[محمد الحبشي]

النافذة .. هذه الفتحة التى على صغرها تحمل بين أضلاعها أرحب الآفاق ..

هى عندى هذين الجانبين ..

فهى هذا العالم الذى يخضع لكل قوانينا .. فهذه ستائرنا وهذه أقلامنا وهذه ألواننا ..

هو الهدوء .. السكينة .. السلام .. الأمن .. الإبداع

حاجز زجاجى شفاف يفصلنا عن هذا العالم الآخر .. هذا الفضاء الواسع والأفق اللامتناهى ..

نتأمله .. فمنا من يرى هذه السحب البيضاء ورفيف العصافير وتراقص أشعة النور ..

منا من يرى هذه السيدة العجوز وقد هدها الدهر وألزمها الفقر والحاجة ..

منا من يرى هذا الطفل البرىء فى لهوه فكأن الوجود من حوله عدم فهو يقضى فيه أسعد اللحظات ..

منا من يرى هذين الزوجين .. كأنها عصفورين فى نزهة صباحية .. وإلى جانبهما آخرين يعلو قسمات وجوههم جمود وتجهم وشتاء قارس ..

من يرى قمر المساء ومن يبصر وحشة الظلام ..

البعض يرى الوجود صباح أبدىّ وأخرون يرونه ظلام سرمدىّ

لم يكن ذاك من عمىً كل عينٍ ** حجب الليل ضوءها عمياءُ

هذين العالمين مزيج عجيب .. ولا يفصلهما عن بعض سوى حاجز زجاجى شفاف ..

عجيب هذا الإسم .. نافذة ..

أينفذ منها النور إلى أرجاء المكان .. أم تنفذ منه الروح هاربة إلى هذا الفضاء البعيد ..