عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-12-2007, 06:31 PM   #5
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[القاهرة]

د. فاضل محمد علي (رئيس الاتحاد العربي للفيزياء الحيوية): 79 وقَّع عقد مع هيئة الطاقة الذرية، إنما هو لغاية سنة 79 كان في الجامعة التكنولوجية وبيعمل فيها، وهذا لا يمنع التعاون العلمي في مجال أبحاث علمية تسير بين الجامعة، وزي ما بيحصل هنا في مصر وفي أي مكان في العالم..

يسري فوده: يعني في تخصص دقيق قد يسمح لك أن تستشعر أكثر من المواطن العادي.. ربما بالطموحات العراقية التي بدأت تتنامى في تلك الفترة، من امتلاك قوى نووية، يعني كما تكشفت أبعادها فيما بعد، يعني هل كنت تلحظ ذلك؟

د. فاضل محمد علي: هو كان الطموحات العربية وحتى في مصر حتى الآن إن إحنا طالما فيه هناك من يمتلك القنبلة النووية.. للدفاع عن النفس لابد أن يكون لك نفس الشعور، والعراق فتحت أبوابها كانت –يعني- عندها طموحات وطموحات جيدة، يعني مش.. مش ضارة.

زنوبة الخشخاني (أرملة يحيى المشد): بس طبعاً يعني متخاوف كده إنه يستمر معاهم على اعتبار إنه هنا في مصر لما كان بيشتغل في الطاقة الذرية في أنشاص، وكان بيروح كلية العلوم والكلية الفنية العسكرية في مصر، ما كانوش يعني مديين له [يعطوه] له برضوا التقديرات والإمكانيات الكافية إنه يعيش، وده السبب الرئيسي اللي خلانا أيه، رحنا العراق، وبعدين ما رحش، مثلاً: السعودية ولا الكويت، والحاجات دي اللي فيها فلوس، راح العراق علشان فيها مفاعل ذري، إنه يتابع شغله هناك وهم معاهم الفلوس ويقدر ينفذ.

[باريس 1974]

يسري فوده: في عام 74 وصل (فاليري جيسكار دي ستان) إلى سدة الحكم في فرنسا وقد انفجرت أسعار النفط العربي.

شريف الشوباشي (مدير مكتب الأهرام في باريس): البترول كان عنصر من العناصر التي أخذت في اعتبار متخذي القرار الفرنسي، (جيسكار دي ستان) هو أول من باع السلاح للعالم العربي باعه.. باع طائرات الميراج لمصر قبل الفترة التي نتحدث عنها بحوالي خمس سنوات عام 75 إنما كان هناك نفطة محظورة وهي المجال النووي.

[باريس 1975]

علاقات العراق النووية بفرنسا وأسباب سفر المشد إلى باريس

يسري فوده: بعدها بعام عام 75 كانت نائب مجلس قيادة الثورة العراقية آنذاك –صدام حسين- في زيارة لفرنسا، وكانت على جدول أعماله جولة بصحبة رئيس الوزراء الفرنسي –آنذاك- (جاك شيراك) لتفقد مركز الطاقة النووية الفرنسي في منطقة (كتراج) بالقرب من (مارسيليا) في جنوب فرنسا، تقول مصادر غربية إن الزعيمين احتفلا لدى نهاية الزيارة بتوقيع صفقة لم تبلغ بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ليس لدينا دليل على ذلك..

د. غازي فيصل (سفير العراق في باريس): طبعاً هو كان موجود في فرنسا ضمن إطار الزيارات العلمية اللي يقوم بها العلماء العراقيين إلى المختبرات إلى المنشآت اللي توجد بينها وبين العراق اتفاقات في إطار بناء القدرات العلمية التكنولوجية النووية العراقية للأغراض السلمية، وهو موجود ضمن إطار بروتوكولات التعاون بين العراق وبين هذه المؤسسات العلمية، وأكيد استهدفت إسرائيل، كما دائماً تستهدف أو تحاول أن تستهدف علاقات التعاون العراقية الفرنسية على مختلف الأصعدة، ومن ضمنها وأبرزها هو التعاون في المجال العلمي والتكنولوجي النووي أو غيره من مجالات التعاون التكنولوجي.

[بغداد 1976]

يسري فوده: بعد ذلك بعام.. عام 76 كان (جاك شيراك) يرد الزيارة، في تلك الآونة كانت دول أوروبية قد استحدثت أسلوب الطرد المركزي لاستخلاص اليورانيوم 235 بنسبة تخصيب تصل إلى 93%، ما يغني عن الحاجة إلى إنشاء مفاعل ضخم لإنتاج البولتنيوم 239.

د. فاضل محمد علي: العراق كان عنه هذا المفاعل اللي هو كان هيتعمل في فرنسا وطلبوا منه إن يعمل له.. ياخده بالنظام الجديد وقد تم.. قد تم بعد سلسلة من المحادثات وأنا أعتقد إن يحيى كان فيها، لهذا السبب سافر إلى فرنسا، وأنا كنت عارف.

يسري فوده: حضرتك كنت عارف؟

د. فاضل محمد علي: أيوه طبعاً.

[جنوب فرنسا 1979]

يسري فوده: بعيد التحاق يحيى المشد بمنظمة الطاقة الذرية العراقية هبط في مطار (إير) قرب مدينة (تولون) في جنوب فرنسا فريق من ثلاث أشخاص قدموا في رحلة داخلية من باريس، عندما وصلوا إلى (تولون) توجهوا إلى محطة القطار حيث أستأجروا سيارة من طراز (رينو 12) قادوها إلى فيلا قريبة، داخلها كان أربعة آخرون في انتظارهم، هؤلاء، تقول مصادر فرنسية إنهم من عملاء جهاز الاستخبارات الصهيوني "الموساد"، باتوا ليلتهم يرسمون خطة تخريبية.

في اليوم التالي الخامس من أبريل نيسان عام 79 توجه المخربون في طريقهم إلى مرفأ صغير، غربي تولون يدعى (لاسين سومير) كانت هذه جولة استطلاعية أرادوا من وراءها تحديد موقع جريمتهم، في هذا الموقع، في مخزن بعينه يشبه هذه المخازن كانت تقبع درة التعاون العراقي الفرنسي تمهيداً لشحنها عن طريق مارسيليا إلى بغداد بعد أيام معدودة.

وضع زوار الليل لمساتهم الأخيرة على خطتهم قبل أن يعودوا تحت جنح الظلام، فيما يراد لنا أن نفهم أن خطتهم الأولى كانت سرقة قلبي المفاعلين العراقيين "إيزيس" و"أوزوريس" كما سماهم الفرنسيون أو كما سماهم العراقيون "تموز 1"، و"تموز 2" في يسر تسللوا إلى الداخل، وفي يسر ميزوا الشحنة العراقية من بين شحنات أخرى مماثلة، وفي يسر تسرب الوقت فلجأوا إلى خطتهم البديلة، فجروا قلبي المفاعلين ولاذوا بالفرار.

د. غازي فيصل: كل اللي ذكر إنه.. أشيرت أصابع الاتهام حول الموساد.. وبنفس الوقت تم الإشادة في حينها يعني ببراعة العملية، كيف وصلوا هؤلاء الجناة إلى هذا المكان على الرغم من إنه وجود حراسة، على الرغم إنه العملية هي تتم برعاية السلطات الفرنسية، الأجهزة الأمنية المختصة لحماية هذا الجهاز أو هذا القلب لكي ينقل من المصنع إلى البحر، لكي ينقل إلى مكان اللي هو مكان معلوم في العراق.

عادل حمودة: التواطؤ في اعتقاد هو موجود في هيئة الطاقة النووية، وعندنا دليل إضافي على ذلك مواعيد تسليم المفاعلين العراقيين اللي هما إيزيس وأوزوريس اللي همَّ اتفجروا قبل كده في مارسيليا بدقة، وقبل وقت يكاد يكون بتتكلم على ساعات قبل الشحن، يعني إذاً هو في المخازن بتاعة الشركة، إذاً أنت قدام أشياء دقيقة جداً، لا أتصور إنه الشرطة الفرنسية ترقى إلى مستوى أن تكون طرف مع الموساد، المسألة أكبر من الشرطة الفرنسية.

فؤاد أبو منصورة: والرئيس (دي ستان) أراد ألا يخسر العقود التي وقعت مع العراق، لأنها كانت عقوداً دسمة للصناعات التسليحية الفرنسية، وفي الوقت ذاته حاول أن.. أن لا يتهم بأنه يساعد على الانتشار النووي، ماذا فعل يومها؟ طلب من من المفوضية النووية إنتاج وقود اسمه "وقود كراميل" يعني بدل أن مخصب بنسبة 97.. 94% من اليورانيوم المخصب أن يكون مخصباً فقط بنسبة 7%، يعني أن يُشغل مفاعل أوزيراك التي باعته فرنسا، ولكن هذا الوقود يكون عاجزاً عن إنتاج القنبلة النووية.

د. غازي فيصل: في حينها أصر العراق أنه هناك عقد بين العراق وبين المؤسسات الفرنسية يفترض أن يتسلم مفاعل بنفس المواصفات العلمية التكنولوجية، لأن لا،.. لا.. لا يستطيع (الكراميل) أنت ينتج طاقة نووية بنفس المواصفات اللي ممكن، هذا إذا.. فعلاً صح تكهنات العلماء، واستطاعوا الوصول في حينه إلى إنتاج الكراميل وتحوير القلب مال المفاعل إلى آخر من تفاصيل التقني.

زنوبة الخشخاني: قال لي: ماكينات أنا رجعتها لهم عشان مش دي المواصفات اللي أن طالبها.

قلت له: يا خبر! ده كده هم هيحطوك في دماغهم بقى إنك أنت بتشاكسهم وتعمل معاهم كده، قال لي: لأ لأ، أنا ما.. ما، أنا واكل عيش العراقيين، وأنا بأعمل اللي يميله عليَّ ضميري، ضميري ما يسمح ليش إن أن أتنازل عن أي حقوق في الشغل.

أيمن يحيى المشد: اليورانيوم دوت كان فيه مشكلة فيه أيه هي؟ ما أعرفهاش، لأن هو كان.. والدي مش من النوع اللي كان بيتكلم معايا.

يسري فوده: هو اللي قال لك ده يورانيوم أو..؟

أيمن يحيى المشد: آه، قلت له: طب وأنت واخده معاك ليه؟ هو أنت المفروض بتنقله؟ أنا اتخليت بقى إن هو ده اليورانيوم اللي بيتحط جوه المفاعل، يعني.. فقال لي: لأ، ده عينات بيتعمل عليها تحليلات والكلام ده كله، وإن هو رايح فرنسا.. ما قاليش طبعاً بسب الموضوع ده، بس قال لي يعني.. يعني تبع شغله العينات دي، بس.. بس كان فيها حاجة يعني.. يعني دي كانت تبع شغله، يعني تبع السفرية دي، يعني مش.. يعني دي مش حاجة موجود عادية في شنطته وهو مسافر بيها لأ، دي تبع السفرية دي بالذات.

زنوبة الخشخاني: وكان قبل ليلة السفر كان واقف قدام الدولاب، قمت أنا قلت له.. قال لي: ما عمروش يتكلم على نفسه هو، مابيتكلمش على نفسه ولا يفتخر بنفسه، ولا يقول أنا إيه، ولا.. بيتكلمش بالطريقة دي، الليلة دي بالذات قال حاجة، وفعلاً ربنى استجابها له ونفذت فعلاً: أنا –يا زيزي- مش أي حد، أن لازم أقول للعالم ده كله إن أنا مش أي حد، ليه قال كده؟

عشان إيه قال كده؟ عمره ما أتكلم على نفسه.

الموساد وعملية اغتيال المشد

يسري فوده: مفوضاً من منظمة الطاقة الذرية العراقية مع ثلاثة آخرين من زملائه العراقيين وصل الرجل إلى باريس في السابع من يونيو/ حزيران عام 80، فنزل في غرفة بالطابق الأخير من هذا الفندق، يكتب في مذكراته بخط يده ملاحظات على اجتماعاته بنظرائه الفرنسيين، تبرز من بينها كلمة (كراميل) ومشاريع لتدريب العقول العراقية في المؤسسات الفرنسية، ويبرز أيضاً من بينها جانب الإنسان في يحيى المشد، كيف يوزع ميزانية السفر الزهيدة؟ وكيف يجد لأفراد عائلته ملابس تناسب مقاساتهم؟ كان يفكر في الذرة وفي الملابس الداخلية لابنه أيمن في آنٍ معاً، لكنه مات قبل أن يُكمل إنجاز أيٍّ منهما في الثالث عشر من يونيو/حزيران لفظ أنفاسه الأخيرة، ولم تكتشف جثته إلا بعدها بأكثر من يوم، لكن الشرطة الفرنسية كتمت الخبر عن العالم لأربعة أيام أخر.

لم تنته القصة عند هذا الحد، ففي ضاحية (سان ميشيل) بعدها بأقل من شهر كانت أهم شاهدة في القضية العاهرة (ماري كلود ماجال) تغادر أحد بارات باريس الرخصية وقد بدي لمن يراها هكذا في الشارع وكأنها مخمورة، منظر مألوف في هذه الضاحية بعد منتصف الليل، لكن غير المألوف أنها وقد كانت تعبر الشارع دهستها سيارة مجهولة لم يعثر عليها حتى اليوم، مرة أخرى قيدت القضية ضد مجهول.

في تقريرها النهائي أشارت الشرطة الفرنسية بأصابع الاتهام في اغتيال المشد إلى ما وصفته بمنظمة يهودية لها علاقة بالسلطات الفرنسية، لكن أقوى دليل يأتي في سياق كتاب صدر عام 2000، يضم اعتراف المسؤول عن شعبة القتل في الموساد.

عادل حمودة: وهو راجل كان بيقول لك أنه يدفعون دولاراً علاوة لكل من يقتل شخص، يعني العلاوة تساوي دولار، يعني من باب الاستهانة مش أكتر، وبيهدي مشهد الختام وهو أنه قد ذهب إلى يحيى المشد في غرفته وطرق الباب عليه بعد قصة العاهرة (ماري ماجال) وقال له: نحن أصدقاء.. إحنا ولاد عم، التعبير الشائع بين العرب والإسرائيليين أو العرب واليهود، وقال له إن أنا عندي أصدقاء، وإني مستعد إن إحنا ندفع لك أي مبلغ تطلبه، فكان رده حاد جداً ورد شرقي، قال له يعني أعتقد إنه حسب كلام المؤلف يعني مش كلامي: امشي يا كلب أنت واللي باعتينك، فخرج مسؤول القتل في الموساد –حسب كلام هذا الكتاب- وأخد طيارة (العال) اللي هي رايحة إلى تل أبيب وبعد أكثر من نصف ساعة كانت عملية القتل بتتم بشكل أو بآخر.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس