عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-07-2014, 10:38 AM   #4
اقبـال
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2009
المشاركات: 3,419
إفتراضي


8- كما ان علينا ان نتذكر اصل خطة التهجير العام للعراقيين كلهم وبدون اي استثناء فمنذ فرض الحصار عام 1990 لاحظنا بدأ الهجرة العراقية فقد ترك العراق الاف العراقيين واكثر بكثير من المهجرين المسيحيين الحاليين، وكان السبب ليس سياسيا وانما بحثا عن الرزق بعد غلق الحصار ابوابه في وجوههم، وكان واضحا وضوح الشمس بان امريكا تريد تفتيت العراق تطبيقا لخطة موضوعة وكان التهجير بعد عام 1991 هو البداية وعندما حصل الغزو نفذت خطط معروفة لتهجير ملايين العراقيين فجلبوا لنا بلاك ووتر وفيلق بدر والعصائب وعصابات الموساد التي فتكت بمئات الالاف من العراقيين وبلغ الامر حد ان عدد الجثث العراقية التي كانت ترمى في المزابل ومجاري المياه تتراوح بين 100 و300 جثة عراقية يوميا من مختلف الاديان والطوائف والقوميات.

وكان الهدف هو تغيير بنية العراق السكانية والقضاء على هوية العراق العربية الى الابد وقد اعترف ابراهيم الجعفري عندما كان رئيسا للوزراء بانه منح الجنسية العراقية لاكثر من مليونين ونصف المليون غير عراقي من اصل اربعة ملايين غير عراقي ادخلوا العراق بقرار امريكي وتنفيذ ايراني لتغيير هوية العراق، فالتهجير يضمن خروج العراقيين الاصلاء واستيطان الاجانب يملء الفراغ الذي يحصل، فهل نسينا هذه الحقيقة الان واصبحنا ننظر لتهجير المسيحيين وكأنه عمل منفصل عن ذلك المخطط؟

لذلك فعلى من يتحدث الان عن قضية فرعية تابعة للاصل ان يتذكر الاصل وهو تنفيذ خطة تغيير العراق سكانيا وما تهجير المسيحيين الا فرع منها هدفه الان اشعال صراع دموي بين الثوار في قضية مفتعلة من قبل اطراف هي نفسها التي غزت العراق ودمرته وابادت ثلاثة ملايين عراقي بعد الغزو فقط يضاف اليهم اكثر من ثلاثة ملايين اخرى قتلوا بين عامي 1991 و2003.



9 – ومما يعزز الاعتقاد بان تصعيد الحملة تحت غطاء الدفاع عن المسيحيين هو ما فعله من يمثل الامم المتحدة باصدار تصريحات ادانة تهجير المسيحيين فهذه المنظمة صمتت صمت الموتى على تهجير سبعة ملايين عراقي بل انها لم تبذل الجهود المطلوبة انسانيا لتسهيل قبولهم لاجئين فتركت الدول الاوربية تغلق ابوابها بوحوههم! في حين سهلت قبول المسيحيين العراقيين بسرعة وسهولة وكأن القضية هي تشجيع الهجرة المسيحية من العراق قبل تحرير نينوى بسنوات!!!

وانا اعرف شخصيا ان دولا في الاتحاد الاوربي اغلقت ابوابها بوجه العراقيين لكنها حالما تتدخل الكنيسة تفتح الابواب للمسيحيين وتسكنهم فورا بمجمعات سكنية ولا ترسلهم للمعسكرات الخاصة باللاجئين، ومن اراد التسميات ساسميها بدقة. فهل هذا التمييز الطائفي خطأ ام جزء من خطة هدفها شرذمة العراقيين وزرع الشقاق بينهم؟ وهل من يقوم بذلك حريص على المسيحيين ام عدوهم؟



10 – ولعل من اكثر الظواهر لفتا للنظر وتعميقا للشك بوجود خطة صهيوامريكية لتقسيم العراق وشق شعبه هي التعابير التي زاد استخدامها بطريقة لا تترك مجالا الا للتيقن بان هناك تأمرا على وحدة العراق فقد اخذنا نسمع تعابير مثل (الشعب المسيحي)! وهذا التعبير لم يستخدم الا بعد الاحتلال ومن قبل الجواسيس الذين جاء بهم الاحتلال من خارج العراق! فهل يمكن لوطني عراقي ان يستخدم تعابير صاغها الاحتلال ومخابراته لاغراض تقسيمية؟

ان تعبير الشعب المسيحي ليس غريبا فقط بل هو صهيونية جديدة فلم يستخدم اسم الدين لوصف معتنقية بالشعب الا الصهاينة الذين يريدون جعل اليهودية دين وقومية في ان واحد، ولذلك يستخدمون تعبير (الشعب اليهودي). اما المسيحيون في العالم فانهم لم يستخدموا المسيحية لوصف شعب لا في اوربا ولا في امريكا، فمن اين جاء اذن استخدام تسمية (الشعب المسيحي)؟ اليس استخدامها هو تعبير صريح عن وجود توجه لفصلهم عن الشعب العراقي واعتبارهم غرباء عنه؟ والجواب طبعا نعم وهذا الجواب يؤكد بان التسمية توظف لخدمة تقسيم العراق ولهذا فان السؤال الاخر يفرض نفسه وهو : هل يخدم المسيحي العراقي اطلاق وصف الشعب المسيحي عليه مع انه رمز للشوفينية؟



11 – وليس ممكنا اهمال اطروحة خطيرة جدا وفيها تزوير للتاريخ والواقع العراقي والعربي اخذ البعض يروجها بعد الاحتلال وهي ادعاء البعض (بان العرب دخلوا العراق قبل 1400 عاما بينما المسيحيون كانوا سكانه الاصليون)! هذه الاطروحة خاطئة تاريخية وواقعيا كما سنبين في مقال لاحق بعد ايام قليلة وانما نكتفي بالقول بانها جزء من عملية تزوير تاريخنا الذي قام به المستشرقون واغلبهم صهاينة وكتبوه وفقا للستراتيجات الصهيونية والغربية الاستعمارية، وسنكتفي الان بذكر بعض الحقائق التي تنسف هذه النظرية الاستشراقية الصهيونية فقد اثبت الباحث الدكتور احمد سوسة، وهو كان يهوديا عراقيا وتخرج من ارقى الجامعات الامريكية وتخصص بنظم الري ومن خلالها اكتشف حقائق في الارض ومنها ان العرب هاجروا من جنوب الجزيرة العربية الى الفرات الاوسط (سوريا) قبل 12 الف عام بعد انتهاء العصر الجليدي الاخير وبدا الجفاف وبعد استقرارهم بالفي عام نزل قسم منهم الى الفرات الجنوبي وهو العراق، اي قبل عشرة الاف عام، واقاموا الامبراطوريات والحضارات المعروفة. بينما توجه قسم اخر الى جنوب البحر المتوسط واستقر هناك في المغرب العربي ومن هناك عبرت موجات عربية الى اوربا وانتشرت في جنوب ووسط اوربا قبل اسلام بالاف السنين. وهذا ما اثبتته الخريطة الجينية التي اكدت بان شعوب جنوب ووسط اوربا يشكل الجنس العربي فيها ما بين 60 و80%. هذا التقرير نشرته البي بي سي البريطانية وليس من عندنا وهو اعتراف دقيق وعلمي بان العرب انتشروا في المغرب العربي وجنوب ووسط اوربا قبل الاسلام بالاف السنين.

كما انه معروف للجميع بان العرب الغساسنة والمناذرة كانوا في العراق والشام قبل الفتح الاسلامي للعراق، فالغساسنة هم سلالة عربية أسست مملكة في الشام ضمن حدود الإمبراطورية البيزنطية في فترة ما قبل الإسلام والمناذرة سلالة عربية اخرى حكمت العراق قبل الإسلام. واستنادا لذلك وغيره كثير ساتناوله في مقال قادم فان نظرية دخول العرب الى العراق قبل 1400 عام اي مع الفتح الاسلامي للعراق مجرد اكذوبة عنصرية صهيونية هدفها تمييع هوية العراق والتشكيك باصالة شعبه وعضوية روابطه.

ولعل من بين اهم الاسئلة السؤال التالي : هل يتجاهل اصحاب هذه النظرية الصهيونية بان الشعوب لا تقلع وتحل محلها شعوب والشعب العراقي الحالي هو نفسه ساكن هذه الارض منذ الاف السنين واعتنق الديانات المختلفة وبدلها ونعرف ان اقدمها هي الصابئية ثم جاءت اليهودية وبعدها المسيحية ثم الاسلام وفي كل تلك الحالات تغيرت الديانة ولم يتغير الشعب؟ هذه حقيقة وليست افتراضا.

لذلك نسأل لم تطرح هذه القضية الان ومع بدأ حملة تدعي الدفاع عن المسييحيين؟ هل يحتاج الدفاع عن المسيحييين لتعمد اهانة العرب بتعييرهم بانهم غرباء قدموا الى العراق قبل 1400 عاما؟ وهل يشجع ذلك على دعم قضية المسيحيين العراقيين ام انه يبعث الشكوك ويزرع اليقين بوجود هدف استعماري صهوني وراء الاثارة الغريبة لهذا الموضوع؟ هل هي صدفة ان تلتقي الصهيونية اليهودية مع الصهيونية المسيحية في ادعاء ملكية الارض والوطن وان العرب غرباء ومحتلين؟ كلا بالتاكيد فالعدو المشترك لم يترك مجالا وفكرة ونظرية واطروحة الا وسخرها لخدمة هدف تقسيم الاقطار العربية ونفي اصالة الوجود العربي.



12- في ضوء ما تقدم فان المهمة الاساسية للعراقيين الذين يريدون التخلص من كافة انواع الاضطهاد والتهجير هي ضمان انتصار الثورة وتجنب كل خطوة تسمح بشق صفوف الثوار، وعلينا ان نتذكر بان من يقف وراء تهجير المسحيين وكافة العراقيين هو نفسه من يشجع القتل والعصابات على ممارسة الارهاب والقتل للمسيحيين وغيرهم وهو نفسه من يضخم الموضوع ويجعله اكبر واهم من تحرير العراق.



نؤكد وبقوة بان اضطهاد المسيحيين جزء من اضطهاد شعب العراق وليست قضية منفصلة عنها وقضية اضطهاد الشعب العراقي جزء من ازمة العراق وليس كل الازمة العراقية لان الاحتلال وما اعقبه من تغييرات خطيرة ادت الى تهديد الوجود الوطني والهوية القومية للعراق، وتلك هي القضية الرئيسة التي تخضع لها كافة القضايا العراقية الاخرى في مرحلة تحرير العراق. فمن دون تحرير كل العراق لن يتخلص ابناء العراق من كافة القوميات والاديان والطوائف مما يتعرضون له من اضطهاد وتمييز طائفي وانتهاك للحرمات وتهجير ملاييني، الامر الذي يجعل حماية الثوار من الانشقاقات ونشوب صراعات بينهم الضمانة الاساسية لحماية الوجود الوطني العراقي ذاته.

اما من يريد فصل قضية المسيحيين عن قضية العراق العامة فهو واحد من ثلاثة : اما انه يفتقر للوعي المطلوب لمعرفة حقيقة ما يجري، او انه وقع صريع عواطف طائفية حادة، او انه ينفذ المخطط التقسيمي للعراق الذي وضعته امريكا واسرائيل وتنفذه ايران بالدرجة الاولى، فيتعمد القيام بتلك النشطات التي تضر بالعراق كله وتضر خصوصا بقضية الدفاع عن المسيحيين العراقيين. فلا حل لقضية تهجير المسيحيين الا بتحرير العراق والفصل لا يفضي الا الى اكمال تهجير كل المسيحيين.



23-7-2014

شبكة البصرة

الاربعاء 25 رمضان 1435 / 23 تموز 2014
اقبـال غير متصل   الرد مع إقتباس