الموضوع: بوصلة لا تشير
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 05-11-2008, 01:26 AM   #6
ياسمين
مشرفة Non-Arabic Forum واستراحة الخيمة
 
الصورة الرمزية لـ ياسمين
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2008
الإقامة: المغرب
المشاركات: 2,102
إفتراضي

أختي نهاد



لقد تحدثت في موضوعك حول مرحلة سوداء يمكن أن يعيشها أي إنسان في حياته، وأنا شخصيا مررت بهذه

المرحلة القاتمة ولا أخفيك القول أنها كانت من أعنف التجارب في حياتي حين أغلقت كل الأبواب في

وجهي رغم أنني قمت بكافة المحاولات لدفع الشر عن طريقي ولكن العاصفة كانت قوية، فوجدت نفسي سجينة

الحياة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وشعرت بالموت قريبا مني لا تفصلني عنه سوى خطوات قليلة، وأنا أسأل

نفسي كيف السبيل إلى الخروج من هذا القمقم؟؟ بدأت أفكر في الماضي ومرت أمامي لحظات الطفولة وبدت لي

مشرقة، وتذكرت ما حققته من إنجازات رائعة في الماضي القريب لكن عندما تذكرت والدي غمرني إحساس قوي بالرغبة

في العودة

إلى الحياة فاستجمعت قواي وتوجهت إلى الله في نداء قوي ثم اتخذت قرار المواجهة، وما فكرت في وحشية العدو

لأن الطاقة التي كانت بداخلي كانت أقوى من كل قوة تعترض طريقي فنجحت نجاحا ساحقا وعدت إلى الحياة

أقوى مما كنت عليه.



الناس في الحياة صنفان فمنهم من يفنى وينكسر عندما تغلق الأبواب في وجهه، وصنف آخر يكسر العتمة مهما كانت

مسالكها وعرة لأن الإيمان الحقيقي بالله لا يكون صادقا إلا عندما يوضع الإنسان قيد التجربة في قلب الموت حيث

تتوقف البوصلة عن العمل ولكن سرعان ما تعود عقاربها إلى العمل لأن الإنسان يعيش في سباق مع الزمن وتحد مع النفس

فإما أن يفنى ويموت أو يعيش ويحيا وأرى بأن أي إنسان يستطيع أن يعيد بوصلته إلى العمل من جديد مهما كان حجم المشكلة

وكيفما

كانت وما زلت أذكر رجلا في الستينيات من العمر كان صديقا لوالدي وكان رجلا ثريا جدا والإبتسامة لا تفارق محياه

كان يدير معملا كبيرا للخشب وكانت لديه أسرة تتكون من ستة أولاد حيث يسكنون قرب المصنع في فيلا جميلة.

ذات يوم أخبرنا والدي بأن الرجل كان على سفر وعندما عاد وجد خبرا مفجعا في انتظاره فقد حدث حريق في

مصنعه ذهب ضحيته جميع أفراد أسرته بما فيهم الزوجة والأولاد ومرت سنوات فما تغير حال الرجل بل أعاد بناء

حياته من جديد وظل ملازما للمسجد كما كان يفعل في الماضي وأعاد تجارته إلى سابق عهدها فعاد

المال يسري في يديه وتزوج من جديد ورزق بأولاد ولم يمت إلا عندما بلغ المائة من عمره.



سبحان الله إن في خلقه شؤون لا يعلمها إلا هو، وهؤلاء الناس هم الذين أحب أن أنتمي إليهم لأنهم

دائموا التجدد ، محبون للحياة ، موقنون بالقدر خيره وشره .وأكره الناس الذين يكثرون الشكوى ويتحججون بأسباب واهية

يبررون بها فشلهم، فمهما توقفت البوصلة عن العمل فلا بد أن تشتغل لأن باب الأمل مفتوح ومحبة الله واليقين

بوجوده موصول دائما وأبدا ولا يمكن أن تهزه نائبة أو ملمة مهما كان حجمها.

تحياتي إليك

__________________



" كان بودي أن آتيكم ,, ولكن شوارعكم حمراء ,,

وأنا لا أملك إلا ثوبي الأبيض ",,

* * *

دعــهــم يتــقــاولــون

فـلــن يـخــرج الـبحــر

عــن صمته!!!

ياسمين غير متصل   الرد مع إقتباس