عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-11-2010, 06:53 PM   #217
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

سنقوم في لشبونة بتنسيق نهجنا، بحيث يمكننا الشروع في نقل المسؤوليات إلى الأفغان في مطلع العام المقبل ، وتبنّي هدف الرئيس كرزاي القاضي بتولـّي القوات الأفغانية الأمن في أفغانستان بحلول نهاية 2014 ) .أوباما يتحدث عن مؤتمر حلف الناتو الذي عقد في لشبونه هذا الأسبوع



( يتوجب على الحلف مواصلة عملياته خارج الحدود، حتى بعد أن ينسحب من أفغانستان ) أمين عام حلف الناتو



( إنّ قادة دول الناتو أقروا مفهوما استراتيجيا جديدا يشكل خارطة طريق للحلف للسنوات العشر المقبلة) أمين عام حلف الناتو



( يعكس المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف أهمية شراكات الحلف ليس فقط في القارة الأوروبية ، بل أيضا في جميع أنحاء العالم ، لاسيما في البحر الأبيض المتوسط ومناطق الخليج في3 قضايا رئيسية هي : الدفاع الجماعي والردع ، وإدارة الأزمات ، وتعزيز الأمن والاستقرار الدولييـن ) مصادر صحفية عن قيادة الحلف



ويختفي وراء الدفاع الجماعي والردع ، عبارة : القضاء على أيّ قوة تنافس دول الحلف ، ووراء إدارة الأزمات ، عبارة : زرع الفوضى في مناطق المصالح الإستراتيجية وإدارتها لتحقيق أهداف الحلف ، ووراء تعزيز الأمن والاستقرار الدوليين عبارة : شن الحروب الاستباقية لفرض الهيمنة .



خلف حلف الناتو ، وألـ 400 لجنة التابعة له ، وألـ 14 وكالة التي تعمل تحت أمرته ، تقبع السياسة الأمريكية التي جعلته كالمظلة العسكرية لهيمنتها ، وقـد غدت تسيطر على الحلف ، وتدفع به إلى الهاوية التي تهوي إليها .



وقد صدق مارتن كيتيل كاتب الغارديان عندما قال : ( إنَّ ما جعـل اوبامـا وغيره من قادة الحكومات ، يهرعوا إلى قمة الحلف في لشبونة في البرتغال ، هي قضية التورُّط في الحرب على أفغانستان ، والمستنقع الأفغاني برمّته على الأخص ) .



و من المفارقات العجيبة أنـّه بينما كانت أعظم نجاحات الناتو في حقبة الصراع المعقـّد الإستراتيجي مع الإتحاد السوفيتي ، يشكل عجزُ الناتـو في أفغانسـتان ، عجزاً لا يبـدو له حـلُّ في الأفـق ، عبئـاً ثقيلاً جـداً على كاهل الحلـف ، مما جعله يرهـن سمعته ومستقبله على النجاح في أفغانسـتان !



ولا ريب أنه لن ينجـح ، بل سينتهي دوره بإذن الله تعالى ، وسيجعله هذا التحـدِّي يشهد نهايته ، وذلك لعـدة أسباب :



أحدهـا : أنَّ عدوَّه في أفغانسـتان هو ثورة شعـب ، وأصعب التحديـّات هي التي تتحـدّ فيها الحالة الاجتماعية والثقافية بالجهادية ، فتصبح صورة الثـورة أشبه باجتياح جيش مـن النمل الأبيض لقطيع من أشد الضبـاع ضراوة دخـل مستعمرات النمـل ، في حـرب تنشـلّ فيهـا كلّ عوامل قوة الضبـاع وسط دهشتها مما يجـرى ، ويتحـوّل القطيع إلى ركام هياكل عظمية في مشهد النهاية المذهـل !



ولهذا السبب يسجـَّل التاريخ غالبـا هزيمة الاحتـلال المباشـر ولو طال ، بينما كثيـراً ما تتحـوّل الحركات الثورية المعزولـة ساذجـة التخطيط ، إلى (مشكلة مفيدة) لمشاريع الاستعمار ، ولهذا قـد تنفخ فيهـا إعلاميـا ، لتحصد أكبر قدر من فوائدها !



وقد ذكرنا فيما مضى أنَّ الحالة الباكستانية تلعب _ في إطار ازدواجية خفيّة _ دورا في عجز الناتو فـي أفغانسـتان ، بسبب خوفها من التهديد الهندي الجديد القادم من تحت مشروع النيتو في أفغانسـتان ، وهاجسـها من تقسيم باكستان ، كما تؤدّي دول أخـرى إقليمية أدوارا خفية وإن كانت محدودة التأثير ، وأنّ سمعة حركة الطالبان الطيبة في الشعب الأفغاني ، والتي استمرت من فترة حكمها ، وسوء سمعة الدُّمى التي نصبتها أمريكا على الشعب الأفغاني ، كلُّ تلك العوامل تساعد في فشل النيتـو الذريع في أفغانسـتان .



الثاني : الأزمـة الاقتصادية الآخذة بخنـاق كثير من الدول الأوربية أعضـاء حلف الناتـو ، إلى درجة الإفلاس ، وآخرها إفلاس ايرلندا هذا الأسبوع ، والتي تضطّرهـا إلى تقديـم إصلاح أحوالها الاقتصادية إلى سلم الأوليات ، ولو على حسـاب تورطات الناتو الخارجية التي هي نتاج حماقات أمريكية .



الثالث : الانهيار الاقتصادي الأمريكي الذي لم يشهد بعـدُ مراحله الأشدّ كارثيه ، وقد تسبـَّب حتى الآن بانهيار مئات البنوك ، والحبـل على الجـرار .



الرابع : أنَّ أعباء الناتو قد غدت أكبـر من قدراته الفعلية ، ولهذا فقـد أنهكتـه الحرب في العـراق ، ثم انتقل إلى المستنقع الأفغانـي فزاد الطين بلـّة ، والنتيجة الحتمية لذلك هي أن ينحسـر دوره ،



الخامس : أنَّ الشعوب الأوربية قد ضاقت ذرعا من ( تواصل الاضطراب في أفغانسـتان بعد تسع سنوات من الحرب ).



هذا وقـد لفت الأنظـار _ إضافة إلى عدم ذكر إيران في البيان الختامي _ في مؤتمر الحلف الهاجس من الحرب الإلكترونية ، ولا عجـب فإنَّ من عجائب السنن الإلهية أن الباغي يُصرع بأدواته ذاتها ، فلا جرم أدرج على نتائج قمة الناتو الأخيرة ، التهديد الإلكتروني الذي غدا قادرا على شـلّ دولة بكاملها ، ولـذا تعهد الحلف بتحسين إمكاناته لحماية أنظمة الإتصال ، والمعلومات الحرجة من خطـر الهجمات الإلكترونية



ولا ريب أنّ انهيار حلف الناتو حتمي ، وأنّ لذلك أسبابا عديدة ، مرجعها إلى استنزافه أمريكيا في حروبها الخاسرة ، وفـي بغيها واستكبارها في الأرض ، وعلى الباغي تدور الدوائـر .



لكنه حتى لو تراجع دوره ، فإنَّ أمام النهضة الإسلامية من التحدّيات الكبيرة في عالم يتطـوّر تطـوُّرا مجنونا ، ما سيحرمها من الاستفادة الحقيقية من انهيار القوى العظمى ما لم تستجمع عوامـل النجاح في البناء الحضاري ، ذلك أنـّه _ كما ذكرنا مرارا _ تحدي البناء الحضاري الذي يبلغ التفـوُّق الاممي ، في هذا العصـر الذي لا ينتظـر ، ولا يرحم من يتأخـر يومـا واحدا في سباق آلات النجـاح والتفـوُّق ،



ثـم تحدّي الحفاظ على هذه القمة ،



أعظـم بكثيـر من تحدي إلحـاق الهزيمـة العسكرية بالأعـداء.



وجهـل هذه الحقيقة هو أفضـل تعريف للجهـل نفسه .



والله تعالى نسأل أن يجمع أمّتنا على كلمة سواء ، ويهديـها لوسائل النصـر ، ويسلك بأمتنـا سبيل العزة والتمكيـن ، كي تكون رحمة للعالمين ، ونـورا وهدى للبشـرية أجمعيـن .
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس