عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-12-2013, 01:48 PM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

العرب والأتراك: كيف ينظر أحدهما للآخر؟



كان أول اتصال العرب بالأتراك سنة 54 هجري، عندما عبر عبد الله بن زياد والي خراسان ـ زمن معاوية بن أبي سفيان ـ نهر جيحون واستولى على بخارى ورامدين وبيكند من بلاد الترك، في ما وراء النهر، ثم اختار ألفي مقاتل تركي من رماة النشّاب الشجعان، وأرسلهم الى العراق، حيث أسكنهم البصرة*1. ثم تتابعت الفتوحات العربية في بلاد الترك الى أن استتب الأمن لهم فيها بعد مقتل (خاقان الترك: كور صول) على يد القائد العربي نصر بن سيّار عام 123هجري*2

دخل الأتراك في الإسلام، وأثروا في الحياة السياسية للدولة العربية الإسلامية، منذ أيام الخليفة العباسي الثامن (المعتصم) وسيطروا فيما بعد على بلدان من الصين شرقاً حتى سواحل الأطلسي (في بعض الأحيان) غرباً، وأخضعوا أمماً وشعوباً تحت حكمهم، ومن بينها العرب. وكان لطول حكمهم في الفترة التي تعد من أخطر الفترات في تاريخ العلاقات العربية التركية، الأثر الكبير في تكوين الموقف الراهن منهم. مما أدى الى قيام الكثير من المؤرخين بنبش الماضي لوضع صور سلبية مقولبة.

مخاوف العرب الحالية من تركيا

رغم أنه لا يوجد صيغة عملية تجيز لأي متحدث (عربي) بالقول بموقف عربي، لأنه ليس هناك موقف عربي، بل مواقف كثيرة، لكننا نستطيع أن نلخص ما يمكن الاشتراك فيه من بين كل تلك المواقف لإبراز المخاوف العربية:

أ ـ الروابط التركية الأطلسية، وما يترسخ في أذهان العرب من دور حلف شمال الأطلسي في مساندة الكيان الصهيوني، وما له من أدوار في تدمير الدول العربية والإسلامية (العراق، أفغانستان، ليبيا، سوريا).

ب ـ مسألة المياه، فقد فكر الأتراك بطلب تعويضات مالية في مقابل المياه التي تسمح بمرورها لكل من سوريا والعراق*3 وقد نفى وزير خارجية تركيا في مقابلة له مع صحيفة الحياة، تلك التهمة بحرفيتها، ولكنه عدلها بشروط تفضح النوايا التركية بهذا الشأن، ونلاحظ اليوم أن تدفق المياه قد انخفض بنسب كبيرة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق.

ج ـ تركيا وموضوع الشرق الأوسط الجديد: العرب وتركيا من أجزاء الشرق الأوسط الجديد، لكن دور تركيا في هذا المشروع هو دور فاعل، في حين ما رُسم للعرب فهو دور المفعول به، أو الساحة التي تستوجب الفعل. وملخص المشروع:
1ـ إلغاء فكرة الوحدة العربية ومسحها من أذهان العرب، وإضعاف دور الجامعة العربية (الضعيف أصلا)، والسعي لإلغائها.
2ـ نزع الأسلحة المؤثرة من مشاريع نووية أو جرثومية أو صاروخية، من لدن الدول التي لا يمكن احتوائها، أو التي لها طموحات إقليمية (العراق، مصر، سوريا، السعودية)، وضمان تفوق الكيان الصهيوني الدائم.
3ـ إنهاء المقاطعة العربية للكيان الصهيوني، والعمل التدريجي لجعلها طرفاً سائداً ومؤثراً إقليميا..والدول التي رُسم لها أن تكون أجزاء من هذا المشروع: مصر؛ العراق؛ سوريا؛ تركيا؛ لبنان؛ كينيا؛ الصومال؛ الكيان الصهيوني؛ دول مجلس التعاون الخليجي؛ الدول الآسيوية المستقلة عن الاتحاد السوفييتي؛ أفغانستان.
4ـ جعل كلمة الولايات المتحدة الأمريكية هي العليا في كل شيء، مع تنظيمها لمناورات دورية تشترك فيها الدول المذكورة لتعزيز استعداداتها.

هذا المشروع عبر عنه مارتن اندك بوضوح، كما نشرته وكالة الإعلام الأمريكية بوقته*4 في النصف الأول من عام 1993.

لو تطلعنا بعد مرور عقدين من الزمان لما تحقق من هذا المشروع لنجد أنه جرى تحقيق الكثير منه، فالتطبيع ومعاهدات الصلح مع الكيان الصهيوني وتدمير العراق وإخراجه من الساحة، وغيره من الأمور وصولا لما يجري استثماره بمكر وحذق شديدين لحالات الاضطراب في الساحة العربية.

لكن ما هو دور تركيا في ذلك.. وبالذات التيار الإسلامي؟

شارك الإسلاميون في تأسيس الحزب الديمقراطي، الذي استلم الحكم من عام 1950ـ 1960 بقيادة (عدنان مندريس). وكانت دعوات الحركات الإسلامية تنادي بعودة تطبيق الشريعة وهذا سعيدي نورسي يصرح (إن السيقان العارية للمرأة ما هي إلا حطب للنار الموعودة)، ويجب على الحكومة أن تتوقف عن إرسال أبنائنا للدراسة في الغرب.. وعلينا أن نعمل على تأسيس جامعة شرقية إسلامية، فالتقى به كل من عدنان مندريس وجلال بايار وأهدوه سيارة، فانضم أتباعه للحزب الديمقراطي، الذي فاز ب 505 مقاعد من أصل 550 مقعداً في البرلمان، مقابل 31 مقعد لجماعة أتاتورك*5

ومن الغريب أن أول دعوات للانضمام للمجموعة الغربية كانت في عهد مندريس وتشكيل حلف بغداد سيء الصيت، ووصول التضخم نتيجة للقروض الغربية الى 300% في هذا العهد، الذي سبق الانقلاب الأول من الجيش في عام 1960.

وبعد أن حلت الأحزاب في الانقلاب الثالث عام 1980، اقتيد نجم الدين أربكان للسجن لأنه رفع شعار تحرير القدس، في اجتماع حاشد للإسلاميين حضره 50ألف من أنصاره. وتغيرت أسماء الأحزاب الإسلامية في كل مرة يتم حلها فيه، فمن حزب السلامة الوطني لحزب الرفاه ... حتى وصلنا الى ما هو عليه الآن، باستلامهم مقاليد الحكم.

لقد علت نبرة اللهجة الحادة كلما اقترب الإسلاميون من الحكم في تركيا فهذا نجم الدين أربكان يصرح ( إننا لسنا أطفال لبوش وكلينتون.. إننا نسعى لتركيا قوية مستقلة، تنشد السعادة لستين مليون تركي.. إننا نسعى لتقوية العلاقات مع العالم الإسلامي لتكون تركيا مركزه)*6

يتبع في هذا الباب





هوامش
*1ـ تاريخ الطبري: تاريخ الأمم والملوك جزء 6 صفحة 167
*2ـ نفس المصدر جزء 8 صفحة 269
*3ـ صحيفة الحياة عدد 14/8/1993.
*4ـ مكتب الإعلام الأمريكي، نشرة الأخبار العربية: عن وكالة الإعلام الأمريكي في واشنطن 21/5/1993
*5ـ الصراع السياسي في تركيا: الأحزاب السياسية والجيش/ فلاديمير إيفانوفيتش دانيلوف/ ترجمة: يوسف إبراهيم الجهماني/ دار حوران للطباعة والنشر صفحة 27
*6ـ حزب الرفاه: الرهان على السلطة/ يوسف الجهماني/ دار حوران 1997؛ صفحة 21
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس