[ياسمين]

عادي...عادي...كل شيء عادي...



عندما تخرج تتمشى في شوارع المدينة وحين تصل أمام شباك المصرف ترى رجلا يخرج

راتبه الشهري وقبل أن يضعه في جيبه تكون المحفظة قد صارت في خبر كان

لقد سرقت منه أمام الملإ فيصرخ لطلب المساعدة لكن لا أحد يرى أو

يسمع ....عادي....كل شيء عادي...



عندما تركب سيارة الأجرة تحس برغبة عجيبة في الاستفراغ بسبب الرائحة العفنة

التي تنبعث من الكراسي والجلد القذر، فتضطر لوضع القليل من الطيب للتخفيف

من حدة الروائح، ولكن الأغرب أن ترى الوجوه حولك راضية قانعة بالجلوس في قمامة!!

عادي....عادي.....كل شيء عادي....



هذا الصباح اشتريت سيارة جميلة لكن فرحتي لم تكتمل إذ بمجرد شروعي في القيادة

بدت لي الطريق مكسرة وازدادت مسالكها صعوبة حين عززوها بالمطبات

فتضطر إلى تقليص السرعة في الشارع الواحد عشرات المرات،

وأنا أقود سيارتي الجديدة بدأت تئن من كثرة الحفر كأنها تحتضر فتهتز المسكينة بقوة

فتتلقى ضربات عنيفة بالسوط وفجأة توقفت فقال لي أحدهم متبسما: لقد كسر

الموطور يجب تغييره!!! عادي....عادي.....كل شيء عادي.



تقرر الذهاب إلى المطعم في نهاية الأسبوع تنشد الراحة وتغيير الجو، فتطلب طبقك

المفضل يأتيك النادل بالأكل بعد ساعات طويلة من الانتظار لكن الذباب يتطاير من حولك

يمنة ويسرة وكأن المكان وكر للحشرات الطائرة ويأتيك حشد من القطط الغريبة المظهر فهذه

تطل عليك بعين واحدة تستجدي منك طعاما والأخرى مقطوعة الرجل...

فتطلب من النادل أن يغير مكانك نحو الداخل، وأنت

تمر على جانب المطبخ ترى جيشا من الصراصير يتنزه فوق الأطباق،

تتراجع إلى الوراء،وتعدل عن قرارك، فالجوع أهون..

عادي...عادي...كل شيء عادي...



عندما تمضي في الطريق تجد الناس يتمشون حولك ويبسقون في وجهك ولا يكلفون

أنفسهم عناء تقديم اعتذار لك كأن يمشي الشخص أمامك ويبسق يمنة أو يسرة

وأنت تمر بجانبه فقد يضعها على وجهك أو ملابسك بل منهم من يفتح نافدة السيارة

ويفعلها في التوقيت والمكان المناسب..

عادي..عادي..كل شيء عادي...



قد ترتكب جريمة عندما تجد نفسك مرتطما عن غير قصد بشخص في الشارع

وعندما ترفع رأسك تجد نفسك أمام جثة ضخمة

تلوك العلك في فمها وتضع على وجهها مهرجانا من الألوان الفاقعة،

والشر يتطاير من عينيها وعندما تطلب منها الاعتذار

تسمعك من ألوان السباب

والشتائم ما يند له الجبين...

عادي...عادي....كل شيء عادي...