عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-03-2023, 08:17 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,989
إفتراضي

"الذين يذهبون إلى أن النصوص عامة في أمراض القلوب والأبدان:
ويذهب جمهور علماء أهل السنة إلى النصوص المقررة لكون القرآن شفاء، أنها عامة في أمراض القلوب والأبدان. وفى ذلك يقول العلامة ابن القيم: "قال الله تعالىوتنزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)
والصحيح أن (مِنْ) هنا لبيان الجنس لا للتبعيض. وقال تعالى: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور) .
فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة. وما كل أحد يؤهل ويوفق للاستشفاء به. وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه؛ لم يقاومه الداء أبدا. وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها. فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفى القرآن سبيل الدلالة على دوائه، وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه" .
الأدلة على أن القرآن شفاء لأمراض الأبدان: وعلى كل، فسواء أكانت النصوص القرآنية المقررة لكون القرآن شفاء خاصة بأمراض القلوب، أو شاملة لها ولأمراض الأبدان؛ فقد قامت أدلة كثيرة على أن القرآن شفاء لأمراض الأبدان، ومن هذه الأدلة:
الأول: ثبت أن القرآن يُطَهِّر الأرواح ويباركها ويصلحها. وإذا صلحت الأرواح كان في صلاحها صلاح للأبدان. يقول ابن القيم: "قد علم أن الأرواح متى قويت وقويت النفوس والطبيعة تعاونا على دفع الداء وقهره. فكيف ينكر لمن قويت طبيعته ونفسه، وفرحت بقربها من بارئها وأنسها به، وحبها له، وتنعمها بذكره وانصراف قواها كلها إليه، وجمعها عليه، واستعانتها به، وتوكلها عليه أن يكون لها ذلك من أكبر الأدوية، وتوجب لها هذه القوة دفع الألم بالكلية" .
الثاني: ثبوت معالجة الرسول صلى الله عليه وسلم بالرقى وإرشاد أصحابه إلى المعالجة بها.
والرقية كما يقول ابن الأثير: "العوذة التي يُرْقى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات" .
ويقول القرافي في تعريفها. "الرقى ألفاظ خاصة يحدث عندها الشفاء من الأسقام والأدواء والأسباب المهلكة، ولا يقال لفظ رقى على ما يحدث ضرراً، بل ذلك يقال له السحر" ."
وكل ما نقله الرجل هنا هو ضرب من التخريف للتالى :
الأول أن قوله " وشفاء لما فى الصدور " خدد ما يشفيه القرآن وهو ما فى الصدور وهى النفوس ولو أخذنا بظاهر معنى الصدور فى كتب اللغة لكان معناه أنه يشفى أمراض القفص الصدرى فقط دون بقية الجسم وهو ما لا يقوله المؤمنون بسقاء القرآن للبدن
الثانى ما هو لزوم أحاديث التداووى إذا كان الشفاء يتم بقراءة القرآن مثل " تداووا عباد الله إن الله جعل لكل داء دواء"؟
الثالث لماذا لم يشف الرسول(ص) نفسه وزوجاته وصحابته بالقرآن إذا كان شفاء مع أن الروايات أجمعت على موته مريضا فى أخر حياته؟
الرابع إذا كان القرآن وحده شفاء لأمراض البدن فلماذا ذكر الله الشراب وهو العسل كشفاء لبعض الأمراض فى قوله تعالى :
"يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس"
وحدثنا الرجل عن الأحاديث التى ذكرت فيها الرقى وهى غير قرآنية فقال:
"والأحاديث التي تدل على مشروعية الرقى متواترة تواتراً معنوياً، فهي وإن اختلفت ألفاظها ووقائعها؛ إلاّ أن كل واحد منها يدل على مشروعية الرقى.
وقد يقال: نعم صح أن الرسول صلى الله عليه وسلم عالج المرضى بالرقى، وأرشد أصحابه إلى المعالجة بها، ولكن هذا في الرقية بغير القرآن.
والجواب عن هذا من وجهين:
1- إذا ثبت أن الرقى عامة مما يشفي من الأمراض والأسقام، فإن كلام الله أفضل ما يرقى به، لأن له من الخصائص ما ليس لغيره. وفي ذلك يقول ابن القيم - فيما نقله عنه ابن حجر العسقلانى: "إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع فما الظن بكلام رب العالمين" .
وقراءة القرآن من أنفع الأدوية للأدواء التي يسببها الجان، أو يكون له دخل في الإصابة بها؛ كتلبيس الجان بالإنسان، والسحر والعين والحسد ونحوها.
2- صح في الأحاديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم رقى بكتاب الله كما صح أنه أقر من رقى بكتاب الله؛ ففي صحيح البخاري ومسلم والموطأ والسنن لأبي داود والترمذي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث"
وفي سن الترمذي، عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ ويقول: "أعوذ بالله من الجان، وعين الإنسان". فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما، وترك ما سواهما وصح في صحيحي البخاري ومسلم والسنن لأبى داود والترمذي أن رجلا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رقى رجلاً كان سيداً في قومه من لدغة حية أو عقرب بفاتحة الكتاب، فشفاه الله، وأخذ على رقيه أجراً. فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأقره على رقيته. وعلى ما أخذه من أجر على رقيته .
والحديث برواياته في كتب السنة في جامع الأصول.
وأورد صاحب جامع الأصول حديثاً آخر رواه أبو داود ذكر فيه أن صحابيا رقي معتوها في القيود بفاتحه الكتاب، فشفاه الله. وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقره على رقيته، وعلى ما أخذه من أجر عليها الثالث: ومما يدل على صحة التشافي بالرقى وأعظمها الرقى القرآنية، أنه ثبت بما لا يقبل الشك أن الرقى ذات تأثير على أمراض الأبدان. وهذا أمر مشاهد في كل عصر ومصر. ولا ينكر مثل هذا إلا مكابر أو جاهل. يقول ابن حزم "جربنا من كان يرقي الدمل الحاد القوي الظهور في أول ظهوره، فيبدأ من يومه ذاك بالذبول، ويتم يبسه في اليوم الثالث، ويقلع كما تقلع قشرة القرحة إذا تم يبسها جربنا ذلك ما لا نحصيه. وكانت هذه المرأة ترقي أحد دملين قد دفعا على إنسان واحد، ولا ترقي الثاني، فييبس الذي رقت، ويتم ظهور الذي لم ترق، ويلقى منه حامله الأذى الشديد. وشاهدنا من كان يرقي الورم المعروف بالخنازير، فيندمل ما يفتح منها، ويذبل ما لم ينفتح، ويبرأ" .
وقد ثبت في صحيح الأحاديث أن الذين رقَوْا شفى الله على أيديهم من رقَوْه، وقد سقنا: الأحاديث المثبتة لذلك فيما سبق."
وكل الأحاديث السابقة التى ذكرها الرجل باطلة تتعارض مع أحاديث الأمر بالتداوى والذهاب للطبيب
وحديث مثل كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث" لا يوجد فيه دليل على شفاء نتيجة القراءة
وحديث: "أعوذ بالله من الجان، وعين الإنسان" لا يوجد فيه ذكر لمرض أو شفاء
وحديث الرقية بفاتحة الكتاب لم يكن فيه مريض لأن لدغ الحية أ, الثعبان ليس مرضا
وحديث العته وهو الجنون ليس مرضا بدنيا
وأصر الرجل على أن التشافى بالقرآن لا يقتصر على الرقى مع أنه لا توجد رواية واحدة تقول أن من قرأ تم شفائه
وأعلن الرجل أن القرآن يحتوى على قواعد العلاج والوقاية من الأمراض فقال :
"الاستشفاء بالقرآن ليس قصراً على الرقية به:
ما قرره الحق تبارك وتعالى من كون القرآن شفاءً ليس قصراً على قراءة القرآن على المريض، بل هي دائرة أوسع من ذلك بكثير، ويمكننا أن ندرك سعة هذه الدائرة من خلال الأمرين التاليين:
الأول: دلالة القرآن على قواعد العلاج وأصوله.
الثاني: وقاية القرآن الفرد والمجتمع من الأمراض من خلال تشريعات كثيرة.
الأول: دلالة القرآن على قواعد العلاج وأصوله حوت النصوص من الكتاب والسنة الأصول والقواعد التي تدل على كيفية معالجة الأبدان، بل دلت على تفاصيل مهمة في علاج الأمراض، وفي ذلك يقول ابن القيم: "قواعد طب الأبدان ثلاثة: حفظ الصحة، والحمية عن المؤذي، واستفراغ المواد الفاسدة. وذكر المولى تبارك وتعالى هذه الأصول الثلاثة في ثلاثة مواضع.
فقال في آية الصوم: (فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) فأباح الفطر للمريض لعذر المرض، وللمسافر طلباً لحفظ صحته وقوته لئلا يذهبها الصوم في السفر لاجتماع شدة الحركة، وما يوجبه من التحلل وعدم الغذاء الذي يخلف ما تحلل، فتخور القوة وتضعف، فأباح للمسافر الفطر حفظاً لصحته وقوته عما يضعفها.
وقال تعالى في آية الحجفمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) .
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس