عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 16-05-2022, 07:34 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,964
إفتراضي

هل جلساؤك أهل تقوى وصلاح، أو أهل عبث وغفلة؟
انظر - أخي - في حقيقة اجتماعاتك ورفقائك .. وتذكر ما يفوتك بفوات المجالس الخيرة .. وما تجنيه من مجالس السوء ..
تفوتك مجالس الذكر فتفوتك الجنة .. وتحضر مجالس السوء فتكسب منها الحسرة والمعاناة .. فضلا عن ضياع وقتك وغبنك في فراغك"
وبين القوم في رأيهم ما توجبه تلك المجالس فقالوا:
"أخي: إن رمت الخير، فعليك بمجالس الخير فهي توجب:
4 - رقة القلب وطمأنينته: لما فيها من ذكر الله الذي هو منبع السكينة والطمأنينة .. {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} [الرعد: 28].
5 - زيادة الإيمان والخوف من الله: كما قال تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون} [الأنفال: 2].
وقال تعالى: {وبشر المخبتين * الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} [الحج: 34، 35].
وقال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله} [الزمر: 23].
بذكر الله ترتاح القلوب
ودنيانا بذكراه تطيب
6 - تذكرك الآخرة وتحفظ عليك دينك: ففي مجالس الذكر تعرف حقيقة الحياة وحقيقة الدنيا .. وفيها التواصي على الحق والطاعة .. والترغيب فيما عند الله من خير .. شكا رجل إلى الحسن قساوة قلبه فقال: «ادنه من الذكر»، وقال: «مجالس الذكر محياة العلم، وتحدث في القلب الخشوع، القلوب الميتة تحيا بالذكر، كما تحيا الأرض الميتة بالقطر».
7 - تحفظ عليك وقتك: فأنت تعلم أخي أنك موقوف غدا بين يدي الله ومسؤول عن وقتك وفراغك قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه؟».
قال ابن الجوزي في نصيحته لابنه: «واعلم يا بني أن الأيام تبسط ساعات، والساعات تبسط أنفاسا، وكل نفس خزانة، فاحذر أن تذهب نفس بغير شيء فترى في القيامة خزانة فارغة فتندم .. وفي الحديث: «من قال سبحان الله العظيم وبحمده، غرست له بها نخلة في الجنة»، فانظر إلى مضيع الساعات كم يفوته من النخيل [لفتة الكبد ص 15].
إن في الموت والمعاد لشغلا
وادكارا لذي النهى وبلاغا
فاغتنم خطتين قبل المنايا
صحة الجسم يا أخي والفراغا
8 - تنهم منها العلوم النافعة: فحضورك أخي للحلقات العلمية .. حضور نافع تجزى عليه أجرين أجرا على العلم الذي تنهمه منها .. وأجرا على ثواب الاجتماع على ذكر الله، فأما ثواب الاجتماع فقد تقدم ذكره، وأما ثواب العلم فعند الله عظيم.
فطالب العلم طالب للرفعة عند الله، قال تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [المجادلة: 11]، وطالب العلم تصلي عليه الملائكة وتستغفر له الحيتان في البحر .. وفضله عند الله عظيم.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالما ومتعلما» [صحيح الترغيب: 74].
9 - تتعرف فيها على الأخيار: فمصاحبة أهل التقوى وملازمتهم خصلة من خصال أهل الفلاح، كما قال تعالى: {والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} [العصر: 1 - 3].
فالتواصي بالحق يستلزم الاجتماع عليه، والحث عليه، وفي ذلك تجسيد لمعاني التعاون على البر والتقوى، ولذلك فالملازم لمجالس الذكر والخير لا يعايش إلا المتواصين بالحق، وهو بذلك يحقق صفة من صفات أهل النجاة يوم القيامة، ثم إن الله جل وعلا قد أمر بملازمة أهل التقوى، فقال سبحانه: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا} [الكهف: 28].
فالمتجالسون في الله لا يشقى بهم الجليس فهم له كحامل المسك الذي تنتفع بما معه من المسك إما بهبة أو بعوض، فالخير الذي يصيبه المؤمن من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك الأذخر، فهو إما أن يعلمك ما ينفعك في دينك ودنياك، أو يهدي لك نصيحة، أو يحذرك من الإقامة على ما يضرك فيحثك على طاعة الله وبر الوالدين وصلة الأرحام، ويبصرك بعيوب نفسك ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها بقوله وفعله وحاله، فإن الإنسان مجبول على الاقتداء بصاحبه وجليسه ..
والطباع والأرواح جنود مجندة، يقود بعضها بعضا إلى الخير أو إلى ضده ..
وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح أن تنكف بسببه عن السيئات والمعاصي رعاية للصحبة، ومنافسة في الخير، وترفعا عن الشر، وأن يحفظك في حضرتك ومغيبك.
أخي .. وأين يا ترى ستجد الجليس الصالح إن لم تجده في زمرة أهل الصلاح الذين يشغلهم ذكر الله عن الآثام .. والذين يستثمرون فراغهم في علم نافع .. وكلام طيب .. واجتماع على الخير.
يزين الفتى في قومه ويشينه
وفي غيرهم: أخدانه ومداخله
لكل امرئ شكل من الناس مثله
وكل امرئ يهوى إلى من يشاكله
وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» [رواه مسلم].
وقال ابن الجوزي رحمه الله: (يستفاد من الحديث أن الإنسان إذا وجد من نفسه نفرة عن ذي فضل وصلاح، فينبغي أن يبحث عن المقتضى لذلك ليسعى في إزالته فيتخلص من الوصف المذموم، وكذا عكسه).
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم
ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
10 - الثبات على الإيمان: وهذا أيضا من أعظم غنائم المجالس التي يجتمع فيها على ذكر الله.
فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من ثلاثة في قرية ولا بدو، لا تقام فيهم الصلاة إلا إذا استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية» [رواه أحمد وهو في صحيح الجامع برقم: 5577].
أخي: فالزم جماعة المسلمين .. واختر لنفسك رفقة طيبة صالحة ناصحة تحثك على الخير .. وتدلك على سبيله .. وتنهاك عن الشر وتجنبك مغباته فقد قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119].
وما المرء إلا بإخوانه
كما تقبض الكف بالمعصم
ولا خير في الكف مقطوعة
ولا خير في الساعد الأجذم
أخي .. وما لم تكن في مجلسك غانما فأنت فيه أحد اثنين: إما آثم أو مغبون.
فالآثم: هو من كانت مجالسه مجالس ضرر وأذى يفتح فيها الشر،ويغلق فيها الخير، وينال فيها من أعراض المسلمين.
والمغبون: هو ما كانت مجالسه خالية من ذكر الله، وخالية من المحرمات؛ لكنها مجالس لغو ولهو .. تقسو فيها القلوب .. وتضيع بها الأوقات ..
وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»"
وهذه الموجبات للذاكر معظمها بمعنى واحد كرقة القلب وتذكير الآخرة والحفاظ على الوقت والثبات على الإيمان فهى نصيحة عامة بمعنى التقوى أى طاعة الله أى اتباع الله.... والبعض الأخر كمصاحبة الاخيار وتعلم العلوم النوافع هى جزء من ذلك الكل العام
ومن ثم فمجالس الذكر عند الله هى نوع من الذكر سماه الله القعود وبقية الذكر يكون من القيام أو من الرقود على الأجناب فالأوضاع الحركية الثلاثة شاملة لكل حياة المسلم والكافر فكل منا إما واقف أو قاعد أو راقد على جنب
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس