عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-01-2021, 09:28 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,971
إفتراضي


ونحن عنوان التقوى عازل استمر الرجل فى بعده عن سياق القصة فقال:
"التقوى عازل:

وبمناسبة الحديث عن العازل النفسي أقول: إن التقوى من اقوى العوازل النفسية التي تحمي الإنسان من (الاهواء) و (الفتن) ولسنا نعرف عازلا اقوى من هذا العازل والتقوى لباس يحفظ الإنسان من الاهواء والفتن، كما أن اللباس يحفظ الإنسان من الحر والبرد ومن اعين الناس، ويستر سوأة الإنسان يقول تعالى: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير)، فاذا حفظ الإنسان نفسه بملابس واقية ودافئة، فليس عليه بأس أن يخرج من البيت في يوم شديد البرد، فلا يمسه ولا يضره من البرد شيء، وكذلك الإنسان إذا تسلح بالتقوى، فليس عليه بأس من سلطان الهوى والفتن
\ولو أن الناس خرجوا إلى الشارع من دون ملابس تستر سوآتهم، لأشبهوا الحيوانات، ولكن الله تعالى أكرم الإنسان باللباس الذي يستر سوأة جسمه، فكذلك التقوى لباس يستر سوأة النفس من الاهواء والشهوات والغرائز، فيلطفها ويعدلها ويرققها بالشكل الذي يناسب كرامة الإنسان والتقوى حصن يحصن الإنسان من الاهواء والفتن والشياطين، كما أن الحصون تحمي الناس من سطو الاعداء وبطشهم يقول امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ: ((إن التقوى دار حصن عزيز، والفجور دار حصن ذليل)) فالتقوى حصن منيع يمنع الاعداء من البطش والسطو، والفجور حصن ذليل، لا يمنع احدا ولا يحفظ من عدو
وكما أن الإنسان لو تحصن بحصن منيع لما خاف عدوا ولا سارقا، ولا سبعا ضاريا، كذلك من تحصن بحصن التقوى يقول امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ: ((عباد الله، إن تقوى الله حمت أولياء الله محارمه))
وإذا اصبح الإنسان في حمى الله بالتقوى من الاهواء والفتن والشياطين، فلا يمسه منها سوء ولا أذى، وليس للهوى والشيطان عليه سلطان
وأهم من ذلك كله أن التقوى تمنح صاحبها قدرة على الانتباه المبكر، فإذا تعرض الإنسان لخطر سطو الشيطان تذكر فورا، وأخذ العدة الكاملة لمواجهة الشيطان والهوى

ارأيت اجهزة الانذار المبكر؟ كذلك التقوى، فلا يتمكن الشيطان أن يغزو الإنسان على حين غرة وغفلة يقول تعالى: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)
وإن الشيطان لا يقتحم عليهم قلوبهم، وإنما يمسهم طائف منه فقط
فإذا مسهم من الشيطان طائف تذكروا فورا، وبصورة مبكرة، فإذا هم مبصرون ولن يستطيع الشيطان أن يقتحم على أحد قلبه وصدره وعقله، وهو في مثل هذه الدرجة العالية من التذكر والبصيرة، والقدرة على المواجهة"

انتهى مقال التقوى عازل وهو لا علاقة له بالقصة حيث لم يذكر أهل الكهف أبدا فى المقال ثم قال:
"الأوي إلى الكهف:
يقول تعالى: (فأووا إلى الكهف) ذكرنا أن الأوي إلى الكهف غير الاعتزال، والآية الكريمة صريحة في ذلكوإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فاووا إلى الكهف)
الاعتزال مقاطعة نفسية، والأوي إلى الكهف هجرة، والاعتزال والهجرة يكمل احدهما الآخرغير أن الاعتزال من الهجرة الكبرى، والأوي إلى الكهف من الهجرة الصغرى والهجرة الكبرى تجري داخل مساحة النفس، والهجرة الصغرى في الرقعة الجغرافية من الأرض، ولا تقاس الهجرة الكبرى بالهجرة الصغرى ; فإن الاعتزال والمقاطعة النفسية جهد نفسي شاق، في انتزاع النفس وتحريرها من سلطان الأهواء والمغريات، والهجرة الصغرى جهة لانتزاع الإنسان نفسه من الوسط الاجتماعي الذي يألفه، والعلاقات الاجتماعية والأسرية، والموقع الاجتماعي والاقتصادي، وهذه المجموعة هي مجموعة (الوشائج) التي يرتبط الإنسان عن طريقها بالمجتمع والوسط الاجتماعي بينما في الهجرة الكبرى ينتزع الإنسان نفسه من الأهواء العميقة النفسية، وهي (الولائج) المتحكمة والمؤثرة داخل النفس والفرق بين الهجرتين هو الفرق بين (الوشائج) و (الولائج) ; فإن الهجرة الكبرى هي مقاومة الولائج وانتزاع النفس منها، بينما الهجرة الصغرى هي انتزاع النفس من مجموعه الوشائج ولا شك أنه عملية صعبة، ولكن شتان بين الانتزاعين: أن ينتزع الإنسان نفسه من الولائج المتحكمة في نفسه، وأن ينتزع نفسه من الوشائج التي تربطه بالوسط والمجتمع ولا شك أن الأول أشق من الثاني بكثير
إن الهدف من الهجرة الكبرى تحرير النفس من سلطان الاهواء والهدف من الهجرة الصغرى أن يخرج الإنسان من دائرة سلطان الطاغوت ونفوذه ; فإن الطاغوت لا يطيق الدعوة إلى الله تعالى في دائرة نفوذه وسلطانه، بكل شكل; لأن هذه الدعوة تصادر ـ في النتيجة ـ كل سلطانه ونفوذه، وهو يشعر بعمق هذه الدعوة، ولذلك لا يكاد يسمح لأحد أن ينهض بالدعوة إلى الله في دائرة نفوذه وسلطانه، ويعمل لخنق كل صوت والقضاء على كل من يحمل هذه الرسالة إلى الناس، من دون رحمة، ومن دون تردد ولذلك فمن الخطأ في مثل هذه الحالة ألا يهاجر من دائرة نفوذ الطاغوت، ولا يفر بدينه، ويبقى في متناول بطش الظالم وسطوته; فإنه في هذه الحالة لابد أن يؤول حاله إلى احد أمرين: إما الخضوع لإرادة الطاغية والتخلي عن موقع الدعوة إلى الله، أو أن يمكن الطاغية من رقبته وكل منهما خسارة والصحيح هو أن يهاجر بدينه من قبضة الظالم وهذا هو معنى (الأوي إلى الكهف) في قصة الفتية
الجزاء"

رغم حديث الرجل عن طلب أحدهم أن يذهبوا للكهف ليس هروبا وإنما يأسا من إيمان القوم فقد استمر فى الفقرة التالية فى البعد عن سياق القصة فقال:
"من رقائق الثقافة الاسلامية العلاقة بين الجزاء والعمل ومساحة الجزاء هي الدنيا والآخرة، ومساحة العمل هي الدنيا فقطولابد لكل عمل من جزاء، ولا ينفك العمل عن الجزاء وبتعبير أدق: العمل يستبطن الجزاء، والجزاء من سنخ العمل يقول تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) إن الذي يجاهد في الله، ويسعى إلى تحقيق مرضاة الله، يهديه الله سبل مرضاته، ويعينه الله على تحقيق مرضاته والوصول إليها"
ثم عاد للسياق فقال:
"وفي آيات سورة الكهف نجد أن هؤلاء الفتية لقوا جزاء عملهم عاجلا في الدنيا في ثلاث مراحل: في مرحلة الايمان بالله يقول تعالى: (إنهم فتية آمنوا بربهم فزدناهم هدى) ، وفي مرحلة القيام والنهضة واعلان التمرد على الطاغية يقول تعالى: (وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها) ، وفي مرحلة الأوي إلى الكهف يقول تعالى: (فاووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا)
فلنتأمل في هذه المراحل الثلاثة من الجزاء
في المرحلة الاولى:
لما آمنوا بالله زادهم الله تعالى هدى على هداهم وهنا الجزاء من جنس العمل; بوضوح أن الايمان هداية، فإذا اهتدى الإنسان بهدي الله زاده الله تعالى هدى على هداه كما أن الإنسان إذا اختار سبيل الضلالة يعاقبه الله، فيزيده ضلالا على ضلاله يقول تعالى: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) "

نلاحظ هنا الفهم الخاطىء بزيادة الإيمان فمعنى زيادة الإيمان هى الاستمرار على الإيمان والعمل به فالهدى واحد وهو لا يتغير وهو الوحى ثم قال:
"وفي المرحلة الثانية:
(وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض) وليس من شك أن هذا القيام وتلك الدعوة لا يتمان من دون قوة قلب ورباطة جأش فإذا قاموا بهذه الدعوة في وجه الطاغية، آتاهم الله المزيد من رباطة الجأش، وربط على قلوبهم: (وربطنا على قلوبهم) يعني قوينا قلوبهم، ولولا أن الله تعالى يقوي قلب عبده، لما تمكن من مثل هذه الحركة الجريئة والشجاعة، ولا استطاع أن يواجه الطاغية بمثل هذه القوة، بل ما استطاع أن يتخذ القرار بذلك ; فإن الخطوة الاولى في مثل هذه الاعمال الكبيرة هي اتخاذ القرار والنية والعزموسلام الله على الامام الصادق حيث يقول: ((لا يضعف جسد عما قويت عليه النية)) فإذا قوي الإنسان على النية والعزم والقرار، هانت عليه المراحل الاخرى من العمل، وأعانه الله عليها وشد على يدهولكن لابد من أن يقوم وينهض ليشد الله على يده، فإن لم يقم ولم يحاول لا يرزقولولا دعم الله تعالى وتأييده لأولئك الفتية الذين نهضوا في جو القصر بالدعوة إلى الله، لم يتمكن أي منهم أن يقوم فيقول في وجه الطاغية: (لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذن شططا)
ولا شك أن العزم والنية أيضا لا تتم إلا بتأييد الله تعالى ودعمه، فإن الله تعالى يسبغ تأييده ودعمه واسناده على عبده مرتين: مرة للنية والعزم والقرار والوقوف، وهذا عام شامل لكل الناس، ومن الناس من ينتفع بهذا الرزق الإلهي الشامل، ومن الناس من يفرط فيه، ويضيعه، ومرة أخرى ينزل دعمه واسناده على الذين يعزمون، وينهضون ويقومون، وهذا رزق خاص، يخص به الله تعالى الذين يقومون وينهضون برسالة التوحيد
وفي المرحلة الثالثة:
يقول تعالى: (فاووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا)
والحمد لله الذي ارانا صدق وعده فيما رزقنا من ابتلاء الهجرة; فقد وجدنا ماوعدنا ربنا حقا، ونشر لنا من رحمته، وهيأ لنا من أمرنا مرفقا وصدق الله العلي العظيم وكل الذين ابتلاهم الله تعالى بالهجرة وجدوا صدق وعد الله، بما فتح الله تعالى لهم من أبواب رحمته وآفاق العمل والحركة، وفيما هيأ لهم من المرافق في حركتهم وعملهم والحمد لله رب العالمين"

ونلاحظ هنا أن الرجل لم يذكر القصة كاملة فقد اكتفى بطلب الايواء إلى الكهف وأما بقية القصة من نومهم وكلبهم وما تلا ذلك حتى بعثهم وموتهم مرة أخرى فلم يذكرها مع ان الكتاب هو أن عن أهل الكهف وهو قصور فى الكتاب كان ينبغى تداركه
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس