عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-02-2010, 08:13 PM   #1
عصام الدين
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2000
المشاركات: 830
إفتراضي أفـيــون الـشـعـــــــوب

إذا كان القرن 21 يصنف عند بعض المفكرين كـ "قرن الأديان"، فإن كرة القدم فيه تعتبر الدين رقم واحد في العالم وبلا منازع من حيث عدد المعتنقين والأتباع، وأنبياء هذا الدين الذين سكنت تعاليمهم قلوب المومنين كثرا، منهم بيلي البرازيلي ومارادونا الأرجنتيني، وبلاتيني الفرنسي، وكريف الهولندي وبيكنباور الألماني وبيكهام الإنجليزي وغيرهم من الأنبياء المحليين، والصحابة والمصلحين.
تملك كرة القدم كل الأركان التي جاءت بها الديانات، الإيمان والخشوع وإقامة الصلوات، والتضحية والحلال والحرام، وغيرها من الشعائر.
والحج الذي يوجد في كل الديانات نراه كذلك في كرة القدم، وأكبر حج هو شد الرحال إلى المونديال، في هذا الحج يلتقي الناس من كل الأجناس والألوان والمذاهب، لا فرق بينهم سوى بتقوى المنافسة، والإيمان بالكرة، وعشق الملاعب، نعم فتعاليم الكرة تسود الجميع.
كأس أوربا، كأس أمريكا، كأس إفريقيا، وغيرها من الكؤوس القارية والجهوية، كلها سنن وفضائل تشبه العمرة، فهي أقل درجة، لكن أجرها وثوابها كبير، كما أن عائداتها على الإقتصاد مهمة، لهذا يحرص عليها المومنون ليجنوا منافع لهم.
تحدث الكرة في النفوس رعشة غريبة تجعل المتحمسين لها يتصرفون وكأنهم مغيبون، لهذا يجوز القول أن الكرة أفيون الشعوب، مثلما يقال أن الدين أفيون الشعوب، لكن ما أفسد الكرة أكثر هو السياسة، فمثلما تفسد السياسة الأخلاق والفن والثقافة، أفسدت السياسة كرة القدم، حيث استغلها السياسيون لتفويت قراراتهم واستحمار شعوبهم.
في انجلترا ارتبط تاريخ الكرة بالتاريخ العمالي في المدن والقرى الصناعية، وكانت مباريات كرة القدم نهاية الأسبوع تشكل متنفسا للحركة العمالية، الطبقة العمالية لم تحدث ثورتها الأولى في إنكلترا كما توقع لها ماركس، ملاعب الكرة عرفت ثورات نهاية كل أسبوع، كانت تنتهي بحفلات البيرة ويعود العمال بعدها إلى ورشات الاستغلال الطبقي.
يقول عشاق ليفربول في نشيدهم التاريخي "إنك لن تمضي وحيدا" (you never walk alone) هذا النشيد يشبه قصة أحد الأنبياء، نحن معك يا ليفربول، لن نقول لك إذهب أنت وربك فقاتلا.
اقترف تيري هنري الحرام حين لمس الكرة بيده وأدخلها الشباك في مقابلة مصيرية، ضد إرلندا، وسط اندهاش واستنكار العالم احتال على الحكم، وانتصرت فرنسا على إرلندا.
أحدهم قال عقب نهاية المباراة، إن انتصار فرنسا حرم إرلندا ملايين الجنيهات كانت ستدخل الميزانية باستهلاك بيرة النصر.
في الختام، المشهد متشابه، يشرب المؤمنون ماء زمزم، ويشرب عباد الكرة ماء الحياة وشراب الروح والروج.. إنما الأعمال بالنيات.
وعلى عكس يد هنري التي سميت يد الشيطان، كانت يد مارادونا يد الله في مقابلة حاسمة في مونديال 86 ضد إنكلترا.
معظم قنوات العالم وصحافته تحدثت هكذا، فهل ما زلتم تشكون أن الكرة هي الدين الأول في الكون ؟
__________________

حسب الواجد إقرار الواحد له.. حسب العاشق تلميح المعشوق دلالا.. وأنا حسبي أني ولدتني كل نساء الأرض و أن امرأتي لا تلد..

آخر تعديل بواسطة المشرف العام ، 20-02-2010 الساعة 09:31 PM.
عصام الدين غير متصل   الرد مع إقتباس