عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-12-2006, 09:51 PM   #54
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي




الإمام أبو حنيفة النعمان .. الإمام الأعظم










الإمام أبو حنيفة النعمان .. الإمام الأعظم

------------------------------------------------------

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواتى فى الله سأحاول أنا اعرض عليكم تاريخ حياة بعض كبار شيوخ وأئمة الأسلام العظماء

الإمام أبو حنيفة النعمان .. الإمام الأعظم

ولد أبو حنيفة النعمان بالكوفة سنة 80هـ من أسرة فارسية، وسمي النعمان تيمنا بأحد ملوك الفرس...

من أجل ذلك كبر على المتعصبين العرب أن يبرز فيهم فقيه غير عربي الأصل.. حاول بعض محبيه أن يفتعل له نسبا عربيا.. ولكنه كان لا يحفل بهذا كله فقد كان يعرف أن الإسلام قد سوى بين الجميع، وأن الرسول (صلى الله عليه) احتضن سلمان الفارسي وبلالا الحبشي، وكانا من خيرة الصحابة حتى لقد كان الرسول يقول «سلمان منا أهل البيت» وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول عن بلال: «سيدنا بلال».



ولقد شهد أبو حنيفة في طفولته فظائع الحجاج والي العراق وبطشه بكل من يعارض الأمويين حتى الفقهاء الأجلاء، فدخل في نفسه منذ صباه عزوف عن الأمويين واستنكار لاستبدادهم، ورفض للطغيان.. ثم إنه ورث عن أبيه وأمه حبا لآل البيت فما كان في ذلك العصر رجال ينبذون التفرقة بين المسلمين العرب وغير العرب إلا آل البيت.



وقد تمكن حب آل البيت من قلبه عندما تعرف على أئمتهم وتلقى عنهم، وعندما عاين أشكال الاضطهاد التي يكابدونها في كل نهار وليل!... حتى لقد شاهد الإمام الصادق واقفا يستمع إليه وهو يفتي في المدينة فوقف قائلا: «يا ابن رسول الله، لا يراني الله جالسا وأنت واقف».



وكان أبوه تاجرا كبيرا فعمل معه وهو صبي، وأخذ يختلف الى السوق ويحاور التجار الكبار ليتعلم أصول التجارة وأسرارها، حتى لفت نظر أحد الفقهاء فنصحه أن يختلف الى العلماء فقال أبو حنيفة: «إني قليل الاختلاف إليهم» فقال له الفقيه الكبير: «عليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء فإني أرى فيك يقظة وفطنة».

ومنذ ذلك اليوم وهب الفتى نفسه للعلم، واتصل بالعلماء ولم تنقطع تلك الصلة حتى آخر يوم في حياته.. ولكم عانى وعانى منه الآخرون في هذا الميدان الجديد الذي استنفر كل مواهبه وذكائه وبراعته!!





وانطلق الفتى الأسمر الطويل النحيل بحلة فاخرة، يسبقه عطره، ويدفعه الظمأ الى المعرفة، يرتاد حلقات العلماء في مسجد الكوفة.. وكان بعضها يتدارس أصول العقائد (علم الكلام)، وبعضها للأحاديث النبوية; وبعضها للفقه وأكثرها للقرآن الكريم.



ثم مضى ينشد العلم في حلقات البصرة.

وبهرته حلقة علماء الكلام، لما كان يثور فيها من جدل مستعر يرضي فتونه.

ولزم أهل الكلام زمنا ثم عدل عنهم الى الحلقات الأخرى.. فقد اكتشف عندما نضج أن السلف كانوا أعلم بأصول العقائد ولم يجادلوا فيها، فلا خير في هذا الجدل. ومن الخير أن يهتم بالتفقه في القرآن الكريم والحديث.

وانتهت به رحلاته بين البصرة والكوفة الى العودة الى موطنه بالكوفة، وإلى الاستقرار في حلقات الفقه، لمواجهة الأقضية الحديثة التي استحدثت في عصره، ولدراسة طرائق استنباط الأحكام.



وكان أبوه قد مات، وترك له بالكوفة متجرا كبيرا للحرير يدر عليه ربحا ضخما، فرأى أبو حنيفة أن يشرك معه تاجرا آخر، ليكون لديه من الوقت ما يكفي لطلب العلم وللتفقه في الدين ولإعمال الفكر في استنباط الأحكام...

ودرس على عدة شيوخ في مسجد الكوفة ثم استقر عند شيخ واحد فلزمه.. حتى إذا ما ألم بالشيخ ما جعله يغيب عن الكوفة، نصب أبا حنيفة شيخا على الحلقة حتى يعود.. وكانت نفس أبي حنيفة تنازعه أن يستقل هو بحلقة، ولكنه عندما جلس مكان أستاذه سئل في مسائل لم تعرض له من قبل، فأجاب عليها وكانت ستين مسألة.

وعندما عاد شيخه عرض عليه الإجابات، فوافقه على أربعين، وخالفه في عشرين.. فأقسم أبو حنيفة ألا يفارق شيخه حتى يموت.



ومات الشيخ وأبو حنيفة في الأربعين، فأصبح أبو حنيفة شيخا للحلقة، وكان دارس علماء آخرين في رحلات الى البصرة وإلى مكة والمدينة خلال الحج والزيارة،. وأفاد من علمهم، وبادلهم الرأي، ونشأت بينه وبين بعضهم مودات، كما انفجرت خصومات.



ووزع وقته بين التجارة والعلم.. وأفادته التجارة في الفقه، ووضع أصول التعامل التجاري على أساس وطيد من الدين..

كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه هو مثله الأعلى في التجارة: حسن التعامل، والتقوى، والربح المعقول الذي يدفع شبهة الربا..

جاءته امرأة تبيع له ثوبا من الحرير وطلبت ثمنا له مائة.. وعندما فحص الثوب قال لها «هو خير من ذلك». فزادت مائة.. ثم زادت حتى طلبت أربعمائة، فقال لها: «هو خير من ذلك». فقالت: أتهزأ بي؟، فقال لها: «هاتي رجلا يقومه» فجاءت برجل فقومه بخمسمائة..

وأرادت امرأة أخرى أن تشتري منه ثوبا فقال: «خذيه بأربعة دراهم» فقالت له: «لا تسخر مني وأنا عجوز» فقال لها: «إني اشتريت ثوبين فبعته أحدهما برأس المال إلا أربعة دراهم، فبقي هذا الثوب على أربعة دراهم».

وذهب الى حلقة العلم يوما، وترك شريكه في المتجر، وأعلمه أن ثوبا معينا من الحرير به عيب خفي، وأن عليه أن يوضح العيب لمن يشتريه.



أما الشريك فباع الثوب دون أن يوضح العيب!..

وظل ابو حنيفة يبحث عن المشتري ليدله على العيب، ويرد إليه بعض الثمن، ولكنه لم يجده، فتصدق بثمن الثوب كله، وانفصل عن شريكه..

بهذا الحرج كان يتعامل في تجارته مع الناس، وفي فهمه للنصوص، وفي استنباطه للقواعد والأحكام..

وعلى الرغم من أنه كان يكسب أرباحا طائلة، فقد كان لا يكنز المال.. فهو ينفق أمواله على الفقراء من أصدقائه وتلاميذه.



يحتفظ بما يكفيه لنفقة عام ويوزع الباقي على الفقراء والمعسرين.. فإذا عرف أن أحدا في ضيق، أسرع إليه، وألقى إليه بصرة على بابه، ونبهه الى أنه وضع على بابه شيئا، ويسرع قبل أن يفتح صاحب الحاجة الصرة..

وكان على ورعه وتقواه واسع الأفق مع المخطئين.. كان له جار يسكر في الليل ويرفع عقيرته بالغناء:






آخر تعديل بواسطة محمد العاني ، 20-12-2006 الساعة 10:38 AM.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس