عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-05-2022, 07:45 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,989
إفتراضي

ويجمع جمهرة علماء المسلمين على جواز وقوع النسخ الجزئي في القرآن الكريم، بل يقرون بنسخ بعضه مستدلين بما يلي:
أولا: قوله تعالى:"ما ننسخ من آية او ننسها بخير منها أو مثلها"
ثانيا: قوله تعالى:"يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب"
ثالثا: قوله تعالى:"وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل"
رابعا: قوله تعالى:"فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم" ووجه الدلالة فيها أنها تفيد تحريم ما أحل من قبل وما ذلك إلا نسخ، وكلمة "أحلت لهم" يفهم منها أن الحكم الأول كان حكما شرعيا لا براءة أصلية.
خامسا: أن سلف الأمة أجمعوا على أن النسخ وقع في الشريعة الإسلامية، كما وقع بها.
سادسا: أن في القرآن آيات كثيرة نسخت أحكامها" "
ومما سبق يتبين وقوع النسخ في القرآن وهو نسخ بمعنى أن الحياة في مجتمع الكفار كالمرحلة المكية تحتاج لأحكام غير أحكام الحياة في مجتمع مسلم كالمرحلة المدنية ومن ثم فبعض تلك الأحكام في مرحلة الحياة في مجتمع كفر يتم الغاء طاعتها ويتم تنفيذ طاعة أحكام الحياة في المجتمع المسلم وما صلح للطاعة من أحكام المجتمع الكافر
ولكن في حالة ضياع دولة المسلمين والعودة للحياة في مجتمع كافر يتم العودة لأحكام مرحلة الحياة في مجتمع كافر وتبغى أحكام الحياة في مجتمع مسلم
ومن ثم فالأحكام دائرة حسب كيفية حياة الإنسان
وتحدث عن أنواع النسخ في القرآن فقال :
"وتبعا لذلك نوع القائلون بالنسخ في القرآن النسخ إلى أنواع ثلاثة:
الأول: نسخ التلاوة والحكم معا.
الثاني: نسخ الحكم دون التلاوة.
الثالث: نسخ التلاوة دون الحكم. "
وهذا التقسيم لا دليل عليه فلا يوجد محو للتلاوة والحكم معا فكل الأحكام من النوعين موجودة في كتاب الله
وتحدث عن حكم النسخ فقال :
"وفوق ما أسلفنا، نجد أن النسخ كما يشير القرآن الكريم لا يخلو من حكمة، وليس فيه شيء من العبث في كثير أو قليل.
إن الله عز وجل يقول في آية البقرة:"ما ننسخ من آية أو ننسها بخير منها أو مثلها" فالحكم الناسخ إذن قد يكون خيرا من الحكم المنسوخ، وقد يكون مثله، ذلك أنه قد يكون أخف منه، ومصدر الخيرية فيه - حين يكون كذلك- أنه أيسر في العمل، وقد يكون أشق منه، ومصدر الخيرية فيه- إن كان من هذا النوع- أنه أعظم مثوبة، وأكثرا أجرا، وقد يكون هو والمنسوخ متماثلين في السهولة أو المشقة، وفي مقدار الأجر، فليس أحدهما أيسر أداء ولا أعظم أجرا، ولكن أسبقهما استنفذ الغاية من شرعه، وأصبح الثاني هو الذي تقتضيه المصلحة، ويتطلبه المجتمع في وضعه الذي تطور إليه ...
وهذه الحكم، وغيرها مما لا نعلمه، تشير إليها كذلك آية النحل، حيث يعقب على تبديل آية مكان آية قائلة "والله أعلم بما ينزل" ثم يقول في الرد على الذين اتهموا الرسول نتيجة للتبديل "بل أكثرهم لا يعلمون""
ومن ثم فسمة الناسخ أنه أفضل أى أحسن من المنسوخ وحكمة النسخ وهو تبديل الحكم هو الإتيان بأفضل أو مثيل للحكم السابق
وتعرض الناصرى لموقف الرافضون لوجود النسخ في كتاب الله فقال :
"الرافضون ... لوقوع النسخ في القرآن
بهذا العرض نكون قد فصلنا القول في موقف الجمهور من النسخ. لكن أليس القول بالنسخ، إخلالا بإطلاقية القرآن وإحكامه وحسن تفصيله؟ أليس في القول بالنسخ تعارضا مع قوله تعالى "كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير" "وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" ؟ أليس في القول بالنسخ إقرارا باختلاف القرآن وتناقض آياته، وهو المحال في حقه، مصداقا لقوله تعالى "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" ؟ "ألم يحكم القرآن بخلود آياته، ويقر بأن خطابه خطاب عالمي إنساني شامل نزل ليرسم الطريق الصحيح للبشرية ويعالج مشكلاتها، ويضع حلولا لها في كل زمان ومكان، فكيف يمكن والحالة هذه أن نعمل بعض الآيات ونعطل بعضا بسبب القول بالنسخ"
إنها أسئلة تعبر إلى حد بعيد عن موقف الرافضين لوقوع النسخ في القرآن.
ويمثل هذا الاتجاه قديما:"أبو مسلم الأصفهاني محمد بن بحر المتوفى سنة 322 هـ حيث أنكر أن يكون في القرآن آيات منسوخة، واستدل لهذا الإنكار بآية رأى أنها تعضده
وتدعمه، وهذه الآية هي قوله تعالى في وصف القرآن الكريم "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"
ومن أنصار هذا الاتجاه حديثا محمد الغزالي، إذ اعتبر القول بالنسخ في القرآن أمرا باطلا، يقول:"فقصة النسخ أو الحكم بتحنيط بعض الآيات، فهي موجودة ولكن لا تعمل، هذا باطل، وليس في القرآن أبدا آية يمكن أن يقال إنها عطلت عن العمل وحكم عليها بالموت ... هذا باطل ... كل آية يمكن أن تعمل لكن الحكيم العليم هو الذي يعرف الظروف التي يمكن أن تعمل فيها الآية. وبذلك توزع آيات القرآن على أحوال البشر بالحكمة والموعظة الحسنة"
ويضيف الغزالي قائلا:"هل في القرآن آيات معطلة، الأحكام بقيت في المصحف للذكرى والتاريخ -كما يقولون- التماسا للأجر، وينظر إليها كما ينظر إلى التحف الثمينة في دور الآثار؟ غاية ما يرجى منها إثبات المرحلة التي أدتها في الماضي، أما الحاضر والمستقبل فلا شأن لها بهما؟!
ثم يقول الغزالي "من المسلمين من يرون هذا الرأي ... وهم يلجأون إلى هذا الفهم دفعا لما يتوهم من تناقض ظواهر الآي. ونحن لا نميل إلى المسير مع هذا الاتجاه بل لا نرى ضرورة للأخذ به، وسنرى عند التحقيق أن التناقض المتوهم لا محل له، وأن التشريعات النازلة في أمر ما مرتبة ترتيبا دقيقا بحيث تنفرد كل آية بالعمل في المجال المهيأ لها. فإذا ذهب هذا المجال، وجاء غيره تلقفته آية أخرى بتوجيه يناسبه وهكذا، فهل هذا التدرج في التشريع يسمى نسخا؟!!
في نفس الاتجاه يأتي كتاب "تفنيد دعوى النسخ في القرآن الكريم" لمؤلفه "جمال البنا" الذي يقول في معرض تفنيده لدعوى النسخ في القرآن الكريم:"إن القرآن أكثر من ستة آلاف آية لم يجد أنصار النسخ فيها سوى آيتين ادعيا أنهما تجيزان النسخ، ثم قطعوا بوقوعه، وتعاموا عن الآيات العديدة التي تثبت وتؤكد إحكام القرآن.
هاتان الآيتان هما:
في الآية 106 من سورة البقرة "ما ننسخ من آية أو ننسها نات بخير منها أو مثلها" والآية 101 من سورة النحل "وإذا بدلنا آية مكان آية".
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس