عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 14-08-2008, 12:26 PM   #49
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

سماء منخفضة *


هُنَالِكَ حُبٌ يسيرُ على قَدَمَيْهِ الحَرِيرِيَّتَيْن

سعيداً بغُرْبَتِهِ في الشوارع ,

حُبٌّ صغيرٌ فقيرٌ يُبَلِّلُهُ مَطَرٌ عابرٌ

فيفيض على العابرين :

" هدايايَ أكبرُ منّي

كُلُوا حِنْطَتي

واشربوا خَمْرَتي

فسمائي على كتفيّ وأرضي لَكُمْ " ...

هَلْ شمَمْتِ دَمَ الياسمينِ المُشَاعَ

وفكّرْتِ بي

وانتظرتِ معي طائراً أَخضرَ الذَيْلِ

لا اسْمَ لَهُ ؟



هُنَالكَ حُبٌّ فقيرٌ يُحدِّقُ في النهر

مُسْتَسْلِماً للتداعي : إلى أَين تَرْكُضُ

يا فَرَسَ الماءِ ؟

عما قليل سيمتصُّكَ البحرُ

فامش الهوينى إلى مَوْتكَ الاختياريِّ ,

يا فَرَسَ الماء !



هل كنتش لي ضَفَّتَينْ

وكان المكانُ كما ينبغي أن يكون

خفيفاً خفيفاً على ذكرياتِكِ ؟

أيَّ الأغاني ؟ أَتلك التي

تتحَّدثُ عن عَطَشِ الحُبِّ .

أَمْ عن زمانٍ مضى ؟





هنالك حُبّ فقير , ومن طَرَفٍ واحدٍ هادئٌّ هادئٌّ لا يُكَسِّرُ

بِلَّوْرِ أَيَّامِكِ المُنْتَقَاةِ

ولا يُوقدُ النارُ في قَمَرٍ باردٍ

في سريرِكِ ,

لا تشعرينَ بهِ حينَ تبكينَ من هاجسٍ ,

رُبَّما بدلاٍ منه ,

لا تعرفين بماذا تُحسِّين حين تَضُمِّينَ

نَفسَكِ بين ذراعيكِ !

أَيَّ الليالي تريدين ؟ أَي الليالي ؟

وما لوْنُ تِلْكَ العيونِ التي تحلُمينَ

هُنْالكَ حُبٌّ فقيرٌ , ومن طرفين

يُقَلِّلُ من عَدَد اليائسين

ويرفَعُ عَرْشَ الحَمَام على الجانبين .

عليك , إِذاً أَن تَقودي بنفسك هذا الربيعَ السريعَ إلى مَنْ تُحبّينَ

أَيَّ زمانٍ تريدين ؟ أَيَّ زمان ؟

لأُصبحَ شاعرَهُ , هكذا هكذا : كُلّما

مَضَتِ امرأةٌ في السماء إلى سرِّها

وَجَدَتْ شاعراً سائراً في هواجسها .

كُلَّما غاص في نفسه شاعرٌ

وَجَدَ امرأةً تتعرَّى أمام قصيدتِهِ ..



أَيّ منفىً تريدينَ ؟

هل تذهبين معي أَمْ تسيرين وَحْدَكِ

في اسْمك منفىً يُكَلَّلُ منفّى

بِلأْلاَئِهِ ؟



هُنالِكَ حُبٌّ يَمُرُّ بنا ,

دون أَن نَنْتَبِهْ ,

فلا هُوَ يَدْري ولا نحن نَدْري

لماذا تُشرِّدُنا وردةٌ في جدارٍ قديم

وتبكي فتاةٌ على مَوْقف الباص ,

تَقْضِمُ تُفَّاحةً ثم تبكي وتضحَكُ ؟

" لا شيءَ , لا شيءَ أكثر

من نَحْلَةٍ عَبَرتْ في دمي ..

هُنَالكَ حُبٌّ فقيرٌ , يُطيلُ

التأَمُّلَ في العابرين , ويختارُ

أَصغَرَهُمْ قمراً : أَنتَ في حاجةٍ

لسماءٍ أَقلَّ ارتفاعاً ,

فكن صاحبي تَتَّسعْ

لأَنانيَّةُ اثنين لا يعرفان

لمن يُهْدِيانِ زُهُورَهُما ...

ربَّما كان يَقْصِدُني , رُبَّما

كان يقصدُنا دون أَن نَنْتَبِهْ



هُنَالِكَ حُبّ ... *



( من ديوان "سرير الغريبة" 1999)



السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس