عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-12-2021, 08:44 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,960
إفتراضي نقد كتاب التولي يوم الزحف

ثم حدثنا عن كون التولي يوم الزحف كبيرة من الكبائر فقال:
"خامسا : التولي يوم الزحف كبيرة من الكبائر
وبعد هذا الأمر بالثبات يأتي الأمر بعدم الفرار إلا في حالتين اثنتين وإلا فإن الفرار من أرض المعركة كبيرة من كبائر الذنوب تستحق غضب الله ونار جهنم والعياذ بالله
فقال سبحانه وتعالى : {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير}
والتحرف : هو ترك الموقف أو المكان إلى موقف أو مكان أصلح أو أفضل للانطلاق منه على العدو مرة أخرى وهذا من خدع الحرب ومكائدها
والتحيز : هو الانضمام إلى فئة أخري لمعاونتهم أو لطلب العون منهم
وهكذا دلت الآية على أن من فر من موقع إلى موقع آخر لمعاودة القتال أو مريدا إلى فئة أخرى من المسلمين فإنه لا يكون داخلا في هذا الوعيد الشديد اللاحق بالفارين من الزحف
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الفرار من الزحف ليس كبيرة من الكبائر واحتجوا لذلك بأن الآية نزلت في أهل بدر خاصة
وزعم بعضهم أن الآية منسوخة بقوله تعالى :
{الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين} فأجاز هؤلاء الفرار إذا زاد عدد الأعداء عن الضعف
ولكن جمهور أهل العلم ذهبوا إلى أن محكمة عامة كما يقول الإمام ابن جرير الطبري وأولى التأولين عندي قول من قال : حكم الآية محكم ، وأنها نزلت في أهل بدر وحكمها ثابت في جميع المؤمنين وأن الله حرم على المؤمنين إذا لقوا العدو أن يولوهم الأدبار منهزمين إلا لتحرف لقتال ، أو لتحيز إلى فئة من المؤمنين حيث كانت من أرض الإسلام
وأن من ولاهم الدبر بعد الزحف للقتال منهزما بغير نية إحدى هاتين الخصلتين اللتين أباح الله التولية بهما ، فقد استوجب من الله وعيده إلا أن يتفضل عليه بعفوه
وذكر الحافظ ابن كثير بأن الآية نزلت في أهل بدر ، ولكن هذا كله لا ينفي أن يكون الفرار من الزحف حراما على غير أهل بدر ، وإن كان سبب نزولها فيهم كما دل عليه حديث أبي هريرة من أن الفرار من الزحف من الموبقات كما هو مذهب الجماهير "
والتحيز وهو نفسه التحرف هو ما قلته سابقا من ترك ميدان القتال إما تنفيذا لخطة حربية تعتمد على هذا الخداع وإما تعتمد على العودة لميدان أخر للقتال لأن البقاء فى الميدان الحالى معناه انتهاء ما تبقى من قوة المجاهدين الذين قت كثير منهم
ثم تحدث عن كن الجهاد سبب العز فقال :
وأخيرا : لا عز إلا بالجهاد
والله ما ضعفت الأمة وذلت وهانت إلا يوم أن ضيعت الجهاد الذي أمرها به لتعيش حميدة أو لتلقى الله شهيدة سعيدة والله ما ضاعت الأمة إلا يوم أن ضيعت الجهاد الذي جعله النبي (ص) (ص) ذروة سنام هذا الدين
وقد حرص أعداؤنا على أن يحولوا بين الأمة وبين الجهاد وحاولوا بشتى الطرق على ألا نربي الأجيال المسلمة على روح الجهاد ، ولا على سير الأبطال المجاهدين لتظل الأمة ذليلة كسيرة مبعثرة كالغنم في الليلة الشاتية الممطرة وبالفعل لقد تضاءل كثيرا مفهوم الجهاد في حس المسلمين يوما بعد يوم حتى صارت الدعوة إلى الجهاد تقابل بشيء من الفتور البارد الشديد "
وبعد ذلك حدثنا عما يحدث فى عصرنا من انسحاب جيوش المنطقة من الحروب ضد الأعداء وانصياعها لأوامر المنظمات العالمية التى لم تحل مشكلة واحدة خاصة بالمنطقة وتركت المشاكل كلها معلقة كفلسطين وكشمير والغريب هو أن الحكام يحرمون الجهاد إلا بأوامر منهم وهم لا يصدرونها أبدا ومن حاول الجهاد فهو إرهابى يتم قتله فقال :
"بل لا أكون مغاليا إن قلت حتى صارت الدعوة إلى الجهاد تقابل بشيء من الإنكار الشديد والحمد لله فقد أثبتت الأيام عمليا أن مجلس الأمن وهيئة الأمم وجميع المحافل لن تعيد للأمة المكلومة حقوقها ، ولن تعيد لمن يذبحون تذبيح الخراف دماءهم ، ولن ترد لهذه الأمة هويتها وكرامتها وسيادتها بل لا سبيل لذلك على الإطلاق إلا باحياء روح الجهاد في الأمة بتخليص النفوس ابتداء من الركون إلى هذا الوحل ، والخلود إلى هذا التراب والطين
وقد شخص النبي (ص) الداء تشخيصا دقيقا وحدد الدواء كذلك تحديدا دقيقا ففي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود وغيره من حديث ثوبان أنه ( قال : (( يوشك الأمم أن تداعى عليكم ، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها )) فقال قائل : من قلة نحن يومئذ ؟ قال : (( بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن )) قيل : وما الوهن يا رسول الله(ص) ؟ قال : (( حب الدنيا وكراهية الموت )) وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد ، وأبو داود من حديث ابن عمر رضي الله عنهما : (( إذا تبايعتم بالعينة ، ورضيتم بالزرع وتبعتم أذناب البقر ، وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم )) "
قطعا ترك الجهاد سبب رئيسى من أسباب ما يعيش الناس فى بلادنا من مهانة وذل على يد الأعداء وأذنابهم من الحكام
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس