عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-08-2022, 07:57 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,964
إفتراضي

أما المذهب: فلا يجوز ذلك – وقد حكي إجماعاً – لأنه بيع دين بدين ويجاب عن ذلك بما تقدم من أن بيع الدين بالدين المحرم هو بيع الواجب بالواجب لاشتغال الذمتين فيه بغير منفعة، أما هنا في بيع الواجب بالساقط فقد أفرغها من دين وشغلها بغيره، فانتقلت من شاغل إلى شاغل، ولا إجماع في المسألة، ولا نص، قال ابن تيمية (بيع الدين بالدين ليس فيه نص عام، ولا إجماع، وإنما ورد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ، والكالئ هو المؤخر الذي لم يقبض بالمؤخر الذي لم يقبض، فهذا لا "
والكلام المنقول كله بلا دليل من الوحى وحتى تفسير رواية الكالىء بأى تفسير ليس عليه دليل من الوحى وإنما هم يستنتجون فقط
وتحدث الحفيظ عن شروط جواز بيع الدين فقال :
"المبحث الثاني
شروط جواز بيع الدين
يشترط لجواز بيع الدين – وهو تلخيص لما معنى- ما يلي:
الشرط الأول: "أن يكون معلوماً" فإن كان مجهولاً لم يصح، إلا على سبيل المصالحة.
الشرط: أن يباع بسعر يومه (ألا يربح فيه). وذلك لقوله (ص): "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها.." ، ولأنه إذا باعه بأكثر من سعر يومه ربح فيه، وقد نهى (ص)- عن ربح ما لم يُضمن، أي نهى عن الربح في شيء لم يدخل في ضمان البائع، والدين في ضمان من هو في ذمته، (في ضمان المدين)، ولم يدخل بعد في ضمان من هو له (في ضمان الدائن) حتى يجوز له الربح فيه. قال (فلم يجوِّز بيع الدين ممن هو عليه بربح، فإنه ربح فيما لم يضمن، فإنه لم يقبض، ولم يصر في ضمانه، والربح إنما يكون للتاجر الذي نفع الناس بتجارته، فأخذ الربح بإزاء نفعه، فلم يأكل أموال الناس بالباطل) .
ثم قال : (فإذا كان له دين وباعه من المدين بربح فقد أكل هذا الربح بالباطل، إذا كان لم يضمن الدين ولم يعمل فيه عملاً) .
وقال : (فلا يربح حتى يصير في حوزته، ويعمل فيها عملاً من أعمال التجارة: إما بنقلها إلى مكان آخر، الذي يشتري في بلد ويبيع في آخر، وإما حبسها إلى وقت آخر، وأقل ما يكون قبضها، فإن القبض عمل، وأما مجرد التخلية في المنقول فليس فيها عمل) .
فإن قيل: فهل يجوز بيعه بأقل من سعر يومه؟ فالجواب: نعم، يجوز ذلك؛ لأنه لم يربح فيه، بل زاد المدين خيراً، وأبرأه من بعض حقه.
فإن قيل: ما الجواب عن مفهوم قوله (ص): "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها.." .
فالجواب: أن المفهوم لا عموم له، بل يصدق بصورة واحدة مخالفة. والصورة المخالفة هنا هي إذا باعه بأكثر من سعر يومه، فهذا لا يجوز؛ لأنه يدخل في ربح ما لم يضمنه.
الشرط الثالث: أن يقبض عوضه في مجلس العقد، إن باعه بما لا يباع به نسيئة؛ وذلك لقوله (ص) في أخذ الدراهم عن الدنانير والعكس: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء".
أما إن باعه بما يباع به نسيئة فلا يخلو من حالين:
الأولى: أن يبيعه بمعين، كقوله: بعتك ما في ذمتك بهذا الثوب. فحينئذ لا يشترط القبض في المجلس – بلا إشكال- وهو المذهب.
الثانية: أن يبيعه بغير معين بموصوف في الذمة حال، كقوله: بعتك ما في ذمتك بثوب صفته كذا وكذا، فحينئذ يشترط القبض على المذهب، "لئلا يصير بيع دين بدين". والصحيح أنه لا يشترط القبض هنا أيضاً.
واختاره ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم، والعلامة الشيخ محمد بن عثيمين لعدم جريان ربا النسيئة بينهما، وقد تقدم الجواب عن دليل المذهب.
الشرط الرابع: ألا يباع بمؤجل، إن كان مؤجلاً باقياً على تأجيله، لم يُسقط؛ لأن بيعه بمؤجل إن كان مؤجلاً باقياً على تأجيله لم يسقط هو بيع الواجب بالواجب، المنهي عنه بالاتفاق كما تقدم- أما إن كان مؤجلاً فأسقطه، واعتاض عنه بمؤجل فجائز على الصحيح.
الشرط الخامس: أن يكون الدين مستقراً.
فإن كان غير مستقر- كدين الكتابة، وصداق قبل الدخول والخلوة، وجعل قبل عمل، وأجرة قبل فراغ المدة، أو قبل استيفاء نفعها لم يصح بيعه، لعدم تمام الملك، ولأنه قد يستقر وقد لا يستقر.
ويشترط على المذهب – إضافة إلى ما سبق- ما يلي:
) ألا يباع لغير من هو عليه.
والصحيح أن ذلك لا يشترط –كما تقدم- وأنه يجوز بيعه للغير بالشروط المتقدمة، وبشروط ثلاثة أيضاً هي: أن يكون الدين ثابتاً ببينة أو إقرار، وأن يكون المشتري قادراً على استخراجه من المدين، وألا يباع بما لا يباع به نسيئة.
) ألا يبيعه بمؤجل.
والصحيح أن ذلك لا يشترط، إلا إن كان الدين الذي في ذمة المدين مؤجلاً باقياً على تأجيله لم يسقط.
) ألا يكون دين سلم (مسلم فيه)، والصحيح أن ذلك لا يشترط، وقد تقدم ذلك.
) ألا يكون رأس مال سلم (ثمن المسلم فيه)، وذلك بأن يفسخ عقد السلم، فيقوم المسلم ببيع رأس ماله على المسلم إليه، فلا يصح على المذهب – كما تقدم- والصحيح صحته، وعدم اشتراط هذا الشرط، وقد تقدم ذلك أيضاً في آخر المسألة الأولى من المطلب الثالث.
) ألا يكون ثمناً لمبيع، ثم يعتاض عنه بما لا يباع بالمبيع نسيئة.
مثل أن يكون الدين ثمناً لبر فيعتاض عنه بشعير، أو غيره مما يشارك البر في علة الربا، فلا يصح ذلك لئلا تتخذ ذريعة إلى الربا، وحيلة عليه، وهذا هو المذهب. والصحيح أن ذلك جائز، إذا لم يكن حيلة مقصودة.
واختاره موفق الدين بن قدامة، وشرف الدين بن قاضي الجبل والعلامة ابن القيم والعلامة ابن سعدي.
وقد توسط ابن تيمية بين القولين، فجوزه لحاجة وتبعه على ذلك العلامة الشيخ محمد بن عثيمين "
وكل هذا الكلام يتحدث عن البيوع وليس عن الديون فالديون كما سبق القول طرف غنى وطرف محتاج لضرورة وأما معاملات التجارة لك وعليك فهذا اسمه تبادل منافع وهناك مثال عليه فى القرآن يقول أن الزكاة عليه أجر مضاعف وأما من أعطى مالا زائد على الدين لتجارة الأخر فليس عليه أجر مضاعف وفى هذا قال تعالى :
"وما أتيتم من ربا ليربوا فى أموال الناس فلا يربوا عند الله وما أتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون"
ومن ثم لا يجوز بيع الديون فى أى صورة من صورها
وقد لخص الحفيظ المسألة بقول ابن القيم حيث حدد الأقوال فيها برأيين وهما:
"قال ابن القيم عن هذه المسألة: (فيها قولان أحدهما: المنع، وهو المأثور عن ابن عمر وسعيد بن المسيب وطاوس، وهو مذهب مالك وإسحاق.
والثاني: الجواز، وهو مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وابن المنذر، وبه قال جابر بن زيد، وسعيد بن جبير، وعلي بن الحسين، وهو اختيار صاحب المغني وشيخنا والأول اختيار عامة الأصحاب، والصحيح الجواز) "
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس