عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 07-12-2009, 05:22 PM   #5
إيناس
مشرفة بوح الخاطر
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2008
المشاركات: 3,262
إفتراضي

مرثية رئبال




في موجة من أعاصير الشتاء ِ
أوغل الموت قسياً في المساءِ
في غابة قد تهاوت طيورهاِ
وتردت من عُلَيّا السماءِ
حيرانة واجمة تحكي شجونها
وتعد كم فقدت من الأبناءِ
ها هنا حيث كانت بجانبي
واحدة من حسان الظباء ِ
وهنا يوماً قد كان يرتوي
قطعان الأغنام عذب مائي
وهنا يوم يكسوني الدجا
تختفي الأفراخ تحت ردائي
وإذا جائني الصائد مبْكراً
فيضل حيراناً على أرجائي
وهنا حيث كانت وردة
تشبعني من عطرها الفيحاءِ
وهنا حيث كانت منازل ٌ
تتابهى بالطائر الغناءِ
وهنا الأمطار حين تنزل أنتشي
وأتيه شاكرة على النعماء ِ
وهنا اليوم لم يكفكف مدامعي
وإن سيقت لي أنجم الجوزاء ِ
...وهنا كان في ساحتي رئبالُ
يتغنى الخلق ببأسه تضرب الأمثالُ
ويسير تطاوعه الأرض وترهبه الجبالُ
وتفانى في ذكره وتفنن الأجيالُ
يتبدى ظله في طيف الكرى
فتلُجلج في الفم الأقوالُ
وحكى الشعراء عن آثاره
وازينت في نعته الأمثالُ
وانتهاء الآمال عند رضائه ِ
فاشرأبّت لنيله الآمالُ
وله الكل انحناء يمينهم والشمالُ
وله الحكم انفراد هدنة أو قتالُ
متفرد في غابه ليس له مثالُ
***
مستئنّ ما تحرك العواصف شعره
ولا يغمض عينه الإعصارُ
مستجمع لا تثني الحوادث ظهره
ولا تُعوقُ سيره الأحجارُ
كبرياء من المجد يكسو وجههُ
يتهاوى في سيره الأقوياءُ
ناطقات الهوينى عن فخره
يتبدى في عِطفه الخيلاءُ
شامخ الأطراف لا يخشى الردى
ولا الغور السحيق الداجي
وعلى ربوة قد تداعت حروفها
وانطفأ السنا بالسراج ِ
أعزل من صوته لليل اقتتالُ
وله القنا ساعيات والنصالُ
عظيم وما ترضى البقايا نفسه
ولا الدنا من أمره والقليلا
أَنُوف إذا ما تهاوت حوله
عزمات أو ضلت سبيلا
وحيداً وما يخشى تخالط غيره
كيما يصير بالعوام مثيلا
وله ما شاء افتراس وإنما
يعفو مستحكماً واقتدارا
تأنف الذل والدنايا روحه
ويعاف الخنا والصَّغارا
وله في الصمت الوقار الأهيب ُ
وارتعدت من ذكره الفرائصُ
وتيجان المعالي تزيّنُ رأسه
وانزاحت عن مجده النقائصُ
بادي النواجذ لا ابتسام وإنما
متأهب ثغره لافتراس
وما تجترئ الأعادي قربه
راقداً في غفوة أو نعاس
***
ها هنا ..
كان في ساحتي رئبالُ
واغتدى الإعصار ينشر رعبه في الخلائق ِ
وتهاوى من كانوا في متون الزوارقِ
وتبعثر كل الخلق لشتى الطرائق ِ
وتعود إلى وكرها أطيار المساء ِ
وتفر إلى الكهف شاردات الظباء ِ
وتوارت وريقات الزهر في نبع ماءِ
...ورئبالي ساكن لا تحركه العواصفُ
تحسده الأجبال إذ هو واقفُ
***
قهقهي يا رعود كما شئت وأمطري يا غيومُ
وأظلمي يا سماء عليّ واختفي يا نجومُ
وتوغل أيها الإعصار والريح السمومُ
فأنا في ربوتي ماكث ومقيمُ
فما يثبت واهن في خطوب ٍ..
وما يخشى الصعاب َ عظيمُ
تفخر الربوة الشماء أن مسها قدمايا
وأنا في قلبها لا مختف ٍ في الزوايا
لا في الجبال ولا الكهف أبتغى الاحتماءا
وبدونك يا نجم أنا نلت العلاءا
***
وعلى واحدة من شم الروابي
وانقشعت شعواء الريح وذرات التراب ِ
..وتعود الروح بعد اكتئابات الغياب ِ
...حيث الرئبال وحيداً شامخ الكبرياء ِ
مرتفع النظر وعيناه لأعنان السماءِ
....ها أنذا يا ريح تسمعين زئيري
وأطبق جفنيه إلى حتم المصير
***


المشرقي الإسلامي
27/09/2005
__________________

Just me

إيناس غير متصل   الرد مع إقتباس