عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-06-2022, 07:52 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,967
إفتراضي

قلنا:
حديث أبي ميسرة عن عمر في تحريم الخمر الذي أخرجه أحمد والنسائي؛ ليس فيه ما يدل على التدرج في التحريم، فالخمر لم تحرم إلا في آية المائدة، أما آيتا البقرة والنساء فليس فيهما تحريم، وغاية ما فيهما مقدمات لتحريم الخمر.
كما نقل الطبري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عند نزول آيتي البقرة والنساء: (إن ربكم يقدم في الخمر)، من حديث الربيع بن أنس بإسناد رجاله وثقوا.
وكون الله سبحانه قدم في تحريم الخمر، لا يسوغ لأحد أن يتدرج أو يقدم مقدمات للتحريم، إذ لا معنى لهذا إلا أن يعطل حكم التحريم.
هذا في الخمر؛ أما في الجهاد؛ فيؤمر الناس بالكف عنه، ثم يؤذن لهم إذا ظلموا، ثم يطلب منهم قتال المشركين حيث ثقفوهم، لا أظن أن يقول بهذا إلا جريء على دين الله ... أو أن يقول قائل إذا قامت دولة إسلامية أو فتحنا بلدا أقررنا الربا وعطلنا الزكاة، وأقررنا فرض الصلاة وعطلنا فرض الجزية، وأقررنا حد السرقة وعطلنا حد الردة، وأقررنا حد الحرابة وعطلنا قتال البغاة، وهذا مما لا يقول به مسلم.
فبعد أن أكمل الله الدين وأمرنا بالتقيد بكل ما جاء به محمد من عند الله؛ لا يسوغ لأحد ترك حكم واحد."
كما سبق القول المؤلف يتغافل أو يتعامى عن الحقيقة وهى عدم وجود دولة للمسلمين أساسا فكل مجتمعاتنا محكومة بغير ما أنزل الله فلكى تطبق الإسلام لابد من مجتمع مسلم كله لا يوجد فيه من يتميز عن غيره لا يوجد فيه من ظلم الآخرين مجتمع لا يسجن ولا يعدم دعاة المسلمين بزعم كونهم إرهابيين ...........
لكى تطبق الإسلام لابد من أرض ومسلمين يسيطرون على أرضهم بسلاحهم فيطبقون الإسلام ولكن الحالى لا يوجد أرض للمسلمين وهم في معظمهم مسلمون بالنيات أو بالأسماء فقط فالمتحكم في الأرض هم الحكام وكلهم لا يحكمون بما أنزل الله وإنما يحكمون بأحكام الشيطان
وتحدث عن التدرج في الخمر فقال :
"فإن قيل: إن التدرج مما جاء به!
أجيب بأن تقديم الله سبحانه في الخمر لا يبيح للعباد أن يقدموا في تحريمها، وكونه سبحانه أكمل الدين على مدى ثلاثة وعشرين عاما لا يسوغ للعباد أن يطبقوه منجما على عدد هذه السنين، وكون التشريع فيه المكي والمدني لا يسوغ تعطيل الأحكام المدنية إلى ما بعد قيام الدولة، إلا ما جعله الله من اختصاص الدولة.
وإن أريد بالتدرج؛ محاولة إدخال بعض الأحكام في دساتير وقوانين الدول التي تحكم بغير ما أنزل الله اليوم، فأقل ما يقال فيه إنه سذاجة وقصر نظر."
التدرج في الخمر كان سببه هو علاج إدمان المخمورين فلا يمكن أن يقلع المدمن عن الخمر مرة واحدة إلا وتسبب ذلك في أضرار بدنية عظيمة ومن ثم كان أوله منع الشرب قبل الصلاة بفترة كافية وهو ما يعنى تقليل الجرعات بالتدريج حتى لا يهلك الجسد وبعد ذلك تم التحريم الكامل بعد أن قلت الكميات منه في الجسد
وتحدث عن تعارض الأحاديث فقال :
"وأما حديث جابر الذي أخرجه أحمد؛ ففيه ابن لهيعة وهو ضعيف، ورواية ابي داود له مما يحتج به، مع أن المنذري سكت عنه.
وهو يفيد بمفهومه لا بمنطوقه؛ أن رسول الله قبل من ثقيف شرطهم في وضع الصدقة والجهاد عنهم، وذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: (سيتصدقون ويجاهدون)، فقوله هذا يقتضي أنه قبل شرطهم، فدلالته من قبيل دلالة الاقتضاء وهي من المفهوم، وهو يعارض منطوق حديث عبد الله بن عمر في النهي عن التخير، كما يعارض منطوق حديث بشير بن الخصاصية الذي لم يقبل فيه رسول الله أن يضع عنه الجهاد والصدقة، ويعارض منطوق حديث الوفد عند ابن القيم؛ إذ لم يقبل صلى الله عليه وسلم أن يبقي لهم صنمهم ويبيح لهم الزنا والربا والخمر، ويعارض رواية ابن هشام في وضع الصلاة عنهم وحديث عثمان بن أبي العاص في أن لا يجبوا ... وإذا تعارض المنطوق مع المفهوم رجح المنطوق.
وأيضا إذا تعارض الخبر الدال على الوجوب؛ رجح على الخبر الدال على الإباحة، وخبر ابن الخصاصية دال على الوجوب، فيرجح على خبر جابر الدال على الإباحة.
إلا أنه يمكن رفع التعارض وإعمال الدليلين، وذلك أولى من إهمال أحدهما، وذلك بأن يقال؛ إن إعفاء ثقيف من الجهاد والصدقة خاص بثقيف، بدليل أن رسول الله علم أنهم سيتصدقون ويجاهدون، وهذا هو قول راوي الحديث جابر رضي الله عنه.
فقد أخرج صاحب "عون المعبود" قال: (وسئل جابر عن اشتراط ثقيف أن لا صدقة عليها ولا جهاد، فقال: علم أنهم سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا).
وهذا العلم لا يتأتى لغير رسول الله فيبقى خاصا بثقيف.
وأما حديث عثمان بن أبي العاص؛ الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (إن لكم أن لا تحشروا ولا تعشروا).
فلفظ تحشروا قال في "اللسان": (أي لا يندبون إلى المغازي ولا تضرب عليهم البعوث، وقيل لا يحشرون إلى عامل الزكاة ليأخذ صدقة أموالهم، بل يأخذها في أماكنهم).
ولفظ تعشروا قال في "اللسان": (أي لا يؤخذ عشر أموالهم، وقيل أرادوا به الصدقة الواجبة).
هذان اللفظان من المشترك، والمشترك يجب حمله على جميع معانيه، إلا إذا وجدت قرينة تخصصه بأحد معانيه، وهنا الأحاديث الواردة في إيجاب الصدقة والجهاد والنهي عن التخير؛ ترجح أن المراد؛ لا يحشرون إلى عامل الزكاة فيأخذها في أماكنهم، ولا يعشرون؛ أي لا يؤخذ منهم العشر كاملا.
ثم يقال في هذا الحديث ما قيل في حديث جابر في وضع الصدقة والجهاد عن ثقيف، فموضوعهما واحد وإن اختلفت الألفاظ.
بعد أن رجح تحريم التدرج ووجوب التطبيق الكامل دون تخير، بقيت مسألة تتعلق بالتطبيق، وهي هل يجوز التراخي في التطبيق أم أنه يجب على الفور دون تأخير ولا تسويف؟
والواجب هو التطبيق الفوري، والأدلة على هذا كثيرة جدا، نذكر منها ما يلي:
- روى ابن ماجة بإسناد رجاله وثقوا عن عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة قال: (حدثنا وفدنا الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلام ثقيف)، قال: (وقدموا عليه في رمضان فضرب عليهم قبة في المسجد، فلما أسلموا صاموا ما بقي عليهم من الشهر).
- أخرج البخاري عن البراء قال: (لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا، وكان يحب أن يوجه إلى الكعبة، فأنزل الله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها}، فوجه نحو الكعبة وصلى معه رجل العصر، ثم خرج، فمر على قوم من الأنصار فقال: هو يشهد أنه صلى مع النبي وأنه قد وجه إلى الكعبة، فانحرفوا وهم ركوع في صلاة العصر).
- روى أبو يعلى بإسناد لا بأس به عن جابر، قال: (كان رجل يحمل الخمر من خيبر إلى المدينة فيبيعها من المسلمين، فحمل منها بمال، فقدم به المدينة، فلقيه رجل من المسلمين، فقال: يا فلان إن الخمر قد حرمت، فوضعها حيث انتهى على تل، وسجى عليها بالأكسية، ثم أتى النبي فقال: يا رسول الله، بلغني أن الخمر قد حرمت! قال: أجل، قال: ألي أن أردها على من ابتعتها منه؟ قال: لا يصلح ردها، قال: ألي أن أهديها لمن يكافئني منها؟ قال: لا، قال: إن فيها مالا ليتامى في حجري، قال: إذا أتانا مال البحرين فأتنا نعوض أيتامك من مالهم، ثم نادى بالمدينة)، قال: (فقال الرجل: يا رسول الله الأوعية ننتفع بها! قال: فحلوا أوكيتها، فانصبت حتى استقرت في بطن الوادي).
- روى البخاري والنسائي ومسلم وابن ماجة وأحمد، واللفظ له، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: (أصبنا حمرا خارجا من القرية، فقال رسول الله: اكفئوا القدور وما فيها).
وفي رواية لأحمد عن صليت الأنصاري - وكان بدريا - قال: (نهى رسول الله عن لحوم الحمر ونحن بخيبر، فأكفأناها وإنا لجياع).
- أخرج أبو داود في كتاب الأدب بإسناد رجاله ثقات، عن أنس بن مالك: (أن رسول الله خرج فرأى قبة مشرفة فقال: ما هذه؟ قال له أصحابه: هذه لفلان رجل من الأنصار، قال فسكت وحملها في نفسه حتى إذا جاء صاحبها رسول الله يسلم عليه في الناس أعرض عنه - صنع ذلك مرارا - حتى عرف الرجل الغضب فيه والإعراض عنه، فشكا ذلك إلى أصحابه فقال: والله إني لأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: خرج فرأى قبتك، قال: فرجع الرجل إلى قبته فهدمها حتى سواها بالأرض، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فلم يرها، قال: ما فعلت القبة؟ قالوا: شكا إلينا صاحبك إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها، فقال: أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا إلا ما لا يعني ما لا بد منه).
- وأخرج البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنت أسقي أبا طلحة الأنصاري وأبا عبيدة بن الجراح، وأبي بن كعب شرابا من فضيخ وهو تمر، فجاءهم آت فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: يا أنس، قم إلى هذه الجرار فاكسرها)، قال أنس: (فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى انكسرت)."
وكل ما تناوله المؤلف هو تغافل كما قلت عن الحقيقة وهى :
أنه لا دولة للمسلمين حتى يمكن تطبيق الشرع فالشرع يطبق كاملا حيث وجدت الدولة المعدومة حاليا
وأما وضعنا حاليا فكل واحد مسلم يطبق ما يقدر عليه من الطاعات فنحن نعيش في مجتمع كالمجتمع المكى قبل الهجرة ومن ثم فالحديث عن الجهاد أو مؤسسات للمجتمع لا محل له لأن مجتمعاتنا الحالية تحارب مسلميها في كل شىء تقريبا فإسلامها هو الطعام الحلال والزواج والميراث وأما بقية الإسلام عند حكام مجتمعاتنا فلا قدر له ولا قيمة فهم يبقون على الأكل والزواج والميراث كدليل على أنهم يطبقون الإسلام
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس