عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 30-01-2019, 03:06 PM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,987
إفتراضي تفسير سورة إبراهيم

"وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شىء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص "المعنى وظهروا لله كلهم فقال الصغار للذين استعظموا إنا كنا لكم طائعين فهل أنتم متحملون عنا من عقاب الله من بعض قالوا لو أرشدنا الله لأرشدناكم سيان عندنا أفزعنا أم احتملنا ما لنا من منقذ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار برزوا لله جميعا والمراد اداركوا أى دخلوا النار كلهم فقال الضعفاء وهم الصغار أى الأتباع للذين استكبروا وهم الذين استعظموا وهم السادة :إنا كنا لكم تبعا أى طائعين لحكمكم فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شىء والمراد فهل أنتم متحملون عنا نصيبا من نار الله من بعض مصداق لقوله بسورة غافر"فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار"وهذا يعنى أنهم يطلبون من السادة أن يتحملوا بعض العذاب عنهم كما أنهم أطاعوهم فى الدنيا ،فرد المستكبرون :لو هدانا الله لهديناكم والمراد لو أرشدنا الله لأرشدناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص والمراد سيان لدينا أفزعنا أم تحملنا ما لنا من مهرب وهذا يعنى أنهم كانوا سيعلمون الصغار الحق لو علمهم الله كما يعنى أن الجزع وهو الفزع وهو الصراخ والبكاء والخوف من العذاب يتساوى عندهم بتحمل العذاب فليس هناك محيص أى مهرب أى منقذ من العذاب .
"وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم إنى كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم "المعنى وقال الكافر لما انتهى الحكم إن الله أخبركم خبر الصدق وأخبرتكم فنقضتكم وما كان لى عليكم من سلطة إلا أن ناديتكم فلا تعاتبونى وعاتبوا أنفسكم ما أنا بمنقذكم وما أنتم بمنقذى إنى كذبت بما ألهتمونى من قبل إن الكافرين لهم عقاب شديد ،يبين الله للنبى(ص) أن الشيطان وهو الكافر أى الشهوة وهى الهوى الضال فى الكفار قال لما قضى الأمر والمراد لما انتهى الحكم وهو حكم الله فى الناس يوم القيامة :إن الله وعدكم وعد الحق والمراد إن الرب أخبركم خبر الصدق مصداق لقوله بسورة الأحقاف"وعد الصدق"وهذا يعنى أن الله صدقهم الوعد ،وقال ووعدتكم فأخلفتكم والمراد وأخبرتكم فنكثت قولى وهذا اعتراف منه بأن الله وحيه حق وأن قول الشيطان كذب باطل ،وقال وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى والمراد وليس لى عليكم من قوة إلا أن وسوست لكم فأطعتمونى وهذا يعنى أن كل سلطة الشيطان وهو الهوى الضال على الناس هى الدعوة أى الوسوسة فقط وكانت نتيجة الوسوسة هى الاستجابة وهى طاعة الهوى الضال،وقال :فلا تلومونى ولوموا أنفسكم والمراد فلا تعاتبونى وعاتبوا أنفسكم وهذا يعنى أن الهوى الضال ينهاهم عن معاتبته وإلقاء المسئولية عليه ويأمرهم أن يعاتبوا أنفسهم أى يلقوا بالمسئولية على أنفسهم المستجيبة له ،وقال ما أنا بمصرخكم والمراد ما أنا بمنقذكم وما أنتم بمصرخى أى منقذى وهذا يعنى أنه لا ينفعهم ولا هم ينفعونه عند الله ،إنى كفرت بما أشركتمون من قبل والمراد إنى كذبت بالذى أطعتمونى فى الدنيا وهذا يعنى أنه يكذبهم فى أنهم عبدوه ،إن الظالمين وهم الكفار لهم عذاب أليم أى عقاب مذل مهين مصداق لقوله بسورة البقرة "وللكافرين عذاب مهين ".
"وأدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام "المعنى وأسكن الذين صدقوا وفعلوا الحسنات حدائق تسير من أسفل أرضها العيون مقيمين فيها بأمر خالقهم قولهم فيها خير ،يبين الله للنبى(ص) أن الله أدخل والمراد أسكن الذين أمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد أسكنهم حدائق تسير فى أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم خالدين فيها أى "ماكثين فيها "كما قال بسورة الكهف والمراد مقيمين فيها دوما بإذن ربهم وهو حكم إلههم ،وتحيتهم فيها سلام والمراد وقولهم فى الجنات هو خير وهذا يعنى أن كلامهم فى الجنة هو الحق وليس اللغو مصداق لقوله بسورة الواقعة "لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ".
"ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون "المعنى ألم تعلم كيف قال الله تشبيها كلمة نافعة كنبتة نافعة جذرها دائم وغصنها فى الجو تحضر ثمرها كل موسم بأمر خالقها ويقول الله الأشباه للبشر لعلهم يتفهمون ،يسأل الله رسوله(ص)ألم تر كيف ضرب الله مثلا أى هل لم تعلم كيف قال الله تشبيها هو كلمة طيبة كشجرة طيبة والمراد حديث نافع كنبات نافع أصلها ثابت أى جذرها باق وفرعها فى السماء أى وغصونها فى الجو ،تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها والمراد تثمر ثمرها كل موسم بأمر خالقها ؟والغرض من السؤال هو إخبار الرسول(ص)والناس أن الكلمة الطيبة وهى وحى الله تشبه الشجرة الطيبة فى أن أصلها وهو جذرها ثابت أى دائم لا يموت وغصونها فى السماء والمراد أن الوحى فروعه وهى الأعمال ترفع للسماء كالأغصان والشجرة كما تثمر الثمر فى كل موسم فإن العمل بالوحى يثمر ثماره مرتين مرة فى الدنيا ومرة فى القيامة ،ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون أى ويقول الله التشبيهات للخلق والسبب فى قول التشبيهات أن يعقلوا فيفهموا المطلوب منهم وهو طاعة وحى الله فيطيعوا الوحى والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار.
"ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار "المعنى وشبه حديث باطل كنبات ضار اقتلع من على الأرض ليس لها ثبات ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكلمة الخبيثة وهى الكلام الباطل يشبه الشجرة الخبيثة وهى النبات الضار الذى اجتث من فوق الأرض أى الذى اقتلع من على الأرض ما لها من قرار أى ثبات أى دوام ،والتشابه هو الكلمة الخبيثة هى الشجرة الخبيثة والإقتلاع من على الأرض يشبه أن أديان الباطل مأخوذة من كل قولة على الأرض قيلت من أى إنسان وكما أن الشجرة ليس لها قرار أى دوام فإن أديان الباطل متغيرة هالكة .
"يثبت الله الذين أمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الأخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء"المعنى يثيب الله الذين صدقوا بالقول الدائم فى المعيشة الأولى وفى القيامة ويعذب الله الكافرين ويصنع الله الذى يريد ،يبين الله للنبى (ص)أن الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله يثبتهم أى يرحمهم الله بالتالى :القول الثابت والمراد يشكرهم على طاعتهم للحديث الدائم وهو الوحى المنزل مصداق لقوله بسورة النحل"قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين أمنوا" وهذا الشكر يكون فى الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى وفى الأخرة وهى القيامة ،ويبين له أنه يضل الله الظالمين أى يعذب الله الكافرين مصداق لقوله بسورة الفتح"يعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات "ويبين له أنه يفعل ما يشاء أى "إن الله يحكم ما يريد"كما قال بسورة المائدة والمراد أنه يصنع الذى يحب والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار "المعنى هل لم تعلم بالذين غيروا منحة الله كذبا وأدخلوا ناسهم سجن الخسران النار يذوقونها وقبح المقام ،يسأل الله رسوله(ص)ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله والمراد هل لم تعرف بالذين تركوا حكم الله وأحلوا قومهم دار البوار والمراد وأدخلوا شعبهم مكان العذاب جهنم وهى النار يصلونها أى يذوقونها وبئس القرار أى وقبح المهاد مصداق لقوله بسورة آل عمران "وبئس المهاد"والغرض من السؤال هو إخبار الرسول (ص)وكل مسلم أن الكفار تركوا طاعة نعمة أى حكم الله وعملوا بالكفر وهو الباطل فكان عقابهم هو دخولهم مع أهلهم النار حيث العذاب المستمر .
"وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار"المعنى واخترعوا لله شركاء ليبعدوا عن دينه قل تلذذوا فإن مرجعكم إلى جهنم ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار جعلوا لله أندادا والمراد اختلقوا لله شركاء مصداق لقوله بسورة الرعد "وجعلوا لله شركاء"وهذا يعنى أنهم اخترعوا من خيالهم شركاء لله والسبب أن يضلوا عن سبيله أى يبعدوا عن دينه وهذا يعنى أنهم يعصون حكم الله ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول تمتعوا فإن مصيركم إلى النار أى تلذذوا بمتاع الدنيا فإن مرجعكم إلى الجحيم مصداق لقوله بسورة الصافات "ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ".
"قل لعبادى الذين أمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلال"المعنى قل لخلقى الذين صدقوا يطيعوا الدين أى يعملوا بالذى أوحينا لهم خفاء وظهورا من قبل أن يحضر يوم لا فدية فيه ولا صداقة ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لعباده الذين أمنوا وهم خلقه الذين صدقوا بالوحى :أقيموا الصلاة أى أطيعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى"أن أقيموا الدين "وفسر هذا فقال وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية والمراد ويعملوا بالذى ألقينا لهم خفاء وظهورا وهذا يعنى أن المؤمنين يطيعون الوحى فى الخفاء والظهور من قبل أن يأتى أى يحضر يوم لا بيع أى شراء فيه والمراد لا أحد يستطيع أن يدفع مقابل لإخراجه من النار ولا خلال أى صداقة فلا صديق يفيد صديق الكافر بكلامه والخطاب للنبى ومنه للمؤمنين.
"الله الذى خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجرى فى البحر بأمره وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وأتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار "المعنى الله الذى أنشأ السموات والأرض وأسقط من السحاب مطرا فأنبت من الأنواع نفعا لكم وهىء لكم السفن لتسير فى الماء بإذنه وهىء الشمس والقمر مستمرين وهىء لكم الليل والنهار وأعطاكم من كل الذى طلبتموه وإن تحسبوا منح الله لا تقدروها إن الإنسان لمجرم فاسق،يبين الله للناس أن الله الذى سخر أى أنشأ أى "فطر السموات والأرض"كما قال بسورة الأنعام ويبين لهم أنه أنزل من السماء ماء والمراد أسقط من السحاب مطرا فأخرج به من الثمرات رزقا لكم والمراد فأنبت به من الأنواع نفعا لكم وهذا يعنى أن الماء سبب خروج المنافع من الأرض ،ويبين لهم أنه سخر لهم الفلك لتجرى فى البحر بأمره والمراد أنه هيء لهم السفن لتتحرك فى الماء بنعمة الله وهى الرياح وغيره من المحركات مصداق لقوله بسورة لقمان"ألم تر أن الفلك تجرى فى البحر بنعمة الله" ويبين لهم أنه سخر أى خلق لهم الشمس والقمر دائبين أى مستمرين فى الحركة حتى موعد محدد مصداق لقوله بسورة الروم"وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى "،ويبين لهم أنه أتاهم من كل ما سألوه والمراد أنه أعطاهم من كل ما طلبوه وهذا يعنى أنه لم يعطهم كل شىء وإنما أعطاهم بعض مما طلبوه ،ويبين لهم إن يعدوا نعمة الله لا يحصوها والمراد إن يحسبوا منح الله لهم لا يحسبوها والمراد لا يقدروا على حسابها من كثرتها ،ويبين لهم أن الإنسان لظلوم كفار أى مكذب مخالف لحكم الله والخطاب للناس.
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس