عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-02-2023, 09:13 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,950
إفتراضي نظرات فى كتاب التسامح بين الفروسية الألمانية والفروسية العربية

نظرات فى كتاب التسامح بين الفروسية الألمانية والفروسية العربية
الكتاب هو كتاب تاريخى عن علاقة العرب بالألمان أو بالأحرى بين من يطلق عليهم المسلمون وبين النصارى الألمان خلال فترات الصراع الصليبى وقد بين المؤلف أن الألمان لم يشاركوا فى الحملات الصليبية مشاركة ذات بال والسبب هو العداوة بين الأباطرة أو القياصرة الألمان وبين الباباوات فقال:
" الحق أن ثمة استثناءات تخللت الصراع المسلح الذي حطم قرونا عديدة بين الغرب والشرق، أو بين النصرانية والإسلام، حيث التقى الفريقان، كل على دينه، لقاء غير الأعداء، ويحفل التاريخ في هذا الصدد بصنيع بعض الشخصيات الألمانية التي عانت وكابدت كي لا تنساق وراء الحماس المسعور الذي أججه دعاة الحروب الصليبية من الباباوات، فقد قابلت تلك الشخصيات نذر المبعوث البابوي المطالبة بحمل الصليب بالارتياب بل وبالرفض.
وحينما استقر عزم أولئك الألمان على شن الحرب الهجومية، فإن ذلك لم يصدر عن دوافع أو غايات دينية، وإنما صدروا في ذل في أغلب الأحوال عن مطامع سياسية عليا للإمبراطورية الألمانية، بعد أن خلعوا عليها رداء الكنيسة كأنها هي أهداف كنسية، ذرا للرماد في العيون، ناظرين في ذلك إلى علاقاتهم التي لم تسلم بحال من الصراع بين الكرسي البابوي والأباطرة الألمان من سلالة شتاوفر.
نتج عن ذلك أن الحروب الصليبية ظلت بالدرجة الأولى قضية غرب وجنوب أوروبا ... وهكذا وباستمرار دأب الباباوات آنذاك على التوسل بالحروب الصليبية سلاحا يشهرونه لإضعاف الأباطرة أو القياصرة وتحطيم سلطانهم، مؤكدين حقهم المقدس في حكم الممالك الألمانية مستثمرين الضرائب التي جبيت لشن الحروب الصليبية في صراعهم الشخصي ضد الأباطرة الألمان من سلالة شتاوفر العظام، بل إنهم دعوا من فوق منابر الكنيسة إلى شن حرب صليبية على الأباطرة الألمان والإمبراطورية الألمانية.
لا ريب إذن في أن القياصرة أو الأباطرة الألمان الذين قرروا الإسهام في الحروب الصليبية، إنما فعلوا ذلك عن إدراك ووعي تام مضاد كلية للإرادة البابوية، لكي ينتزعوا من يد البابا السلاح السياسي الذي شهره في وجوههم فيتولوا هم أنفسهم زمام الأمر دونه."
ومن هذه الفقرة يتبين أن مشاركة الألمان فى الحروب الصليبية كانت دون إرادتهم ولسبب مختلف وهو نزع السلاح السياسى من يد البابا
وتحدث الرجل عن الصداقة بين بعض ملوك الشرق ألأوسط وبين القياصرة الألمان فقال :
"لقد توشجت أواصر الصداقة وعراها بين ثلاثة من أولئك القياصرة الألمان وبين بعض السلاطين المسلمين، وذلك في مأمن من رياح التعصب الديني الذي دأب مؤججوه على إضرامه منذ ثلاثة أجيال خلت من قبل ... ولا بد لنا هنا أن نتساءل عن السر في بخل التاريخ بأنباء أولئك العظام وضنه بالإفاضة في ذكر الظروف غير المعتادة والملابسات التي عايشوها. اللهم إذا استثنينا منهم القيصر فريدريك الثاني؟! ...
ومن ذا الذي يدري حقيقة الوقائع العجيبة والأحداث الغريبة التي جرت من قبل بين جده القيصر فريدريك الأول وبين السلطان المسلم صلاح الدين الأيوبي، الذي يعرفه الغرب بإسم (سلادين)، فلقد سادت علاقات العاهلين الدبلوماسية روح الوئام والسلام، إبان زمن عصفت به حمى الحروب الصليبية والخصام، حتى إن التاريخ ليسجل عام 1173 ميلادية وصول وفد السلطان صلاح الدين إلى بلاط القيصر في آخن بألمانيا، قادما من القاهرة حاملا رسالته التي يطلب فيها يد ابنة القيصر لإبنه، على أن يتم تتويج ابن صلاح الدين هذا ملكا على النصارى!
فيا لذلك من عرض! ويا له من حلم للربط بين الشرق والغرب! لا غرو إذن أن يفكر القيصر في الأمر مليا، فاستبقى الوفد العربي في بلاطه ضيوفا نصف عام، وإبان ذلك هيأ لهم زيارة عديد من مدن مملكته، وبعد عام أرسل مبعوثه القيم على شئون الأديرة والكنائس (بوركهارد فون ستراسبرج) بهدية إلى السلطان بالقاهرة، كتلطف في الإعتذار.
على أن علاقات المودة بين العاهلين الكبيرين لم تتأثر بذلك مطلقا، بالرغم من تواتر الأنباء التي هزت كيان الغرب عام 1178 م، بالهزيمة النكراء للفرنجة في حطين - على مرتفعات الجولان – وفقدان الصليب المقدس واسترداد صلاح الدين لبيت المقدس، الأمر الذي أثار في الغرب عاصفة من الفزع والاستنكار والهلع.
وانطلاقا من صحة المقولة التي تزعم بحق أن الصورة المجسدة تؤلب في الوجدان ما يعجز عنه اللسان، عمد دعاة الحروب الصليبية إلى النفخ عبثا في جذوة الثأر الخامدة، فصوروا على الكرتون ونحوه صورا وأشكالا بشعة حاقدة، وقام الرهبان بحمل تلك التصاوير مطوفين بها في الشوارع والطرقات، وقد ارتدوا زكائب خشنة منسوجة من شعر المعز، إمعانا في إظهار فداحة الخطب، منادين بالويل والثبور وعظائم الأمور، فمن صورة فارس بربري يوطئ قبر المسيح سنابك فرسه، وقد راح يبول فوقه إمعانا في الامتهان، إلى صورة همجي لا يكف عن صفع المسيح وإدماء وجهه ... ثم يقوم حاملو تلك الصور الكرتونية (بتنوير) الممعن النظر في الصورة والذي يقشعر لما يرى، فيبين له أن ذلك الرجل الذي يرى صورته ليس سوى (محمد) الذي راح يصفع المسيح ويدمي وجهه حتى أجهز عليه قتلا.
ولقد مثل مبعوثو البابا ثلاث مرات بين يدي القيصر، كما مثلوا أيضا أمام مجلس البلاط المنعقد في ستراسبورج متوسلين بكل من حفل به سجل الخطباء من مفوهين، لكي يحملوا القيصر على قبول شارة الصليب من البابا لخوض حرب صليبية فأبى، وخاب المسعى.
ثم إنصرم عام تام، بعده اتخذ القيصر قرارا وحده بخوض الحرب، دون وصاية أو تكليف بابوي، وكان من قبل قد أرسل في 26 مايو 1188 مبعوثه النبيل هاينرش فون ديتس برسالة إلى السلطان صلاح الدين معربا فيها عن شكره إياه لتلقيه رسائله، وعن أسفه لاضطراره إلى خوض الحرب ضده إذا ما رفض صلاح الدين التنازل عن بيت المقدس وإطلاق سراح أسرى الحرب من الفرنجة.
ويكتب القيصر إلى السلطان في أول نوفمبر عام 1189 طالبا إليه النزال والمبارزة بينهما فحسب، انطلاقا من روح الفروسية – وحقنا للدماء – ولقد تجنب صلاح الدين الرد المباشر على صديقه الحق (المبجل فريدريك، ملك ألمانيا العظيم) مقترحا عليه أن يقوم بإطلاق سراح أسرى الفرنجة كافة، وضمان حرية إقامة الصلوات والقداس وبقية الشعائر الكنسية أبدا في كنيسة القيامة، بل وضمان حرية النصارى في الحج وزيارة قبر المسيح وسائر مقدسات النصارى، مقابل إعادة المحلتين الفرنجة لكافة القلاع والحصون التي في حوزتهم، الأمر الذي لم يكن في نطاق سلطة القيصر.
ولا أحد يدري اليوم القرار الذي اتخذه القيصر آنذاك، والذي ربما غير مسار الحروب الصليبية لو لم يبترد في المياه الثلجية لنهر السالب المنحدرة من الجبال جنوب الأناضول، فعاجلته المنية بالسكتة القلبية، وهكذا حال الموت دون نزال البطلين الصديقين اللذين ترأسا القوتين العظيمتين المتعاديتين حتى الموت.
بعد سنوات سبع، نرى القيصر هايزسن السادس، ابن القيصر الراحل، يقتفي خطوات أبيه، في عقد أواصر الصداقة بحملته السلمية دون إراقة دماء.
ولقد كان حفيد أولهما وابن ثانيهما: القيصر فريدريك الثاني الذي حقق بحملته الصليبية التي لم يرفع فيها سلاحا، ولم يهرق نقطة دم، أربعة أضعاف ما كان عرضه من قبل صلاح الدين، حيث كفلت المعاهدة التي عقدها مع السلطان الملك الكامل ابن أخ صلاح الدين، المساواة التامة بين المسلمين وغير المسلمين والاحترام المتبادل والحرية الكاملة لليهود والنصارى والمسلمين في إقامة شعائرهم الدينية في كافة أنحاء الأرض المقدسة كما شاءوا، ويزف القيصر البشر إلى جيشه بأن (المهمة قد كللت بالنجاح) ويعهد إلى (هرمان فون زالتسا) بنقل تلك البشرى بأنه أخيرا تحقق الهدف المنشود، الذي لم يستطع أحد تحقيقه منذ أمد بعيد، سواء النبلاء أو العظماء بما اجتمع لهم من حشود، عتاد وجنود، أو الوعد والوعيد."
ومن الحديث السابق يتبين أن الألمان بعدوا عن الحروب الصليبية من خلال رسائلهم مع سلاطين المنطقة وأنهم حصلوا بمعاهدات السلام على الذى لم يحصل عليه الصليبيون بالحروب
وفى الفقرة التالية يشرح المؤلف أن بسبب النصر السلمى الألمانى قام البابا بطرده من الكنيسة وأمر الجيوش بالاستيلاء على ممتلكاته مثل جزيرة صقلية وزاد البابا على ذلك أن خاطب سلطان الدولة الأيوبية طالبا منه ألا يفى بشرط اعطاء القبر المقدس للقيصر ولكن السلطان أرسل للقيصر برسالة البابا ليعرفه خيانته له ومن ثم زادت العداوة بين القيصر والبابا الذى أعلن صمت الكنائس وفى هذا قال :
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس