الموضوع: جسد بلا روح
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-08-2003, 04:56 AM   #29
أطياف الأمل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,258
إفتراضي

فرحة عاشق


كانت أمي بفراشها .. مستلقية فيه .. مسلمة نفسها للحزن .. مفوضة أمرها لله عزوجل .. جئت أنا وجلست بقربها .. ونورة جلست امامها .. وأطرقت رأسها خجلا .. طال صمت نورة .. وكانت أمي تشعر .. أن هنالك ما تود نورة أن تبوح به لأمي .. سألتها : نورة .. مابك يابنتي ؟؟ هل تريدين شيء ؟؟ أحس أن هناك شيء تريدين أن تخبريني إياه .. ماهو يا صغيرتي ؟؟ أخبريني .. أنا أسمعك ..
همست نورة: دعي روز تخبرك يا أمي ..
التفت إلي أمي وقالت : روز صغيرتي .. مابها أختك ؟؟ هل هناك شيء؟؟أرجوك أخبريني لقد أشغلتن بالي!!
أمسكت يدها وأجبتها قائلة: أماه نورة بخير .. بل بأفضل حال ..
سكت ثم قلت بعد أن استجمعت قواي : أمي .. لقد طلب أخي فهد يد نورة للزواج .. فما رأيك يا أمي ؟؟ هل أنت موافقة ؟؟
تنهدت أمي ثم قالت : وكيف لا أوافق ؟؟ هل سأجد أفضل من ابني ليتزوج ابنتي ؟؟ لقد ربيت فهد على يدي هذه .. وأنا أعلم أي الرجال هذه .. إنه الرجل الذي أفخر به زوجا لابنتي .. آه كم أنا سعيدة ..
سكتت قليلا أمي ثم قالت بلكنة حزينة: لقد كان حسن دائما يقول أنه يتمنى نورة لفهد .. ولا يتمنى لها غيره ولا له غيرها .. آه يا زوجي الحبيب .. رحمك الله..
سالت عينا أمي فاقتربت منها نورة .. مسحت دمعها وقالت : أماه لا تبكي .. أبي في جنات النعيم إن شاء الله .. أماه أرجوك لقد سئمت دموعك .. فهي تعذبنا جميعا .. وحتى أبي في قبره .. أماه .. ستخرجين من العدة بعد أيام معدودة.. ودموعك لازالت كما أول يوم توفي به الغالي .. أرجوك يا أماه أوقفي ذرفك .. وأوقفي مدمعك .. أرجوك أماه .. كلنا نطفح حزنا على أبي .. ولكن .. ولبدنك عليك حقا يا أمي .. فانظري إلى نفسك .. أنظري كيف أصبحت .. أصبحت هزيلة نحيلة .. تكاد تتكسر عظامك بمجرد حركتك .. أين أنت يا أمي ؟؟ نحن نشتاق لك .. لقد فقدنا الأب .. فلا تجعلينا نفقد الأم أيضا !! أماه .. أنا لن أقبل الزواج وأنت بهذه الحال .. أريد أن تفرحي لأجلي .. وليس أن تذرفي الدمع .. أريد أن أراك تهللين لزفافي .. وليس تنتحبين وتبكين !! أرجوك يا أمي.. ابتسمي . لأجلي .. ولأجل اخوتي جميعهم .. لأجل أبي ابتسمي واخبريني أنك موافقه ..
- آه يابنتي .. اعذريني .. ولكن ما باليد حيلة .. كيف أضحك وابتسم وقد فقدت الحبيب ؟؟ فقدته للأبد ؟؟ ولكن لا تخافي يا ابنتي .. سأبتسم ..لأجلكم جميعا.. سأتجلد لأجلكم .. ولأجل حبيبي حسن .. بارك الله لك يا ابنتي .. وعسى أن أفرح بك يا روز ..
ابتسمت بخجل فقالت نورة: أماه .. أنا أريد فهد .. ولكن هناك ما يحول دون موافقتي ..
أجابت أمي باستغراب : وماهو يا نورة ؟؟
- سننتقل أنا وفهد للعيش في مدينة أخرى.. بسبب فرصة عمل منحت لفهد .. وهي فرصة العمر له .. وأنا لا أدري يا أمي .. أخاف .. كيف سأعيش بدونكم ؟؟
نظرت لها أمي بعطف وقالت مبتسمه : نورة .. أتحبين فهد ؟؟
هزت رأسها نورة موافقه .. فأردفت أمي : إذا .. لا تدعي أي شيء يفرق بينك وبين من تحبين .. وافقي واذهبي مع زوجك .. ولو حتى للقمر .. المهم أن تكوني مع من تحبين .. لا تختاري البعد وبيدك القرب!! أتعجبك حالي ؟؟ حزينة كئيبة لفراقي حبيبي ؟؟ بالطبع لا تعجبك .. إذا هيا .. دعي روز تهاتفه وتخبره أنك موافقه .. هيا يا صغيرتي .. أخبرينا .. هل أنت موافقة ؟؟
أومأت نورة رأسها بخفة واستحياء .. فقالت أمي : إذا على بركة الله .. روز ..
- نعم يا أمي ..
- اذهبي وهاتفي فهد وأخبريه أن نورة موافقة !!
- حسنا يا أمي أمرك .. ومن عينيّ الاثنتين !!
قالت نورة معترضة : ولكن يا أمي .. أليس من المفروض أن أدعه ينتظر قليلا ؟؟ حتى لا يحسب أني ألقي بنفسي عليه ؟؟
نهرتها أمي فقالت : لا يا بنيتي .. سندعه ينتظر إن كان غريبا..ولكن فهد ابني.. ولن أدعه ينتظر لأجل دلع بنات كهذا!!هيا يا روز ..اذهبي ونفذي ماقلت..
- حسنا يا أمي ..
قفزت من السرير .. وأنا أغني وأرقص .. لقد عاد الفرح ..عادت البسمة !! سنفرح أخيرا ..
وفي طريقي لغرفتي .. نظرت إلى غرفة فيصل ..لم أسمع لهما صوتا .. ولا حتى همسا .. وكأن العاصفة التي كانت بينهم قد هدأت .. فعادت الأمور إلى طبيعتها!! ويحي .. لم أكترث لهما أنا ؟؟ فليذهبا إلى الجحيم .. ومادخلي أنا ؟؟ سأسرع لأهاتف أخي ..
وما أن استللت محمولي من حقيبتي حتى وجدت آلآف المكالمات التي لم أرد عليها .. ومن من كل هذه المكالمات ؟؟ لم انتظر الإجابة كثيرا .. فلقد أتتني سريعا .. لإنها من فهد .. عاودت الاتصال به .. وما أن أجابني حتى صحت به :فهد .. مابك ؟؟ لم كل هذه المكالمات ؟؟ عشرون مكالمة ؟؟ هل أنت بخير ؟؟ وسعود ؟؟ كيف هو ؟؟
- روز على رسلك .. نحن جميعا بخير .. ولكني كنت أود أن أتحدث إليك .. اشتقت إليك ..
- ويحك أيها الكاذب .. اشتقت إلي ؟؟ ألم تكن معي اليوم ؟؟
ضحك فهد بتوتر ثم قال: روز .. بصراحه .. اتصلت لأسألك .. ألم تخبرك نورة بشيء؟؟
أجبت متظاهرة بالغباء: نورة تخبرني بأشياء كثيرة أيها تقصد ؟؟
رد علي : شيء مهم ..
تصنعت التفكير وقلت : شيء مهم ؟؟ يخص من مثلا ؟؟
وكنت أنا أضحك بصمت .. فأنا أعلم ما يريد .. ولكني كنت أمزح معه ..
أجابني بضيق : عني أنا .. ألم تخبرك بشيء عني أنا ؟؟
- ولم تخبرني عنك ؟؟ مادخلك أنت ؟؟
- روز .. مابك ؟؟ لا تتظاهري بالغباء !! ألم تخبرك نورة أني طلبت منها شيء اليوم ؟؟
- دعني أفكر .. لا أدري ربما .. ولكن ماذا طلبت منها ؟؟
صرخ بي بغضب : روز .. ويحك ..ألم تخبرك أني طلبت يدها للزواج ؟؟
قلت له محاولة تهدئته: مهلك يا أخي .. لم أنت غاضب ؟؟ أنك طلبت يدها للزواج ؟؟ آه بلى تذكرت أخبرتني ..
قال لي وقد بدت اللهفة للإجابة واضحة بصوته: وماردها يا روز ؟؟ أخبريني .. أكاد أموت لأعرف رأيها ..
- بصراحه يا أخي .. أخبرتني رأيها .. ولا أعلم ماذا أقول لك ..
- روز أخبريني أرجوك ..
- لا أدري إن كنت ستتحمل الصدمة .. هل أنت جالس ؟؟
- لا أنا واقف لم ؟؟
- أجلس لأخبرك ..
- روز لا وقت لهذا الكلام الآن .. أخبريني ليس مهما إن كنت واقفا أم جالسا ..
أجبت بإصرار: لا بل مهم .. هيا اجلس ..
أطلق فهد زفرة غضب ثم قال: جلست .. هل لك أن تخبريني الآن ؟؟
- أجل سأخبرك .. بصراحة يا أخي .. أنا حاولت معها كثيرا .. حاولت أن أقنعها .. أن أبدل رأيها .. ولكن دون فائدة .. ودون جدوى .. حاولت معها والله كثيرا يا أخي.. اعذرني فلقد بذلت مافي وسعي ..
قال بحزن واضح وألم باد : رفضتني أليس كذلك ؟؟
صرخت قائلة : لا بل وافقت أيها الأحمق .. مبارك لك ..
سكت فهد ولم يجبني .. بل سمعت صوت ارتطام بعض الأشياء ولم أعلم السبب..هتفت باسمه : فهد .. فهد .. أين أنت ؟؟ ماذا حدث؟؟
وبعد برهة جائني رده : أنا هنا ..
سألته : مابك ؟؟ ماذا جرى ؟؟
ضحك وقال: لقد وقعت !!
- وقعت !! إذا لم تجلس كما قلت لك .. تستحق ماجرى لك .. لأنك لم تسمع كلام أختك الحبيبة !!
- آه يا روز .. كم أنا فرح الآن .. أود لو أصرخ بأعلى صوتي وأقول.. أحبها يا عالم..
- ألهذه الدرجة تحبها يا فهد ؟؟
- بل أكثر من هذا يا صغيرتي .. أكثر من هذا ..
تنهدت بارتياح .. وفجأة .. مر ببالي طيف الحبيب .. طيف عبدالعزيز .. لكم أحبه .. ولكم أتمنى أن يكون بخير ..
قلت لفهد : أتمنى لكما السعادة يا أخي .. اسمع ..تعال أنت وفهد وتقدما لها رسميا .. أطلبا يدها من فيصل .. فهو أخاها الكبير ..
- حسنا يا أختي .. سنأتي .. ولكن متى ؟؟
- لا أدري .. ما رأيك ببعد الغد ؟؟
- روز .. بعيد جدا .. لا أحتمل .. دعيه للغد !!
قلت ضاحكه : حسنا أيها العاشق .. إلى الغد .. تعالا أنتما الأثنين..وقل لسعود أني غاضبة منه .. فمنذ ثلاثة أيام لم أره ولم أسمع صوته ..
- أعذريه يا أختي .. فلديه مشاكل عديده بالعمل .. وأصبح سعود لا يطيق المنزل منذ ان عدت للمبيت في منزل عمي .. أرجوك روز .. عودي إلينا .. خالتي الآن أفضل .. ونحن بحاجة لك .. ارثي لحال أخيك وعودي .. فأنا لم أره سعيدا كما كان عندما كنت معنا .. ألم تشتاقي لبيتنا ؟؟ لفطورنا وصياحي في حال تأخرت ؟؟
- بلى يا أخي .. بلى ..
- إذا عودي ..
- حسنا .. سأعود .. غدا سأعود معكم ..
- أشكرك يا أختي .. وبدوري أنا سأقوم بترتيب غرفتك بنفسي .. احتفالا بقدومك .. وأيضا حتى ينقضي اليوم ويأتي الغد بسرعة .. فأخطب حبيبة قلبي!!
- إن شاء الله .. إلى اللقاء الآن .. سأذهب لأخبر خالتي أنكم قادمون غدا ..
- حسنا يا روز ..عمت مساء .. وأشكرك كثيرا على نقلك هذا الخبر السعيد لي..
- لا تشكرني يا أخي .. فهذا أقل ما أقدمه لك .. مع السلامه
- مع السلامه ..
أغلقت السماعه .. وقلت في نفسي. .أجل سأعود غدا .. لأني وكما اشتقت للبيت ولاخوتي ولكل شيء .. فلقد اشتقت لعبدالعزيز .. سأذهب لأخبر أمي أنهم قادمين غدا .. وبأني عائدة معهم .. إلى بيتي ..


يتبع ..
__________________


أحـــــــ هو حيــــــــــاتــــــي ــــمـــــــــــــد


أطياف الأمل غير متصل   الرد مع إقتباس