عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-04-2023, 04:47 PM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,992
إفتراضي

وقال الحسن البصري: "نزلت هذه الآية {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) في الغناء والمزامير".
وقال قتادة: "قوله {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ}، والله لعله لا ينفق فيه مالاً، ولكن شراؤه استجابة بحسْب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق، وما يضر على ما ينفع".
وقيل؛ أراد بقوله {يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} اشتراء المغنيات من الجواري ... ) اهـ.
قلتُ: هؤلاء مجموعة معتبرة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين يفهمون من الآية المذكورة حِرمة الغناء، دون أن يذكروا حتى نوع الغناء المحرم، مما يُبقي الحِرمة على إطلاقها إلا ما قيّده الدليل باستعمال الدفوف فقط للجاريات فقط، في الأعراس والأعياد فقط، وقال بعضهم وفي استقبال الغائب أيضاً.ما لم يكن ذلك الغناء سيئ العبارة شرعاً، وما لم تستعمل فيه المعازف الأخرى، فكيف بالغناء الخليع والشنيع الذي يُسميه القرضاوي: الغناء العاطفي؟"
وهذا الدليل ليس دليلا على حرمة الغناء حتى وإن نسب للصحابة تفسيرات ليس عليها دليل فلهو الحديث الذى يضل هو أى كلام باطل يدعو لأى باطل وليس للغناء المحرم وحده
فما يضل هو :
ما يقوله الكفار لبعضهم البعض من زخرف القول كما قال تعالى
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا"
والوحى المزخرف هو كلام الهوى وهو الباطل لكون الباطل جهل وليس علم كما قال تعالى :
"وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم"
وهو كل ما يبعد عن سبيل الله كما قال تعالى :
"إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد"
ومن ثم لا يمكن أن يكون تفسير لهو الحديث الغناء فقط مع كون الغناء فيه باطل وفيه حق
وتحدث مفسرا ما سماه الغناء العاطفى فقال :
"وأحب هنا أن أدفع ما يمكن أن يكون شبهة في كلام الشيخ يوسف، وهو أن يُقال: إن الشيخ يقصد بالغناء العاطفي، أغاني الأمداح النبوية، وأغاني المناسبات الأسروية وما شابه ذلك ...
والجواب: أن هذا غير مُراد من كلامه ألا ترى أنه ذكر الأغاني التي سماها الأسروية وأغاني الأعراس والجهاد، - بصرف النظر عن تحريمها من جهة طريقة أدائها، وطبيعة من يُؤديها، وما يُصاحبها من آلات محرمة - ثم أتبع ذلك النوع من الأغاني نوعاً آخر سماه الغناء العاطفي في قوله: (فيروز أحب سماعها في أغنية القدس وأغنية مكة، لكني لا أُتابعها في الأغنيات العاطفية، ليس لأنها حرام، وإنما لأنني مشغول).
فهو هنا ذكر المغنية النصرانية "فيروز"، وذكر أغانيها العاطفية في مقابل تسميته لأغانيها الأخرى حول القدس ومكة ثم نص على أنه لا يُتابعها بسبب أشغاله الكثيرة، لا لأنَّ تلك الأغاني العاطفية حرام. ولكن فقط لأنه مشغول، أما أغانيها عن المدينتين المقدستين مكة والقدس وأغاني عبد الوهاب وأم كلثوم وفايزة أحمد التي يتأثر بها جداً إلخ ... فله من الوقت ما يكفي. وهذا هو الاستحلال بالتمام والكمال "
وكما سبق القول طيب الكلام حلال سماعه وباطل الكلام محرم سماعه إلا للنقد وبيان ما فيه من أغلاط كما كان يفعل العلامة عبد الحميد كشك فالغناء هو قول والقول الحسن مطلوب كما قال تعالى :
" وقولوا للناس حسنا"
ونقل الفزازى عن القرطبى كلاما في الغناء فقال :
:ويسرني أن أنقل إلى الإخوة الكرام ما كتبه أحد أئمة التفسير في هذا الباب بطوله تقريباً، حيث أغنانا من البحث والاستقصاء. وهو الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن"، يقول في نفس الآية السابق ذكرها: {لهو الحديث}: (الغناء، في قول ابن مسعود وابن عباس وغيرهما. وهو ممنوع بالكتاب والسنة. والتقدير: من يشتري ذا لهو أو ذات لهو. مثل: {واسأل القرية}. أو يكون التقدير: لما كان إنما اشتراها يشتريها ويُبالغ في ثمنها كأنه اشتراها للهو. قلت: هذه إحدى الآيات الثلاث التي استدل بها العلماء على كراهة الغناء والمنع منه. والآية الثانية قوله تعالى: {وأنتم سامِدون}.
قال ابن عباس: "هو الغناء بالحميرية؛ اسمدي لنا؛ أي غني لنا". والآية الثالثة قوله تعالى: {واستفْزز منِ استطعت منهم بصوتك}.
قال مجاهد: "الغناء والمزامير". وقد مضى في "الإسراء" الكلام فيه ... وروى شُعبة وسفيان عن الحكم وحماد عن إبراهيم قال: قال عبد الله بن مسعود: "الغناء يُنْبِتُ النفاق في القلب". وقاله مُجاهد. وزاد: "إن لهو الحديث في الآية: الاستماع إلى الغناء وإلى مثله من الباطل".
وقال الحسن: "لهو الحديث: المعازف والغناء". وقال القاسم بن محمد: "الغناء باطل والباطل في النار". وقال ابن القاسم: "سألت مالكاً عنه؟ فقال: قال الله تعالى {فماذا بعد الحق إلا الضلال}؟. أفحق هو؟! " ... ).
إلى أن قال بعد ذكر أقوال أخرى: (القول الأول أولى ما قيل به في هذا الباب، للحديث المرفوع فيه، وقول الصحابة والتابعين فيه. وقد زاد الثعلبي والواحدي في حديث أبي أُمامة: "وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شيطانين، أحدهما على هذا المنكِب، والآخر على هذا المنكب. فلا يزالان يضربان بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت".
وروى الترمذي وغيره من حديث أنس وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صوتان ملعونان فاجران أنهى عنهما: صوت مزمار، ورنة شيطان عند نغمة ومرح، ورنة عند مصيبة لطم خدود وشق جيوب".
وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علّي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت بكسر المزامير"، خرّجه أبو طالب الغيلاني.
وخرج ابن بشران عن عِكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بعثت بهدم المزامير والطبل".
وروى الترمذي من حديث علّي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فعلت أمتي خمسَ عشرة خصلة حل بها البلاء"، فذكر منها: "إذا اتخذت القينات والمعازف".
وفي حديث أبي هريرة: "وظهرت القيان والمعازف".
وروى ابن المبارك عن مالك بن أنس عن محمد بن المنكدر عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جلس إلى قينة يسمع منها صُب في أذنه الآنك يوم القيامة".
وروى أسد بن موسى عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن محمد بن المنكدر قال: "بلغنا أن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين عبادي الذين كانوا ينزهون أنفسهم وأسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان؟ أحلوهم رياض المسك وأخبروهم أني قد أحللت عليهم رضواني". وروى ابن وهب عن مالك عن محمد بن المنكدر مثله. وزاد بعد قوله: "المسك": "ثم يقول للملائكة أسمعوهم حمدي وشكري وثنائي. وأخبروهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس