عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 23-11-2009, 08:57 PM   #1
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي مشكلات التخطيط التعليمي في العالم العربي

بسم الله الرحمن الرحيم

التخطيط التعليمي
تعد عملية التخطيط واحدة من العمليات التي تشغل أهمية قصوى لدى القائمين بوضع النظام التعليمي .وإذا كان لا يمكن فصل مقومات نجاح أي نظام بمعزل عن التخطيط فإن عملية التعليم بالذات يكتسب التخطبط فيها أهمية ذات طبيعة خاصة ذلك أن مستقبل الأمم والشعوب يتوقف بشكل كبير على جدية ونجاح هذه المخططات .
وباعتبار الدول العربية إحدى دول العالم الثالث والتي تعاني عملية التعليم فيها الكثير من المشاكل فإن التخطيط لهذه العملية يعد واحدًا من العوامل التي تكشف عن اهتراء هذه النظم على كافة الأصعدة.
وبالقدر الذي يرتبط به التعليم بالأيديولجيا فإن التخطط للنظام التعليمي يرتبط كذلك بالأيديولوجيا التي تحاول الدولة غرسها في المجتمع ،لذلك فإن عملية التخطيط تفتقد للأسس التي عليها تبنى عملية التعليم برمتها نظرًا لغياب الفلسفة السياسية وعدم وصول أهدافها للمجتمع ، ويمكن للمتابع العادي استقراء ذلك من خلال الخطاب السياسي والذي لا يعكس أهدافًا حقيقية تحاول الدولة تحقيقها كزيادة الإنتاج أو رفع مستوى الدخل أو القضاء على البطالة ..إلخ
إن هذه الأهداف التي يتشدق بها دهاقنة النظام غالبًا ما تكون أهدافًا شكلية غير شفافة أو كاشفة عن الإمكانيات الحقيقية للدولة كما أنها تفتقد لصياغات دقيقة توضح آلية تنفيذ هذه الأهداف ، فليس من المعتاد أن يُسمع بأن هدف الدولة في المرحلة القادمة (ثلاثة -خمس سنوات) رفع مستوى الدخل بنسبة 3% أو 5% بل يُكتفى بعبارات مطاطة تعكس أحد أمرين :التخبط الذي يعتري الجهة المسؤولة عن وضع الخطط ومن ضمنها الخطة التعليمية . أو الخوف من تبعات ذكر هذه الأعداد والتي قد تتمثل في المساءلة وإثارة الرأي العام . من هنا يمكن القول بأن افتقاد الخطط التعليمية للدقة الكافية يعد أول هذه المشكلات التي يعاني منها التخطيط في مجال التعليم .
وإذا كان النظام التعليمي يرتبط بشكل مباشر حينًا وغير مباشر حينًا آخر بفلسفة التوظيف والعمل ، فإن النظام التعليمي في الدول العربية لا يحدد العلاقة بين هذين الجانبين . ولتخيل مدى خطورة هذا الجانب علينا أن ننظر إلى النظام الصيني والهندي وقد أعلنت الدولة صراحة أن الغرض من التعليم هو تحقيق الحد الأدنى من التثقيف والمعرفة دون اشتراط التوظيف والعمل من خلال المؤهلات واختصاصتها الوظفية . لقد اعتمدت الدولتان نظامًا بمقتضاه يكون مجال الخدمات وما يتطبه من مهارات وخبرات أداة للتوظيف وذلك في مجالات عدة كالسياحة والخدمات الفندقية والاتصالات ..إلخ وهذه المجالات لا تتطلب مؤهلات محددة بقدر ما تتطلب مجموعة من الخبرات التي تنمّى من خلال التدريب والدراسة.
أما في العالم العربي فثمة مخاوف من إعلان الهدف الحقيقي من عملية التعليم وهذا هو ثاني هذه المشاكل.
كما أن من مقومات النجاح لأي تخطبط قدرته على التنبؤ بالتغيرات المستقبلية حتى يمكن مواجهته ، وفي ظل أنظمة تعليمية كتلك فإن التنبؤ المستقبلي يعد أمرًا خياليًا نظرًا لعدم وجود الأسس والقواعد التي يمكن على أساسها أن تتم عملية التنبؤ ونظرًا للكيفية التي تتعامل بها هذه الأنظمة مع المعطيات المتاحة لديها.وهذا هو ثالث هذه المشاكل.
وإذا كان التخطيط للمجال التعليمي يقوم به المتخصصون ، فإن من الأشياء التي تؤكد استحالة تحقيق التخطيط السليم في هكذا أنظمة انفراد المستويات العليا من متخذي القرار بالتخطيط دون إشراك الفئة التنفيذية والتي هي أقرب الفئات وأصدقها تعبيرًا عن هذا الواقع وهي فئة المعلمين . إن المعلم هو الذي يقوم بشرح المواضيع الدراسية ، غير أن عدم اشتراك المعلم في وضع الخطط الخاصة بهذه المناهج يجعل التخطيط مشوهًا بسبب عدم قدرة القائمين به على القياس المباشر لأهدفه ولبعدهم بشكل كبير عن المتعلم والذي هو محور العملية التعليمية.والمعلم يعد أصدق وجوه التعبيرعن الواقع المدرسي لمعايشته الطلاب وملاحظته سلوكياتهم وردود أفعالهم تجاه المناهج ،بعكس السادة متخذي القرار والذين غالبًا لا يكونون من التربويين والذين تأتي خططهم التعليمية في ضوء تصوراتهم أو أهدافهم الشخصية .
إن عملية التخطيط التعليمي لابد أن تراعي وجود الهدف الحقيقي الذي تسعى من أجله والذي إذا أوجد وصح قياسه كُتِبَ لهذا التخطيط النجاح ذلك المطلب الذي لا يمكن تحقيقه إلا بالمصارحة وإشراك العديد من المستويات الثقافية والمهنية في عملية صياغته لتحقيق التكامل وشمولية المعرفة.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس