عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 26-01-2023, 08:41 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,966
إفتراضي

وكلما بدأ البحث فى مجال بدت للباحثين مجالات أخرى كثيرة وآيات من آيات الله لم تكن تخطر لهم على بال مصداقا لقوله تعالى:
"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" (فصلت 53)
وتدبر معي قول الحق تبارك وبالتالي:
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون (سورة الأعراف 172، 173)
وإنها حجة على العباد وشهادة مطبوعة داخل خلاياهم ومبرمجة عليها ذرات أجسامهم، فكيف ينكرونها وهى تنتقل من فرد إلى من يخلفه وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، لذلك كان السؤال الاستنكاري "كيف تكفرون بالله" (سورة البقرة 28)
فهذا هو الإيمان مطبوع داخلكم مطبوع فى خلقكم وفى حقيقة لا يعلم كيفيتها إلا الله سبحانه وتعالى. " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" (سورة الملك 14)
وقد أكدت أوراق المؤتمر الذى عقدته المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بعنوان:"مدى حجية البصمة الوراثية فى إثبات البنوة"؛ والذي شارك فيه عدد من أبرز العلماء والأطباء المتخصصين فى هذا المجال أن كل إنسان ينفرد بنمط خاص فى ترتيب جيناته ضمن كل خلية من خلايا جسده، ولا يشاركه فيها أي إنسان آخر فى العالم، وهو ما يعرف بـ "البصمة الوراثية" وأكد أحد الباحثين أن هذه البصمة تتضمن البنية التفصيلية التى تدل على كل شخص بعينه، ولا تكاد تخطئ فى التحقق من الوالدية البيولوجية، فضلا عن تعرف الشخصية وإثباتها.
وقد جاءت البصمة الوراثية بالمشاهدة الحقيقية للصفات الوراثية القطعية دونما كشف للعورة، أو مشاهدة لعملية الجماع بين الزوجين ودونما تشكك فى ذمم الشهود أو المقربين أو القيافة؛ لأن الأمر يرجع إلى كشف آلى مطبوع مسجل عليه صورة واقعية حقيقية للصفات الوراثية للإنسان، والتى تتطابق فى نصفها مع الأم الحقيقية ونصفها الآخر مع الأب الطبيعي، فهل بعد ذلك يجوز أن نلتجئ لأدلة الظن ونترك دليل القطع؟
إن وسائل إثبات النسب ليست أمورا تعبدية حتى نتحرج من إهمالها بعد ظهور نعمة الله تعالى بالبصمة الوراثية، ولن نهملها فى الحقيقية؛ لأنها حيلة المقل، فإذا لم تتيسر الإمكانات لتعميم البصمة الوراثية فليس أمامنا بد من الاستمرار فى تلك الوسائل الشرعية المعروفة.
إن اعتماد "البصمة الوراثية " دليلا قطعيا للفراش الحقيقي ينشئ دعوى جديدة يمكن أن نطلق عليها "دعوى تصحيح النسب" لم يكن لها من قبل ذيوع، وإن كان أصلها فى الكتاب والسنة.
يقول الله تعالى " وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل * ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله" (سورة الأحزاب: 4 - 5).
وهكذا أوجدت لنا "البصمة الوراثية" نوعا جديدا من الدعاوى، وفتحت بابا جديدا للتنازع يجب أن نسلم بواقعه وهو ضريبة التقدم التقني والتفوق الطبي.
وإذا كان الفقهاء قد نصوا على استحباب اتخاذ السجلات لقيد الحقوق والأحكام، ونص بعضهم على وجوب ذلك إذا تعلق بحق ناقص الأهلية أو عديمها فمن الضروري استصدار قرار إدارى يمنع استخراج شهادة بقيد ميلاد طفل إلا بعد إجراء "البصمة الوراثية" لترفق وتلصق بتلك الشهادة، على أن تكون بصمة الطفل مطابقة لبصمة الأبوين اللذين ثبتت علاقتهما الشرعية فى وثيقة الزواج.
وهذا الأمر يستوجب باليقين أن تسجل البصمة الوراثية لكل من الزوجين بمجرد العقد وقبل الدخول، وتقرن تلك البصمة الخاصة بالزوجين معا بقسيمة الزواج الرسمية، حتى إذا ما رزقهما الله بمولود توجها لتسجيل اسمه مع بصمته الوراثية التى يجب أن تتطابق مع بصمة والديه الثابتة على قسيمة الزواج.
إن فى مثل هذا القرار مسايرة للعصر وأخذا بالحقائق العلمية وله نتائج اجتماعية عظيمة؛ حيث سيضيق الخناق على المنحرفين والمزورين دونما طفرة أو هزة.
إن هذا هو أقل حق يمنح لطفل القرن الحادي والعشرين الميلادي الخامس عشر الهجري الذى ولد فى ظل الثورة المعلوماتية.
إننا نخدع أنفسنا فى أحيان كثيرة، كالحمل فى حال غياب الزوج وسفره للعمل بالخارج أو فى حال مرضه الجنسي والنساء اللاتي عرفن بسوء السلوك والانحراف الأخلاقي مستغلين ضعف الأزواج وغفلتهم، والنساء اللاتي تسرقن المواليد لعقمهن من أجل بقاء رباط الزوجية ...
إن من حق الطفل أن يدفع عنه العار بانتمائه إلى والدين حقيقيين، كما أن من حقه أن ينتفع بتقنية عصره، كما أن من حق الزوج ألا ينسب إليه إلا من كان من صلبه.
ومن الضروري أيضا استصدار قرار مثيل للأطفال اللقطاء ومجهولى النسب للبحث عن والديهم أو لمعرفة أمهاتهم على الأقل إن كانوا أبناء خطيئة، وذلك لانتسابهم إليها شرعا، وما يتعلق بذلك من أحكام شرعية كالميراث وبيان المحرمات والأرحام .. ، وبذلك تنعدم أو تقل ظاهرة انتشار دور الأيتام من اللقطاء الذين يشبون حاقدين كارهين للمجتمع، إن تنسيبهم للأم الحقيقية سيخفف بالتأكيد من حدة تلك الكراهية، بدلا من فكرة الأم البديلة، وحتىتشارك الأم المخطئة فى الإصلاح كما شاركت فى الفاحشة، قال تعالى " وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين". (سورة هود: الآية 114)"
كل هذا الكلام يمكن تصديقه إذا لم يكن هناك نصوص إلهية فى لإثبات النسب وهى
أن النسب لا يلغى إلا بشهود أربعة على الزنى أو باقرار الزوجة بالزنى كما قال تعالى :
"والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون"
"والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين"
"ويدروأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين"
إذا لا وجود لما يسمى اثبات البنوة عن طريق البصمة الوراثية فى ظل وجود نصوص إلهية تبين طريق اثبات النسب ونفيه
والنقلة عن الغرب لابد أن يفكروا ولابد أن يقرئوا ما كتب كله وليس مجرد وجهة نظر واحدة وكما سبق القول ألغت المحاكم الأمريكية اثبات ونفى النسب بالبصمة الجينية نتيجة اختلاف تحاليل المعامل الوراثية فى الكثير من القضايا فتحليل يثبت وتحليل ينفى ومن يراجع كتاب البيولوجية كأيدلوجية سيجد هذا الكلام عبر عشرات الصفحات فى الكتاب
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس