عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 26-12-2020, 07:56 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,982
إفتراضي نقد كتاب آية العظمة

نقد كتاب آية العظمة
الكتاب تأليف محمد الشريف الحسني وهو يدور حول تفسير ما سماه آية العظمة وهى قوله تعالى بسورة القلم "وإنك لعلى خلق عظيم " وفى هذا قال الحسنى:
" أما بعد:فإن هذا الكتاب العظيم لا تنتهي عجائبه ولاتنفد غرائبه، فكلما اكتشفت منه معاني غابت منه أضعافها، فكل ذي فن يدلي بدلوه في قاموسه المطمطم، فيقتني منه بقدر حاله ومقامه، ولما كان لنا تعلق بالجناب الشريف، كانت تستوقفنا بعض الآيات الخاصة به (ص)
فلما استوقفتني آية العظمة (وإنك لعلى خلق عظيم) نقبت عن أراء المفسرين فيها، فلم أجد من يشفي غليلي منها، وحينما نظرت في كتب العارفين وجدت ضالتي، فأحببت أن أصوغها في رسالة بسيطة لمن على شاكلتي"
الرجل يقول أن كتب التفسير لم تقدم لها التفسير الصحيح الذى وجده فى كتب المتصوفة الذين سماهم العارفين
الحسنى وجد فى الكلمات الخمس او الست أسرارا كثيرة وفى هذا قال الحسنى:
فأقول وبالله التوفيق:
- وإنك لعلى خلق عظيم -
لا جرم أن لوائح العظمة ظاهرة على هذه الآية العظيمة، فلا شك أنها تواري ضمنها أسرارا عجيبة غريبة؛ حيث أن العظيم - جل جلاله - لا يعظم إلا عظيما، فأمر عظمه العظيم في القرآن العظيم، حقا إنه لعظيم
ومما زاد الشأن عظمة على عظمة، تلك التوكيدات التي تنبه على أن الأمر خطير، فلوكان الأمر مجرد الأخلاق الظاهرة، كالصدق والأمانة ، لما احتاج الحق - جل جلاله - أن يؤكدها، وحتى الكفار مسلمون له فيها
فأكدها بواو القسم، ثم ثناها بأداة التوكيد " إن " ثم ثلثها بلام التوكيد، ثم ربعها بحرف الإستعلاء " على " ثم خمسها بالتعظيم , فما العلة من ذلك ياترى؟!
1) الخلق العظيم هو: الملة المحمدية
قال سيدنا ابن عباس : {وإنك لعلى خلق عظيم} أي: على دين عظيم (الطبري)وتأويل ذلك أن النبوة ذات والرسالة صفاتها، فكل رسالة تستمد من نبوة، وكل رسالة هي مظهر لصاحبها، فالظاهر عنوان الباطن، والسيرة تعرب عن السريرة، ومن أعظم مقاما وحالا، من سيد الوجود (ص)
فلإن كانت رسالات وشرائع الرسل تسفر عن نبواتهم الصفاتية، فإن الملة المحمدية تسفر عن النبوة الذاتية، وكل إناء بالذي فيه ينضح وإذا كان الدين الإسلامي الكامل، المحيط بكل الشرائع الإلهية، والمهيمن على سائر الكتب السماوية، هو خلقه (ص)، فجدير أن يعظمه العظيم - جل جلاله - في القرآن العظيم ووجه الربط بين الدين والأخلاق هنا، أن الشريعة هي منظومة أخلاق، مع الحق تعالى بالعبادة، ومع الخلق في العادة "
الفقرة هنا تحتوى على النفسير الصحيح وهو ما نسبه لابن عباس وهو يوافق قوله تعالى بسورة الزخرف"إنك على صراط مستقيم" وقوله بسورة يس " إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم " وقوله بسورة الحج"إنك على هدى مستقيم"
فالممدوح هو الوحى وليس النبى(ص)
والأخطاء فى الفقرة:
الأول هى جعل النبوة غير الرسالة فكلاهما واحد وإنما يختلفان عن النبى وهو الرسول فالرسالة غير الرسالة لأن الرسالة كلها صحيحة لا يمكن أن يوجد فيها اى خطأ بينما النبى وهو الرسول0ص) يمكن أن يخطىء أى يذنب كما قال تعالى فى النبى الأخير(ص):
" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر"
الثانى أن الدين الإسلامي الكامل، المحيط بكل الشرائع الإلهية، والمهيمن على سائر الكتب السماوية، هو خلقه (ص)
فالإسلام كان دين كل الرسل 0ص) وليس محمد (ص) وحده كما قال تعالى " إن الدين عند الله الإسلام"
الثالث وهو فى نفس كلمات الخطأ الثانى أن دين افسلام هو خلقه (ص) وهو كلام خاطلاء باطل فالرسالة وهى الدين غير الرسول فالرسالة ليس فيها أخطاء فكلها صحيحة وأما النبى(ص) نفسه هو فهو أحيانا يخطىء
ثم تحدث الحسنى مرتكبا مصيبة ارتكبها المتصوفة وايضا النصارى مع الاختلاف فقال:
"2) الخلق العظيم هو: الخلعة الصفاتية
ولقد ذهب زمرة من العارفين، إلى أن الخلق هاهنا المراد به الصفة، وفي تعظيم القرآن العظيم لها دلالة على أنها ليست صفات عادية، بل صفات عظيمة مقدسة، وما الصفات العظيمة إلا صفات الحق تعالى، والتي تحققت بها الحضرة المحمدية، ثم ظهرت بها في صورة بشرية
فكأن الآية تقول: سبحان الله العظيم ما هذه صفات بشرية، ولكنها صفات ربانية عظيمة، فتكون من قبيل (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) وما شاكلها "
الرجل هنا يجعل الحضرة المحمدية التى لا نعرف لها مسمى فى القرآن بهذا الاسم أصبحت تشبه الله وهو ما سماه أن صفات النبى(ص) البشرى اصبحت صفات الله وهو كلام من لا يعى ما يقوله فمحمد مخلوق والله هو الخالق وما محمد إلا عبد من عباد الله لا يشارك الله فى أى شىء كما قال تعالى " ليس كمثلة شىء"
ثم أكمل تخريفاته فقال :
"3) الخلق العظيم هو: المظهرية الذاتية
ولقد نحى الخواص ما هو أدق من ذلك، فقالوا في قوله تعالى بـ " على " إشارة إلى المقام الذاتي، فضلا عن المظهر الصفاتي، حيث أن " على " تفيد الإستعلاء
فيكون تأويل الآية: إنك علوت وتفوقت على رتبة التحققات الصفاتية، المعبر عنها بـ (خلق عظيم) إلى مستوى التحقق بالمظهرية الذاتية، الملغز لها بـ (على) ولا غرو من هذا فكلما دق المعنى دقت العبارة وهذا ما تدل عليه آية (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) حيث أن "السبع المثاني" هي الصفات السبع المعنوية، و"القرآن العظيم" هو التحقق الذاتي "
هنا التلاعب اللفظى الذى لا يوجد فى وحى الله وهو التحققات الصفاتية والمظهرية الذاتية فالرجل جعل محمدالعبد 0ص) يعلو فوق البشرية وهو كلام من لا يفقه قوله تعالى " قل إنما أنا بشر مثلكم" فمحمد(ص) ليس ‘إلا مخلوق كأى مخلوق بشرى
ثم أكمل الرجل خرافاته فقال :
"4) الخلق العظيم هو: القرآن الحكيم
وذهبت أم المؤمنين عليها الرضوان، إلى أن الخلق العظيم هذا هو القرآن العظيم، فلما سئلت كما في الصحيح، كيف كان خلقه (ص) قالت (كان خلقه القرآن)، وهو جواب ملغز دقيق، ولله درها من صديقة إبنت الصديق عليهما الرضوان وكأنها تقول: من كانت جبلته ذاتية، لا بد أن تكون أخلاقه قرآنية، ولهذا كانت كل أحواله وأفعاله وأقواله معصومة (ص)، كما قال تبارك (إن هو إلا وحي يوحى)
وهذا ما تعطيه دلالة القرآن، من معاني ربانية قدسية، وصفات نورانية روحانية، وأحوال غيبية كلية، وليس على حسب التشريع فحسب "
الخطا هنا هو أن كل أحواله وأفعاله وأقواله معصومة فهل يكذب الحسنى وينكر قوله تعالى " واستغفر لذنبك " وقوله "" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر"فمحمد(ص) ليس معصوما من عمل الذنوب وهى الخطايا أى ألخطاء فقد كان معصوما من أذى الناس كما قال تعالى :
"والله يعصمك من الناس"
ثم أكمل الرجل أكاذيبه على الله فقال :
"5) الخلق العظيم هو: الواسطة العظمى
ومنها أن الخلق العظيم هو: ما وسع الخلق أجمعين، وهذا ما يتضمنه معنى الواسطة العظمى، من سعة الإمدادات المحمدية للعالمين فما من ذرة في الكون إلا ووسعها إمداده (ص)، لكونه واسطة تأثيرات الأسماء والصفات بالكل في الكل، وكفى بهذا الخلق عظمة، حيث أن الإمداد يشمل كل صفات الإحسان، جمالا وجلالا وكمالا، غيبا وشهادة "
الدين الذى جاء لمنع الوساطة بين الله والناس فى قوله تعالى" والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" يعيده الحسنى للكفر فيجعل محمد(ص) واسطة إلى الله
المصيبة الأخرى أن محمد(ص) أصبح فجأة هو الله الذى يمد المخلوقات بكل شىء ألم تقرأ أيها الحسنى أنه كله من عند الله ومحمد(ص) عبد ابن عبد لا يملك أى شىء من أمر الدنيا كما قال تعالى على لسانه" "قل لا أقول لكم عندى خزائن الله"
ألم تقرأ أن الله هو الذى يعطى كل مخلوق كما قال "إنك انت الوهاب"
ثم أكمل الحسنى أساطيره فقال :
"6) الخلق العظيم هو: الرحمة للعالمين
ومنهم من رأى أن الخلق العظيم هذا، هو صفة الرحمة التي تحقق بها (ص)، حتى كان هو مظهرها بل عينها، بمقتضى قوله تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وقوله - جل جلاله - (بالمؤمنين رؤوف رحيم)، وقول الكامل (ص) (إنما أنا رحمة مهداة) ومعنى هذه العظمة في صفة الرحمة، أنها هي المهيمنة على تأثيرات باقي الصفات، لقوله - جل جلاله - (ورحمتي وسعت كل شيء) وقوله - جل جلاله - (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيما تدعوا فله الأسماء الحسنى) وقوله - جل جلاله - في الحديث القدسي (رحمتي سبقت غضبي)، وبتعظيمه - جل جلاله - لصفة الرحمة في نبيه (ص) تعظيم لكل صفاته"
الرجل هنا جعل صفات المخلوق هى الرحمة وحدها وكأن الرجل لم يقرأ قوله تعالى " "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار"
فمحمد(ص) هنا ليس رحيما بالكفار ومطلوب منه أن يغلظ عليهم كما قال تعالى "يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم"
فالرحمة ليست صفته وكذلك الغلظة وإنما هى استجابة منه لأوامر خالقه
ثم أكمل الحسمى أقواله فقال:
7") الخلق العظيم هو: أدبه الرفيع مع الرب - جل جلاله -
ومنهم من فقه أن الخلق العظيم، هو في تخلقه (ص) في بساط العبودية الخالصة، وهو المعروف عند القوم بالأدب مع الحضرة الإلهية
ولا شك أنه (ص) هو الإمام محراب العبودية على الإطلاق، وبه يهتدي ويقتدي المقربون قاطبة، وهو ما يمكن أن نوجه به قول الإمام الجنيد قدس سره: "لأنه (ص) لم يكن له همة في سوى الله تعالى"
وقول الإمام الحسن البصري قدس سره: "لأنك لم يؤثر فيك جفاء الخلق، مع مطالعة الحق، وهذا غاية في كمال أدبه (ص) "
عاد الرجل هنا للاعتراف بعبودية محمد(ص) لله بعد أن شبهه بالله فى عدة فقرات سابقة وهو تناقض واضح ثم قال مكملا تخاريفه:
8) الخلق العظيم هو: الفطرة النورانية
ومنها أن الآية تشير إلى قدسية الفطرة المحمدية، والتي هي كالخلفية المصدرية لسيرته وشمائله (ص)، حيث أن الخلق مشتق من الخلقة، أي السجية التي خلقت عليها، كمثل اشتقاق الأمية من الحالة التي ولدتك عليها أمك فيكون توجيه الآية: أنك لعلى فطرتك الربانية، المشار إليها بـ (أدبني ربي فأحسن تأديبي) وعلى خلقتك النورانية، المعبر عنها بـ (كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد)، ولم تغيرك الأغيار، ولم تعكر صفوك الآثار، بل ظهرت أخلاقك طبقا للأصل الذي كنت عليه سالفا "
التخريف هنا هو وجود فطرة ولد بها محمد(ص) وهو كلام ينافى مبدأ الأختيار فلو كان مولودا بها لكان مجبرا ولم يكن له فضل كما ان الفطرة وهى الدين أمر مكتسب ولا يولد به الإنسان لأن الكل يولدون وهم لا يعلمون أى شىء كما قال تعالى :
"والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
وقال مكملا تخاريفه :
9") الخلق العظيم هو: التنزل للورى ومنها أن الخلق العظيم، هو في تنزله وتواضعه (ص) إلى المستوى السفلي، مع عليه حقيقته النورانية من مجد ورفعة، ولكن الخلق لم يوفوه حق قدره، لأنهم جاهلون بمقداره العظيم، فتولى الحق سبحانه ذلك لأنه الأعلم بمكانته

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس