عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-03-2023, 08:12 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,998
إفتراضي

فما جرى فى المساجد فى الروايات والواقع هو مخالفة لحكم الله فالمساجد ليست للتدريس والتربية وإنما هى للصلاة ومن يدخلها مؤمنون أى رجال بالغون عاقلون كما قال تعالى :
"فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله"
ثم تحدث عن مسئولية المدرسة التربوية فقال :
"[د] مسؤولية المدرسة:
المدرسة هي تلك المؤسسة التربوية التي يقوم المجتمع بإنشائها لتربية أبنائه وتنشئتهم وفقا لقيم المجتمع وتقاليده وعاداته, وعلى ذلك فالمدرسة مسؤولة عن تزويد المجتمع بصورة مستمرة بأفراد متمسكين بالمبادئ الإسلامية ولديهم القدرة على توجيه المجتمع في الاتجاه السليم وتصحيح الجوانب السلبية في ذلك المجتمع .
ولتحقيق ذلك فإن المدرسة يجب أن تكون صورة مصغرة لما يجب أن يكون عليه المجتمع المسلم, فمدير المدرسة ووكليها ومدرسوها, يجب أن يكونوا بمثابة القدوة الحسنة التي يقتدي بها الطلاب في سلوكياتهم, ومناهج المدرسة يجب ألا تتضمن إلا ما من شأنه تكوين الفرد المسلم وإعداد الإنسان الصالح, والأنشطة المدرسية يجب أن يكون لها أهداف محددة ومرغوبة من الناحية الإسلامية, وهكذا فإن المدرسة تتحول كلها إلى خلية تسعى نحو تكوين تلك الشخصية المسلمة التي يتمثل فيها الإسلام قولا وعملا.
فالمدرسة ـ إذن ـ هي تلك البيئة التي ائتمنها المجتمع على أبنائه, وأودعها إياهم لتنشأتهم على تلك المبادئ التي اعتنقها ذلك المجتمع وارتضاها لنفسه. ومن هنا يجب أن ينظر كل مسؤول في المدرسة إلى نفسه على أنه راع وأنه مسؤول عن رعيته, فهؤلاء الأطفال الذين بين أيديهم هم لبنات ذلك المجتمع، وهم النبت الذي يجب أن تتولاه المدرسة بالعناية والرعاية، وهم قبل ذلك عجينة يمكن تشكيلها وصبغها بالصبغة التي تريدها المدرسة, ومن ثم فإن مسؤولية المدرسة أن ترعى الله في هؤلاء الناشئين وفي المجتمع الذي أودعهم في تلك المدرسة لتنشئتهم على مبادئ الإسلام وتعاليمه "
المدرسة هى المربى الذى أوكل له تربية الأطفال من قبل ألاباء والأمهات فى سن معينة تمثل فترة الصغر وكل من يعمل بها مسئول عن التربية
وتحدث عن مسئولية المعلم فقال :
"[هـ] مسؤولية المربي (المعلم):
للمعلم في الإسلام منزلة كبيرة تقترب من منزلة الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه, فهو بمثابة الأب الروحي للمتعلم, فهو الذي يقوم بتغذية الروح بالعلم، وتهذيب النفوس بالأخلاق، وتقويمها. ولذا فإن رسول الله - يخبرنا بأن مداد العلماء يساوي دماء الشهداء، فالعالم العامل خير من المتعبد الجاهل الذي يصوم النهار ويقوم الليل، وقد وصف الغزالي منزلة العلم والعلماء في قوله: "فمن علم وعمل بما علم فهو الذي يدعي عظيما في ملكوت السماء, فكأنه كالشمس تضئ لغيرها وهي مضيئة في نفسها، وكالمسك الذي يطيب عبيره وهو طيب, ومن اشتغل بالتعليم فقد تقلد أمرا عظيما وخطرا جسيما, فليحفظ آدابه ووظائفه .
وقد وصف أبو الدرداء المعلم والمتعلم بأنهما شريكان في الخير, ولا خير فيما عداهما .
ولكن يقابل تلك المنزلة الكبيرة التي يحظى بها المعلم في المجتمع الإسلامي مسؤوليات يفرضها عليه المجتمع وقد حدد الإمام الغزالي عددا منها نجمله فيما يلي:
أولا: أن يشفق على المتعلمين ويجريهم مجرى أبنائه، ولا يدخر وسعا في نصحهم وإرشادهم، وأن يزجرهم عن سوء الأخلاق بطريق التعريض ما أمكن ذلك لا بطريق التصريح، وبطريق الرحمة لا بطريق التوبيخ.
ثانيا: أن يراعي مستوى الأطفال من الناحية العقلية, ويخاطبهم على قدر عقولهم، ولا يلقي إليهم أشياء فوق مستوى إدراكهم، حتى لا ينفروا من التعليم ويتخبطوا فيما يفهمونه، ـ وهذا خير مبدأ في التربية الحديثة ـ وألا يقبح في نفوس المتعلمين علوم غيره، وهذا يعني أن المعلم عليه ألا يتعصب لمادته.
ثالثا: ينبغي أن يراعي مستوى الضعفاء من المتعلمين واختيار المادة السهلة الواضحة التي تناسبهم، ويجب ألا يشعرهم بأنهم ضعفاء أو أغبياء حتى لا يؤثر في نفوسهم تأثيرا سيئا.
رابعا: أن يعمل المعلم بعلمه فلا يكذب قوله فعله ، قال تعالى: {كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} ."
وحديث الدابى عن دور المعلم كلام صحيح وعاد الرجل مرة أخرى للحديث عن مسئولية المتعلم فقال :
"[و] مسؤولية المتعلم:
لطالب العلم منزلة كبيرة في العملية التعليمية بشكل عام وفي التربية الإسلامية بصفة خاصة، فالتربية تتوجه لإعداده إعدادا كاملا شاملا ليكون مؤهلا لحمل الأمانة ـ وهي خلافة الله في الأرض عمارة وعبادة ـ وهو يتسلمها من الجيل السابق ليقوم بتسليمها إلى الجيل اللاحق, وتأهيله يقتضي العناية به ورعايته حتى يكون سليم الإعداد حسن البناء, وطالب العلم أو المتعلم في التربية الإسلامية ينبغي أن يتحلى بصفات معينة جمعها الله عز وجل في قوله تعالى: { ... واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم}
فالله سبحانه وتعالى يأمر بالتقوى، وهي التحلي بكل فضيلة، واجتناب كل رذيلة، والخوف من الله في السر والعلانية، وسلامة الروح والجسد، والبعد عن الشهوات والمفاسد، حتى يعلمه الله ويمنحه نورا ربانيا يمشي به بين الناس ويلهمه العلم والمعرفة ونور البصيرة ."
وكما سبق القول فالمتعلم الصغير ليس مسئولا عنه نفسه وإنما هو يعلمه الآخرون المسئولية بالتدريج حتى يعقل وساعتها يكون مسئولا مسئولية كاملة
ونقل الدابى عن الغزالى صفات طالب العلم فقال :
"وقد حدد الإمام الغزالي الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم أو المتعلم وفيما يلي إيجاز لتلك الصفات :
[1] ينبغي لطالب العلم أو المتعلم التحلي بمكارم الأخلاق, كما عليه الابتعاد عن سيئ الأخلاق مثل: الغضب، والشهوة، والحقد، والحسد، والكبر، والعجب. كل هذه ظلمات تحجب نور العلم، وليس العلم كثرة الرواية وما تعيه الحافظة، وإنما هو نور البصيرة, بما تميز به بين الحق والباطل، والضار والنافع، والخير والشر، والهدى والضلال .
[2] يجب أن يقلل طالب العلم من شواغله وما يصرفه عن ... التحصيل، وأن يكرس الوقت للعلم، إذ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه, وهذا يعني التفرغ لطلب العلم لأن العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كل وقتك وتفكيرك.
[3] ألا يتكبر المتعلم على المعلم ولا يتآمر عليه، بل يذعن لنصيحته إذعان المريض للطبيب المشفق الحاذق، وينبغي أن يتواضع لمعلمه ويطلب ثواب الشرف بخدمته , فقد ورد أن زيد بن ثابت - صلى على جنازة، فقربت إليه بغلة ليركبها, فجاء ابن عباس فأخذ بركابه فقال زيد: خل عنه يا ابن عم رسول الله - , فقال ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء والكبراء. فقبل زيد ابن ثابت يده، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا - .
فلا ينبغي لطالب العلم أن يتكبر على المعلم، فيجب أن تكون الصلة حسنة بين المعلم والمتعلم, والحكمة ضالة المؤمن يغتنمها حيث يظفر بها, ولا ينال العلم إلا بالتواضع والانتباه وإلقاء السمع قال تعالى: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} .
هذا يعني أن يكون المتعلم قابلا للعلم ذو فهم وبصر، ومع ذلك فربما لا تعينه القدرة على الفهم حتى يلقى السمع وهو شهيد، بمعنى أن يكون حاضر القلب يستقبل كل ما ألقي إليه بحسن الإصغاء، والضراعة، والشكر، وانشراح الصدر, قال علي ـ كرم الله وجهه ـ: "من حق العالم ألا تكثر عليه بالسؤال، ولا تعنته في الجواب, ولا تلح عليه إذا كسل, ولا تأخذ بثوبه إذا نهض, ولا تفشين له سرا، ولا تغتابن أحدا عنده, ولا تطلبن عثرته, وإن زل قبلت معذرته، وعليك أن توقره وتعظمه لله تعالى, ما دام يحفظ أمر الله تعالى".
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس