عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-01-2021, 09:25 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,971
إفتراضي قراءة فى كتاب فتية الكهف

قراءة فى كتاب فتية الكهف
الكتاب تأليف محمد مهدي الآصفي وقد استهل الكتاب بما سماه المؤلف أجواء القصة:
"أجواء القصة:
من هم هؤلاء الفتية؟ الرواية التاريخية تقول إنهم من شباب القصر، وشباب القصر نموذج خاص من الشباب، يعيشون اجواء التحلل والترف والفتنة والفساد، وليس يتوفر لأحد من الفتنة والفساد ما يتوفر لشباب القصر، حيث ينعمون بالمال ويعيشون الترف والفراغ، وكل ذلك مفسدة للشباب وليس شيء في حياة الإنسان من أسباب الاغراء والفتنة يؤدي إلى التحلل والفساد مثل أجواء القصر
ففي قصة يوسف (ص) ، وأنها أقدمت على خيانته، وشهد على ذلك شاهد من أهلها، لم يزد على أن قال: (يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك) ويضاف إلى ذلك أن هذه المنطقة كانت مقرا لسلطان الملك الوثني الذي اضطهد النصارى بحدود سنة (250م)، وهو الملك داقيوس أو داقينوس أو داقيانوس، وكانت سلطته في هذه الفترة من التاريخ سلطة واسعة، وإذا اضيف الترف إلى (السلطان) كان تربة خصبة للفساد
في مثل هذه الاجواء كان يعيش فتية أهل الكهف، ينعمون بالمال والسلطان، ويعيشون حياة البذخ والترف
وهذا هو البعد الأول من الموضوع ولابد من أن نضيف إلى هذا البعد البعد الثاني لاجواء القصر; حتى تكتمل صورة الجو النفسي والوسط الاجتماعي الذي كان يعيشه هؤلاء الفتية
لقد كانوا يعيشون دور الشباب من حياتهم يقول الله تعالى عنهم: (إنهم فتية)، وفي مرحلة الشباب تنفتح الغرائز، وتلتهب الاهواء والشهوات، وينجذب الإنسان فيها إلى الفتن بقوة لا يعرفها الإنسان في أية فترة أخرى من حياته، وهذه الفترة من حياة الناس فترة طيش وتحلل عادة

في مثل هذه الاجواء النفسية والاجتماعية، كان يعيش هؤلاء الفتية تحت سلطان الاهواء، داخل نفوسهم من جانب، وفي ظل الفتن في ساحة الحياة من جانب آخر"
البداية خاطئة فلا يوجد دليل على كون أهل الكهف كانوا من الأغنياء أو من شباب القصر بتعبير الآصفى وغالبا لا يؤمن أحد من الأغنياء أو أهل القصر بتعبير الرجل إلا نادرا مثل زوجة فرعون وفى هذا قال تعالى "كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى"
وأتباع الأنبياء كانوا دوما من المحتاجين والفقراء
وحكاية كون أهل الكهف كانوا يعيشون فى عهد ملك يسمى داقيوس أو داقينوس أو داقيانوس حسب تعبير الآصفى أو حتى دقلديانوس لا دليل عليها من الوحى ولا هى تهمنا فى شىء فقومهم حسب القرآن كانوا كفرة كما قال تعالى :
"هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه إلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين"
ومن ثم فلم يكونوا نصارى مضطهدين ولا غير ذلك لأنهم كانوا يعبدون آلهة متعددة
وتحت عنوان الإيمان قال :
" الإيمان:
يقول تعالى: (إنهم فتية آمنوا بربهم) إن الإنسان يخترق حصار المادة والحس إلى رحاب الغيب بالايمان وحصار الحس حصار ضيق، ورحاب الغيب رحاب واسعة، ومن بؤس الإنسان وشقائه أن يبقى سجينا محاصرا في مساحة الحس، ولا يتمكن أن يخترق هذا الحصار إلى الغيب وعامل الاختراق هو المعرفة، ونتيجة المعرفة هي الايمان
والإيمان بالغيب أهم أبعاد شخصية الإنسان يقول تعالى: (آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) وقد جعل الله تعالى الايمان تحت اختيار الإنسان، وسلطان ارادته بصورة كاملة في الحالات السوية له; فهو مسألة عقلية نفسية داخلية، وخاضعة لسلطان ارادة الإنسان ولكن الطاغوت يحاول أن يسلب ارادة الناس، ويجردهم من القدرة على الاختيار، فيطيعونه حتى في الايمان والتشخيص والعرفان والانكار، وليس فقط في الطاعة والتبعية في النظام والاعمال بل ينكرون ما ينكره الطاغوت ولو كان معروفا، ويعرفون ما ينكره الطاغوت ولو كان منكرا، ويرون الاشياء والالوان والقيم كما يراها الطاغوت، ويؤمنون ويكفرون كما يريد الطاغوت وقد انكر فرعون على السحرة إذ آمنوا بموسى (ص) دون أن يستأذنوه (قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون) وهذا هو ما يطلبه الطاغوت من الناس، وأقصى مراحل الاستكبار والاستضعاف فاذا اخترق الناس حصار الارهاب والتبعية الذي يفرضه المستكبرون، ثارت ثائرتهم، واعتبروا ذلك اختراقا لسلطانهم ونفوذهم، وهددوا، وتوعدوا، وعذبوا، واضطهدوا الذين تجرأو أن يفكروا ويتعقلوا الاشياء بانفسهم من دون استئذان وقد كان جزاء سحرة فرعون عندما آمنوا بالله تعالى من دون استئذان فرعون أن قطع أيديهم وارجلهم من خلاف: (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين) "

وكل ما سبق لا علاقة بالقصة موضوع الكتاب ثم قال:
"وقد كان الشوط الأول من التمرد في حياة هؤلاء الفتية، أن آمنوا بالله من غير استئذان الملك، وسمحوا لأنفسهم أن يفكروا ويتعقلوا الاشياء كما تعقلها عقولهم، وتهواها قلوبهم، لا كما يعقلها الملك ويهوى
وكان هذا الايمان محظورا في اجواء القصر أشد الحظر، ممنوعا أشد المنع ومن عجب أن القصر بقدر ما يضم بين جدرانه من التحلل من القيم، والفساد، يضم كذلك الارهاب الفكري والسياسي بابشع صوره
والايمان بالله هو بداية التمرد، وتكون هذه البداية داخل النفس ورغم ذلك، لا يعفي الطاغوت صاحبه من العقوبة والاضطهاد وهذه البداية هي أشق مراحل التمرد وليس في مراحل التمرد السياسي والحركي مرحلة أشق من الايمان، والمشقة هنا نفسية داخلية، فإذا آمن الإنسان، واخترق جدار الارهاب، هانت عليه الأشواط اللاحقة من العمل
واستطاع هؤلاء الفتية اجتياز هذه العقبة، واستطاعوا أن يغافلوا الطاغية ويفاجئوه بايمانهم، ويواجهوه بالامر الواقع
وهذه هي المرحلة الاولى من التمرد"

الآصغى هنا مصر على كون أهل الكهف من شباب قصر الملك وهو كلام كما قلنا لا يتفق مع كون المؤمنون دوما ممن هم فى احتياج وفقر إلا فى حالات شاذة لا يمكن القياس عليها فلو قال ان أحدهم من الأغنياء لكان كلاما معقولا ولكن أن يكونوا جميعا من الطبقة التى هى تحارب الإسلام دوما فى كل العصور فهو شىء لايصدق
ثم قال:
"القيام والنهضة
يقول تعالى: (إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذن شططا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا)
الرواية التاريخية لا تذكر في قصة هؤلاء الفتية أنهم ثاروا وقاموا وأعلنوا التمرد في اجواء القصر، وتكتفي بقصة ايمانهم وهجرتهم إلى الكهف ولكن القرآن يروي القصة الكاملة، ويؤكد أن هؤلاء الفتية قاموا وثاروا في أجواء القصر، واعلنوا التمرد، واخترقوا جو الارهاب الحاكم في القصر يقول تعالى: (إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض)
ودوت هذه الصرخة في اجواء القصر، ومزقت السكوت الرهيب الذي كان يفرضه الدكتاتور داقيوس، فأرعبته وهزت عرشه بقوة وقد تضمنت هذه الصرخة:
1 ـ الدعوة إلى الله رب السموات والأرض: (ربنا رب السماوات والأرض)
وكان الحاكم داقيوس قد حجبهم بمكره عن رب السموات والأرض، فلما عرفوا أن رب السموات والأرض هو ربهم أعلنوا ذلك بقوة
2 ـ الرفض للطاغوت والاصنام والآلهة التي يتخذها الناس من دون الله: (لن ندعو من دونه إلها) وفي هذه النقطة يكمن ظل التحدي والتمرد، ويكمن سخط وغضب الجبابرة والطغاة، ويكمن كل عذاب واضطهاد الدعاة إلى الله
3 ـ التقبيح والإنكار على من يقول بالوهية احد غير الله: (لقد قلنا إذن شططا)
4 ـ الاحتجاج على قومهم، ومطالبتهم بالبينة والحجة على ما يقولون: (لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا)وأشد ما يكون الامر على الطاغية أن تتفجر الثورة والتمرد من داخل قصره، كما حصل للحاكم داقيوس في قصره، وكما حصل لفرعون عندما اعلن موسى (ص) وهو ربيب قصره، الدعوة إلى الله تعالى
إن الطاغية في هذه الحالة يفقد الثقة بكل أحد في قصره، ويهتز عرشه وكبرياؤه بقوة، ولا يعود يثق بأحد من بلاطه وحاشيته، ولا يعود يثق به أحد، ويفقد بذلك هيبته وشموخه بعد أن ارتفعت الدعوة إلى الله من داخل جدران قصره وليس شيء يثير الظالمين والمستكبرين كمن يسلبهم هيبتهم ; فإن هؤلاء الطغاة يحكمون الناس بهذه الهيبة، وهي هيبة كاذبة بالتأكيد، ولكنهم يبذلون كل ما في وسعهم لتثبيتها بالبطش والقتل والسجن والتعذيب، فإذا هابهم الناس تحكموا في رقابهم، وفرضوا عليهم ما يريدون من معيشة ونظام وعمل وفكر وثقافة ودين ونظرية الظالمين في الحكم هي (اكذب حتى يصدقك الناس، وارعب حتى يرهبك الناس)فإذا تعرض احدهم لاسقاط هيبة الطاغية ثارت ثائرته وطاش صوابه; لأنه يسلب بذلك كل شيء في ملكه وسلطانه"

يصر الرجل على وجود ملك فى القصة مع أن القرآن لم يذكر الملك وتعبير القرآن على لسانهم واضح وهو قومنا أى أن المجتمع كله كان يعبد آلهة متنوعة والدعوة تهز المجتمع كله وليس مجرد من فى القصر فحتى المعوزين والطبقة الوسطى يعارضون الدعوة باعتبارها تسفيها لعقولهم وسب لآباءهم بعدم العقل ومن ثم يقف المجتمع كله فى البداية فى وجه الدعوة مكذبا إياها ولكن الأشد فى مواجهة الدعوة هو الأغنياء لأنها تقويض للنظام المالى القائم على الظلم حيث تريدالدعوة تطبيق العدل فى الأقوات حسب ما قال الله حيث لا يوجد غنى ولا فقير كما قال تعالى " سواء للسائلين"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس