عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-08-2010, 05:58 PM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,964
إفتراضي الشيطنة والشياطين فى القرآن

الشيطنة والشياطين فى القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد :
هذا كتاب الشيطنة والشياطين فى القرآن .
ماهية الشيطنة :
هى البعد عن أى شىء ولكنها اكتسبت معنى البعد عن الخير أى البعد عن طاعة حكم الله ،يقال هذا شيطان ويعنون بالقول هذا بعيد عن الخير ويقولون تشيطن فلان ويريدون بذلك تباعد فلان عن الخير أى بألفاظ أخرى عصى فلان الله ومن ثم فالشيطنة هى عصيان الله أى البعد عن طاعة حكم الله فى الغالب لورودها بمعنى أخر غير عصيان الله وهو البعد عن الخير الممثل فى الصحة فى القرآن.
أنواع الشياطين :
الشياطين وهم البعداء عن الخير والمراد العصاة لحكم الله على نوعين :
1-شياطين وهم كفار الجن 2- شياطين وهم كفار الإنس وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن ".
والسبب فى كون الشياطين من هذين النوعين فقط هو أنهما النوعان المخيران بين الكفر والإسلام أى النوعان اللذان أعطيا حق الاختيار بين عبادة الله وعبادة غيره مع تحريم عبادة الغير عليهم وفى هذا قال تعالى بسورة الذاريات "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ".
المراد بكلمة الشيطان :
إن كلمة الشيطان تطلق على الكافر أيا كان نوعه ولكنها لها تحديدات فى القرآن هى
-الشهوة المحرمة كما بقوله بسورة المائدة "إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء ".
-الكتابى وجمعه أهل الكتاب الكفار وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا أمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم "فشياطينهم هم أهل الكتاب الكفار المنافقين الكبار الذين يصادقون الصغار منهم .
-الكافر كما بقوله بسورة المجادلة "إن حزب الشيطان هم الخاسرون ".
-المرض كما بقوله بسورة ص"إنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب "
لمن يوسوس الشيطان ؟
إن الشيطان وهو الشهوة يوسوس أى يأمر بالمنكرات كل من الجنة وهم الجن والناس وهم البشر وفى هذا قال تعالى بسورة الناس "الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس "إذا فهو لا يأمر سوى نوعين هما الجن والإنس .
مكان الوسوسة :
إن مكان الوسوسة أى الأمر بالفحشاء والمنكر هو صدور أى نفوس الناس والناس نوعين الجن والإنس وفى هذا قال تعالى بسورة الناس "الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس ".
بماذا يوسوس الشيطان ؟
إن الشيطان يوسوس أى يزين أى يأمر بالسوء أى السيئات وهى الفحشاء أى الذنوب وهى التقول على الله دون علم وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالا تعلمون "وقد فسر الله السوء أى الفحشاء بأنه المنكر وفى هذا قال تعالى بسورة النور "ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر "وقد سمى الله الأمر بالفحشاء الوعد بالفقر أى بالأذى وذلك فى قوله بسورة البقرة "الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ".
النهى عن إتباع الشيطان :
نهى الله الناس عن إتباع خطوات الشيطان أى طاعة أقوال أى تنفيذ وساوس الشهوة وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "و"يا أيها الذين أمنوا ادخلوا فى السلم ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "وقال بسورة النور "يا أيها الذين أمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان "والشهوة أنواع عدة هى النساء عند الرجال والرجال عند النساء وإنجاب البنين وكنز المال والطعام والشراب والسلطان والقوة وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث "والشهوات هى الشيطان الموجود فى نفس الإنسان بدليل أن الله بين لنا أن الخلف الكافر قد اتبعها وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ".
السبب فى النهى عن اتباع الشيطان :
لقد نهى الله الناس عن اتباع الشهوات وبين لهم سبب نهيه عن اتباع الشيطان وهو أن الشيطان عدو الإنسان وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "و"ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "كما قال بسورة يس "ألم أعهد إليكم يا بنى أدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين "وبالطبع العدو هدفه هو إلحاق الأذى بمن يعاديه والممثل فى دخول السعير أى النار وفى هذا قال تعالى بسورة العنكبوت "أن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ".
فعل الشيطان مع الإنسان :
إن تعامل الشيطان وهو القرين وهو الشهوات التى هى جزء من تكوين النفس الإنسانية يقوم على الأتى:
-تخويف الإنسان من عصيانه والمراد إذاعة الرعب فى نفس الإنسان من عصيان أمره وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافوهم إن كنتم مؤمنين ".
-الوعد وهو التمنية والمراد الترغيب فى المعصية وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ".
-الانساء وهو الترك والمراد أن ينسى الإنسان الحق وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين "وكل هذا يسمى أسماء عدة منها وسوسة ونزغ ومس واستفزاز وجلب ومشاركة وهذه التسميات كلها وسيلتها واحدة هى الدعوة مصداق لقول الشيطان بسورة إبراهيم "وما كان عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم "
السلطان والشيطان :
إن الشيطان أى القرين أى الشهوات ليس لها سلطان أى قوة تجبر الذين أمنوا على تنفيذ الوساوس وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "إنه ليس له سلطان على الذين أمنوا وعلى ربهم يتوكلون "وقال بسورة الحجر "إن عبادى ليس لك عليهم سلطان "إذا لا سلطان للشيطان على المسلمين وأما الكفار وهم الذين يتولونه أى ينصرونه أى يشركونه فإن له سلطان أى قوة عليهم هم من أعطوها له ووافقوا عليها بإرادتهم وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون "وهم الغاوين وفى هذا قال تعالى بسورة الحجر "إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين".
ماهية سلطان الشيطان :
إن سلطان الشيطان وهو الشهوة يتمثل فى دعوته أى قوله والمراد حكمه الذى يوسوس به للإنسان ونتيجة هذا السلطان أى الأمر هى استجابة الإنسان له وفى هذا قال تعالى بسورة إبراهيم "وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى ".
إلى من يأتى الشيطان ؟
إن الشيطان أى القرين أى الشهوة تتنزل أى تأتى والمراد أن الشيطان يوسوس لكل أفاك أثيم والمراد كل كاذب مذنب وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم "وقد سمى الله التنزل إرسال فهو يرسل الشياطين أى قرناء السوء إلى الكفار لتؤزهم أزا أى لتغويهم إغواء أى لتضلهم الإضلال الكامل وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "ألم تر إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ".
الشياطين والرسل (ص):
إن للشيطان وهو الكافر كان له مع كل رسول موقف هو الإلقاء فى أمنية الرسول والمراد التحريف فى قول النبى والله سبحانه ينسخ أى يمحو ما يلقى أى ما يقول الشيطان والمراد أن الله يمحو التحريف الذى يقوله الكافر وبعد ذلك يحكم أى يثبت الله آياته وفى هذا قال تعالى بسورة الحج "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته "وتحريف الشيطان أى قول الكافر المحرف للوحى يجعله الله فتنة للذين فى قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم والمراد أن الله يجعل التحريف اختبار للكفار والمنافقين يسقطون فيه وفى هذا قال بسورة الحج "ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين فى قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم ".
القرين هو الشيطان :
القرين هو الشيطان وهو الكافر وقد بين الله لنا أن من يكن الشيطان له قرينا أى صاحبا فإنه هو القرين السوء أى الصاحب المؤذى وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا "وفى الأخرة يتم حشر كل من الذين ظلموا وزوجاتهم وما كانوا يعبدون وهم الذين كانوا يطيعون فى الدنيا أى قرناء السوء إلى النار وفى هذا قال تعالى بسورة الصافات "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم "وقد دار حوار بين الكفار والقرناء فى النار جاء فيه قال الكفار إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين أى إنكم كنتم تضلونا بالقوة رد القرناء فقالوا بل لم تكونوا مؤمنين بوحى الله ثم قالوا وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين أى ظالمين فصدق علينا قول إلهنا إنا لذائقون أى إنا لداخلون النار فما كان منا إلا أن أغويناكم إنا كنا غاوين وفى هذا قال تعالى بسورة الصافات "وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون فأغويناكم إنا كنا غاوين "وأما المسلمون فى الجنة فإنهم يقبلون على بعضهم ويتساءلون أيضا فيقول أحدهم :إنى كان لى قرين أى شيطان أى صاحب كافر يقول :هل أنت من المصدقين بأننا إذا متنا وكنا ترابا وعظاما هل إنا عائدون عند ذلك يقال للكل هل أنتم مطلعون ؟أى هل أنتم مشاهدون للقرين ؟عند ذلك يطلب الكل أن يشاهد كل واحد منهم قرينه فيطلع أى فيصعد فيراه وهو فى النار فيقول له تالله إن كدت لتدخلنى النار ولولا نعمة ربى لكنت من المعذبين وفى هذا قال تعالى بسورة الصافات "فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إنى كان لى قرين يقول أإنك لمن المصدقين أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون قال هل أنتم مطلعون فاطلع فرآه فى سواء الجحيم قال تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربى لكنت من المحضرين "وقد بين الله لنا أن الذى يعش أى يعمى عن ذكر الرحمن والمراد أن الذى يترك طاعة الله يقيض له الله والمراد يجعل له الله شيطان يكون له قرين أى صاحب هو الكافر أى الشهوات وفى هذا قال تعالى بسورة الزخرف "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ".
الواجب عند نزغ الشيطان :
إن الشيطان وهو القرين يقوم بالنزغ وهو الوسوسة للإنسان عند ذلك يجب على المسلم أن يستعيذ بالله أى أن يحتمى بطاعة حكم الله من العذاب وفى هذا قال تعالى بسورتى فصلت والأعراف "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ".
شيطان الأبوين :
أن الشيطان وهو قرين السوء أى الشهوات فى نفس كل من آدم (ص) وزوجته وسوست لهما كى تكشف لهما ما خفى من عوراتهما وقد قامت الشهوات بتحسين الأكل للأبوين بأن ذكرت لهما أن سبب النهى هو أن يكونا ملكين أو أن يكونا خالدين وزادت على ذلك القسم وهو الحلف على أنها لهما ناصحة وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "فوسوس لهما الشيطان ليبدى لهما ما ورى عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إنى لكما من الناصحين " وبالطبع الشيطان المراد القرين السوء الموجود داخل الإنسان وهو جزء منه ولذا فإن
آدم (ص)هو الذى غوى أى عصى الله ولذا قال تعالى بسورة طه "وعصى آدم ربه فغوى".

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس