عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 13-06-2008, 10:29 PM   #2
RWIDA
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 226
إفتراضي

تفسير الآيات


{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }(285) .

يخبر تعالى عن إيمان الرسول والمؤمنين معه، وانقيادهم وطاعتهم وسؤالهم مع ذلك المغفرة، فأخبر أنهم آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله، وهذا يتضمن الإيمان بجميع ما أخبر الله به عن نفسه، وأخبرت به عنه رسله من صفات كماله ونعوت جلاله على وجه الإجمال والتفصيل، وتنزيهه عن التمثيل والتعطيل وعن جميع صفات النقص، ويتضمن الإيمان بالملائكة الذين نصت عليهم الشرائع جملة وتفصيلا وعلى الإيمان بجميع الرسل والكتب، أي: بكل ما أخبرت به الرسل وتضمنته الكتب من الأخبار والأوامر والنواهي، وأنهم لا يفرقون بين أحد من رسله، بل يؤمنون بجميعهم، لأنهم وسائط بين الله وبين عباده، فالكفر ببعضهم كفر بجميعهم بل كفر بالله {وقالوا سمعنا }ما أمرتنا به ونهيتنا { وأطعنا }لك في ذلك، ولم يكونوا ممن قالوا سمعنا وعصينا، ولما كان العبد لا بد أن يحصل منه تقصير في حقوق الله تعالى وهو محتاج إلى مغفرته على الدوام، قالوا { غفرانك } أي: نسألك مغفرة لما صدر منا من التقصير والذنوب، ومحو ما اتصفنا به من العيوب { وإليك المصير }أي: المرجع لجميع الخلائق فتجزيهم بما عملوا من خير وشر.


{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (286) .


لما نزل قوله تعالى :{ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ }شق ذلك على المسلمين لما توهموا أن ما يقع في القلب من الأمور اللازمة والعارضة المستقرة وغيرها مؤاخذون به، فأخبرهم بهذه الآية أنه {لا يكلف نفسا إلا وسعها }أي: أمرا تسعه طاقتها، ولا يكلفها ويشق عليها، كما قال تعالى {ما جعل عليكم في الدين من حرج }فأصل الأوامر والنواهي ليست من الأمور التي تشق على النفوس، بل هي غذاء للأرواح ودواء للأبدان، وحمية عن الضرر، فالله تعالى أمر العباد بما أمرهم به رحمة وإحسانا، ومع هذا إذا حصل بعض الأعذار التي هي مظنة المشقة حصل التخفيف والتسهيل، إما بإسقاطه عن المكلف، أو إسقاط بعضه كما في التخفيف عن المريض والمسافر وغيرهم، ثم أخبر تعالى أن لكل نفس ما كسبت من الخير، وعليها ما اكتسبت من الشر، فلا تزر وازرة وزر أخرى ولا تذهب حسنات العبد لغيره، وفي الإتيان بـ " كسب "في الخير الدال على أن عمل الخير يحصل للإنسان بأدنى سعي منه بل بمجرد نية القلب وأتى بـ " اكتسب "في عمل الشر للدلالة على أن عمل الشر لا يكتب على الإنسان حتى يعمله ويحصل سعيه، ولما أخبر تعالى عن إيمان الرسول والمؤمنين معه وأن كل عامل سيجازى بعمله، وكان الإنسان عرضة للتقصير والخطأ والنسيان، وأخبر أنه لا يكلفنا إلا ما نطيق وتسعه قوتنا، أخبر عن دعاء المؤمنين بذلك، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قال: قد فعلت. إجابة لهذا الدعاء، فقال {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } والفرق بينهما: أن النسيان: ذهول القلب عن ما أمر به فيتركه نسيانا، والخطأ: أن يقصد شيئا يجوز له قصده ثم يقع فعله على ما لا يجوز له فعله: فهذان قد عفا الله عن هذه الأمة ما يقع بهما رحمة بهم وإحسانا، فعلى هذا من صلى في ثوب مغصوب، أو نجس، أو قد نسي نجاسة على بدنه، أو تكلم في الصلاة ناسيا، أو فعل مفطرا ناسيا، أو فعل محظورا من محظورات الإحرام التي ليس فيها إتلاف ناسيا، فإنه معفو عنه، وكذلك لا يحنث من فعل المحلوف عليه ناسيا، وكذلك لو أخطأ فأتلف نفسا أو مالا فليس عليه إثم، وإنما الضمان مرتب على مجرد الإتلاف، وكذلك المواضع التي تجب فيها التسمية إذا تركها الإنسان ناسيا لم يضر. {ربنا ولا تحمل علينا إصرا } أي: تكاليف مشقة {كما حملته على الذين من قبلنا }وقد فعل تعالى فإن الله خفف عن هذه الأمة في الأوامر من الطهارات وأحوال العبادات ما لم يخففه على غيرها { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به }وقد فعل وله الحمد {واعف عنا واغفر لنا وارحمنا }فالعفو والمغفرة يحصل بهما دفع المكاره والشرور، والرحمة يحصل بها صلاح الأمور { أنت مولانا }أي: ربنا ومليكنا وإلهنا الذي لم تزل ولايتك إيانا منذ أوجدتنا وأنشأتنا فنعمك دارة علينا متصلة عدد الأوقات، ثم أنعمت علينا بالنعمة العظيمة والمنحة الجسيمة، وهي نعمة الإسلام التي جميع النعم تبع لها، فنسألك يا ربنا ومولانا تمام نعمتك بأن تنصرنا على القوم الكافرين، الذين كفروا بك وبرسلك، وقاوموا أهل دينك ونبذوا أمرك، فانصرنا عليهم بالحجة والبيان والسيف والسنان، بأن تمكن لنا في الأرض وتخذلهم وترزقنا الإيمان والأعمال التي يحصل بها النصر، والحمد لله رب العالمين.


فضل قراءة خواتيم سورة البقرة


قال البخاري: حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن، عن أبي مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ بالآيتين"، وحدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبي مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كَفَتَاه" .

قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، حدثنا مالك بن مغْول(ح) وحدثنا ابن نُمَير، وزهير بن حرب جميعًا، عن عبد الله بن نُمير -وألفاظهم متقاربة -قال ابن نمير: حدثنا أبي، حدثنا مالك بن مِغْوَل، عن الزبير بن عدي عن طلحة، عن مُرَة، عن عبد الله، قال: لما أسْريَ برسول الله صلى الله عليه وسلم انْتُهِيَ به إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يُعْرَج به من الأرض فَيُقْبَض منها، وإليها ينتهي ما يُهْبَطُ به من فوقها فيُقْبَض منها، قال: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى [النجم : 16] ، قال: فرَاش من ذهب. قال: وأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا: أعْطِيَ الصلوات الخمس، وأعْطِي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئًا المُقْحَماتُ


اعن ابن عباس قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل؛ إذ سمع نقيضا فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السماء، فقال: هذا باب قد فتح من السماء ما فُتِح قَط. قال: فنـزل منه مَلَك، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما، لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ حرفا منهما إلا أوتيته، رواه مسلم والنسائي، وهذا لفظه .


قال أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في مسنده: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا أيفع بن عبد الله الكلاعي قال: قال رجل: يا رسول الله، أي آية في كتاب الله أعظم؟ قال: "آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ قال: فأي آية في كتاب الله تحب أن تصيبك وأمتك؟ قال: "آخر سورة البقرة، ولم يترك خيرًا في الدنيا والآخرة إلا اشتملت عليه".
RWIDA غير متصل   الرد مع إقتباس