواه الفضيل عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي (ص) مرفوعا بنحو حديث الباب.
وقد رواه عن الفضيل أبو بكر الحميدي في رواية عبدالله بن أحمد بن أبي مسرة عنه. وهو مما تفرد به ابن أبي مسرة عن الحميدي والصحيح في رواية الحميدي ما رواه الدارمي
وهو ثقة ثبت إمام أهل زمانه عنه عن الفضيل عن عطاء عن طاوس عن ابن عباس عن النبي (ص) مرفوعا ((لا ذكر لسعيد بن جبير فيه)).
وابن أبي مسرة غير مشهور بالرواية عن الحميدي؛ فالدارمي أكثر منه رواية عنه كما أن هذا الوجه هو الموافق لرواية الجماعة من أصحاب الفضيل فيقدم حينئذ ويكون هو الوجه الصحيح عن الحميدي؛ والله أعلم.
الطريق الثاني: رواه القاسم بن أبي أيوب عن سعيد عن ابن عباس قال: قال الله لنبيه {طهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود} فالطواف قبل الصلاة. وقد قال رسول الله (ص) ((الطواف بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه المنطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير)).
قال الحاكم بعد روايته: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وإنما يعرف هذا الحديث عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير" وقال الذهبي في تلخيصه: ((إنما المشهور لحماد بن سلمة عن عطاء)).
قلت: مراد الذهبي هنا ما أخرجه الحاكم عقبه (2/ 267) من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال الله لنبيه {طهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود} فالطواف قبل الصلاة.
وحماد قد اختلف في سماعه من عطاء أهو قبل الاختلاط أم بعده؟
فنص بعضهم بصحة سماعه منه قبل الاختلاط كابن معين في رواية الدوري عنه وأبي داود وابن الجارود والطحاوي وحمزة الكتاني وغيرهم (التهذيب 7/ 204 والكواكب النيرات ص 325).
وذهب آخرون منهم العقيلي ونقله عن يحيى القطان (الضعفاء 3/ 339 وانظر التهذيب أيضا) وابن معين في رواية أخرى عنه أن جميع من روى عنه كان في حال الاختلاط إلا شعبة والثوري (الكامل 5/ 362) ومنهم أيضا عبدالحق الأشبيلي ذكره عنه في الكواكب النيرات.
والأشبه الجمع بين القولين بأن حماد بن سلمة قد سمع من عطاء في الحالين ولكن لم يتميز هذا عن هذا وهو لا يتنافى مع نصوص أولئك الأئمة إن صحت الرواية عنهم وإلى هذا مال الحافظ في التهذيب (7/ 207) وكان قد رجح في التلخيص (1/ 248) القول الأول.
وعلى كل؛ فإن حماد بن سلمة قد تفرد به عن سائر أصحاب عطاء؛ والله أعلم.
أما الحافظ في التلخيص فإنه قال (1/ 130): ((صحح الحاكم إسناده وهو كما قال فإنهم ثقات)) ثم قال بعد ذلك: ((إنها سالمة من الاضطراب إلا أني أظن أن فيها إدراجا والله أعلم))وهذا الإدراج يعني به قوله: ((قال رسول الله (ص)))."
وبعد كل الحديث الطويل الذى لا يهمنا ولا يهم القارىء لأن المفروض قبل اتعاب النفس واتعاب الغير هو البحث عن صحة المتن فذلك أفضل للمعرفة والدعوة وأوفر للجهد
وحكم الغصن على الحديث فقال:
خلاصة الحكم على الحديث:
يتلخص مما سبق أن الحديث قد جاء عن ابن عباس من طريق طاوس بن كيسان وسعيد بن جبير.
أما طاوس بن كيسان فقد اختلف عليه فيه على أوجه وأصحها رواية ابنه عبد الله بن طاوس وإبراهيم بن ميسرة كلاهما عنه به موقوفا وهي التي صححها الأئمة كما تقدم.
وأما سعيد بن جبير فقد جاء عنه من طريقين اثنين وفي كلا الطريقين كلام.
وتقدم أيضا أن من جعله من مسند عبد الله بن عمر فقد أخطأ وخالف الجماعة الذين جعلوه من مسند ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين."
وما سبق من كلام ليس حكما على الحديث بالصحة أن البطلان كما هو المفروض وإنما حكم على أنه حديث موقوف وليس مرفوع وكان المفروض أن بحكم ببطلانه لوجود علل عدة في أسانيده مثل أقوال الغصن :
-"ليث بن أبي سليم لأنه ضعيف"
-"رفعه عن إبراهيم محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير وهو ضعيف"
-"عطاء بن السائب وهو صدوق قد اختلط بأخرة"
وروى زيادة في احدى الروايات وهى :
"قال: قال الله لنبيه {طهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود} فالطواف قبل الصلاة"."
وهى زيادة باطلة لأن الصلوات تكون قبل وبعد الطواف فهذا الكلام يصح لو أنها صلاة واحدة في اليوم
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس