عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-01-2009, 01:48 PM   #18
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

عندما تتحكم العربة بالحصان والحوذي

في العادة، يجر الحصان العربة، ويوجه الحوذي حركة الحصان والعربة كما يريد، وفي حالات قليلة ونادرة وخارجة عن المألوف تجبر العربة الحصان على التناغم مع سرعتها، كما أن الحوذي يجد نفسه عاجزا عن السيطرة على التحكم بحركة الحصان والعربة. ومن هذه الحالات النادرة أن يكون الطريق منحدرا في اتجاهه، والحمل ثقيل، والكوابح لا تقدر على منع العربة من التهور.

في زلزال غزة، اكتشف الإنسان العربي دونيته وعجزه عن نصرة أخيه في غزة، وبدا كأنه بضاعة غير مأسوف عليها من قِبل من يحملها في أوعية ممزقة والحوذي لم يدرك خطورة المنحدر، فهاجت البضاعة محتجة على عدم حرص الحوذي، وتحولت حركتها الذاتية الى هدير هدد مصير الحوذي نفسه.

استصلاح الأرض البور

في الأراضي المهملة والمتروكة، تنبت النباتات الشوكية والضارة، ويصبح مشهد الحقل قبيحا ولا يبشر بإنتاج وفير. وإذا ما انتبه أحد الى ضرورة استصلاح تلك الأرض، فليس هذا مبعثا للبهجة والاستبشار بالخير السريع، فقد تبقى النباتات الشوكية والضارة في المحاولة الأولى وستقل بالمحاولة الثانية، لكنها ستقاوم وستراهن على يأس المستصلح، وتصبح الحرب بين بذور الخير وبذور الشر لتكون سائدة في الحقل.

في بداية العدوان على غزة، كنا نسمع أصوات بذور الشر ونتطير من ضعف حجتها وقبح صوتها. حتى زاد التسارع في انحدار العربة. وبقيت تلك الأصوات تحمل قبحها حتى انعقاد مؤتمر الكويت، وكما هي حالة وجوب تغيير إمام المصلين، إذا ما أحدث أثناء أداءه لدور الإمام، فإن تغيير نبرة الحديث وحرفه عن ما كان عليه جاء على لسان خادم الحرمين الشريفين، في محاولته لوقف العربة في انحدارها الخطير.

سنجد أصواتا، لا يعجبها قول كلمة الحق في هذا المقام، وسيقولون: أين كان هذا الصوت طيلة الأسابيع الثلاثة؟ ولماذا لم يتحرك؟ قد يكون هذا الكلام صحيحا. ولكن إذا ما عرفنا التعقيد الذي تمر به كل مؤسسة دولة قطرية بما يحيط بها من تنوع بارتباطات أركانها وأحلامهم، وإذا عرفنا أن التاريخ الحديث للدولة القطرية العربية يستحضر معه في كل موقف سجلات عقود طويلة من التجارب التي تفرض نمطا من رد الفعل، عندها يستوجب علينا أن نحيي مثل تلك المحاولات لاستصلاح أرض البور.

لم تكن المعارضة بحد ذاتها هدفا، فإن كان هناك تجاوب من طرف من تعارضه عليك الوقوف معه حتى يبقى نهج إرادته للتغيير حيا لا يحيط به اليأس.

شكرا غزة

غزة التي احتضنت في السابق (هاشم) جد النبي صلوات الله عليه، وغزة التي أنجبت الإمام الشافعي الذي كان يشرع للمشرعين، تصر اليوم ـ كدأبها ـ أن تنتج بضاعة نفيسة، نفاستها آتية من حجم التضحيات بدماء أبناءها الزكية، أنتجت تلك القاعدة التي سيؤسس عليها مشروع وحد الأمة بوجدانها، وعلى الجميع أن يبذلوا قصارى جهدهم في الاستمرار باستثمار هذا المشروع.

شكرا غزة التي صمدت وانتصرت، وجازى الله شهداءك وأبنائك خيرا لما أسسوا من قواعد الخير.

انتهى
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس